الشغف والقراءة والاطلاع والمعرفة.. كلها مهارات كانت النور الذي أضاء درب التميز والنجاح في البدايات حتى الوصول للعمل في السلك الدبلوماسي، ومن ثم تمثيل الإمارات، حيث قاد سعادة آمنة فكري لتتدرج في المناصب، وتصبح أول سفيرة غير مقيمة للدولة لدى جمهورية فنلندا، إذ حصلت على البكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية في الشارقة، وتم تكريمها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله؛ لتفوقها العلمي، ومن ثم حصولها على الماجستير في السياسة الاجتماعية والتنمية من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في بريطانيا (LSE)، حيث كانت من بين الحاصلين على بعثة ديوان الرئاسة للطلبة المتميزين علمياً، كما كانت الأولى على خريجي الدفعة الثانية من أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية في برنامج دبلوم الدراسات العليا.. «زهرة الخليج» التقت سعادة السفيرة آمنة فكري؛ لتضيء على تجربتها في العمل بالسلك الدبلوماسي، وما حققته من إنجازات، وما ترنو إلى تحقيقه مستقبلاً؛ فكان الحوار التالي:
• كيف كانت نشأتك وبدايات مسيرتك العلمية والمهنية؟
- كان لوالدي وأسرتي، منذ الصغر، دور محوري في تقديم الدعم الكامل لي، وتحفيزي على المضي قدماً في تحقيق طموحاتي، وقد نشأت على حب القراءة والمطالعة، وارتياد المكتبات العامة، والمشاركة في المعاهد الصيفية والسفر. هذه النشأة كان لها الأثر الكبير في صقل شخصيتي، وعززت حب اطلاعي على الثقافات الأخرى، ومعرفتها. من هنا كانت البداية، والسبب الرئيسي لاختياري تخصص البكالوريوس في العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في الشارقة، بعد إنهائي مرحلة «الثانوية العامة»، ثم حصولي على شهادة الماجستير في السياسة الاجتماعية والتنمية من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في بريطانيا (LSE).
• كيف كان التحاقك بالسلك الدبلوماسي؟
- إن شغفي بالعمل في المجال الدبلوماسي، وتعزيز مكانة الدولة على الصعيد الدولي، والمشاركة في المسيرة الخيرة التي تتبناها دولة الإمارات على طريق تعزيز قيم التسامح والسلام والتعاون والتعايش والتكاتف، ونظراً لدعم قيادة الدولة الرشيدة للمرأة في المجالات كافة، كل هذه العوامل دفعتني إلى أن أختار العمل في وزارة الخارجية والتعاون الدولي؛ لأصبح بكل فخر أول شخص من عائلتي يمتهن العمل الدبلوماسي، حيث لم يكن هذا المجال رائجاً، ولم يكن الخيار المفضل للعنصر النسائي حينها، ومنذ التحاقي بالعمل في الوزارة لم يقتصر الدعم على والديَّ، فقد حظيت بالرعاية والاهتمام والدعم من قياداتها.
• ما الصفات التي يجب أن تتوفر في الدبلوماسي، وتحديداً المرأة؟
- علمتني تجربتي، من خلال العمل في السلك الدبلوماسي، أنه ينبغي أن يتوافر لدى الدبلوماسي الشغف والاطلاع والمعرفة، وحب القراءة والثقافة، إضافة إلى سعة ورحابة الصدر لتقبل الآخر واحترام الاختلاف، ونظراً إلى أن العمل الدبلوماسي مملوء بالتحديات والمتغيرات، فإن المرونة والقدرة على التكيف من الصفات الضرورية لمن يعملون بالسلك الدبلوماسي.
نجاحات متميزة
• لا بدّ أن هناك من كان مصدراً لإلهامك؟ فمن الشخصية التي تأثرت بها؟
- إن النجاح الذي حققته المرأة في المجالات كافة، والدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة لتمكين المرأة، كانا مصدر إلهامي، حيث تزخر دولة الإمارات بقصص نجاح للمرأة في مختلف المجالات، إذ كنت أهتم وأقرأ وأبحث في مسيرات النساء اللاتي حققن الإنجازات الكبيرة، وكيفية وصولهن وتوليهن مناصبهن القيادية، وكم حفزتني وزادتني فخراً رؤية سفيرات إماراتيات يمثلن الدولة خير تمثيل في عدد من الدول والمحافل الدولية، فقد مهدن لي - ولكل الدبلوماسيات من بعدي - هذا الطريق، والانضمام للسلك الدبلوماسي بكل ثقة وعزيمة وإصرار.
• حققت نجاحات متميزة في السلك الدبلوماسي.. فهل هناك رابط بين العمل الدبلوماسي وتطوير العلاقات بين الدول والمهارات الشخصية؟
- عندما التحقت بالعمل في وزارة الخارجية والتعاون الدولي كنت ومازلت محظوظة جداً، لأنني لمست كل الدعم الذي تقدمه للشباب، والحرص على تشجيعهم وتمكينهم، وكان لي الشرف، ولكثيرين غيري من الزملاء الدبلوماسيين الشباب، بالعمل في الوزارة تحت قيادة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، فهذه الفرص الاستثنائية والمميزة أَثْرَتْ تجربتنا الدبلوماسية، وصقلت شخصياتنا، وطورت مهاراتنا.
• من الشخصية التي تعلمت منها، وتركت في نفسك أثراً بمجال السلك الدبلوماسي؟
- تلقينا الدعم من القيادات العليا في الوزارة، وأخص بالذكر معالي أحمد الصايغ – وزير دولة، حيث تشرفت بالعمل المباشر مع معاليه في العديد من الملفات المهمة، فقد كان موجهي ومعلّمي وقدوتي، ومازلت أتعلم منه. وأيضاً لا أنسى فريق العمل الاستثنائي ودعمه لي في مختلف المراحل، فقد حظيت أيضاً بالعمل مع أفضل الطاقات الشابة وتعلمت منها الكثير، لاسيما أهمية العمل بروح الفريق الواحد، إذ تحرص الوزارة على تطوير كفاءاتنا ومهاراتنا لنقدم الأفضل، لاسيما من خلال الالتحاق بأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، هذه المؤسسة الرائدة التي أفخر بأنني كنت الأولى على الدفعة الثانية من خريجيها في برنامج دبلوم الدراسات العليا، فقد أعدتنا بالمهارات والمعرفة المتعمقة لبناء مستقبل واعد بكل عزيمة واجتهاد.
دور محوري
• لعبت المرأة الإماراتية دوراً محورياً في نهضة ونمو دولة الإمارات وتطورها.. كيف ترين هذا الدور؟
- آمنت القيادة الرشيدة، منذ تأسيس الاتحاد، بأهمية دعم وتمكين المرأة؛ لتكون شريكاً أساسياً بجانب الرجل في عملية بناء الوطن ونهضته وتنميته، وقد آتت هذه الرؤية ثمارها، فكل ما تم تحقيقه من إنجازات مشرفة وريادية خلال الـ50 عاماً الماضية، كان بسواعد إماراتية من النساء والرجال معاً. وهنا لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان إلى قيادتنا الرشيدة، وإلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، تقديراً وعرفاناً لجهود سموها الحثيثة منذ قيام اتحاد وطننا الغالي؛ لتمكين المرأة ودعمها في مختلف المجالات، وجميع الصعد، لتتبوأ - بالتالي - مكانة مميزة ومرموقة، إلى أن أصبحت مثالاً يحتذى في المستوى العالمي.
• ما النصائح التي توجهينها إلى الفتيات الراغبات في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي؟
- المرأة الإماراتية، اليوم، محظوظة بثقة القيادة الرشيدة ودعمها في المجالات كافة، وكذلك الحال في وزارة الخارجية والتعاون الدولي؛ إذ تساهم المرأة بشكل فاعل في النهوض بالدبلوماسية الإماراتية، حيث تشكل المرأة نحو 43% من إجمالي موظفي الوزارة، ما يؤكد أنه لا يوجد هناك سقف لطموح المرأة الإماراتية، وما يمكن أن تحققه. وبالتالي، علينا جميعاً أن نستثمر كل الفرص المتاحة، وأن نبني على النجاحات والإنجازات التي حققتها المرأة الإماراتية حتى اليوم، بالعمل معاً يداً بيد. وأقول لفتيات المستقبل: أنتنّ الأمل الواعد والمتجدد، ليس للفتاة الإماراتية فقط، بل لفتيات العالم.
• هل حققت ما تحلمين به؟ وما الطموح الذي لم يتحقق بعد؟
- ليس هناك سقف للطموح والأحلام، فهي كثيرة ومتجددة. فعلى الرغم من أنه كان لي الشرف وعظيم الامتنان بأن حظيت بثقة القيادة الرشيدة لأكون أصغر سفيرة إماراتية، فإن ذلك لا يزيدني إلا تواضعاً وشعوراً بالمسؤولية والعزيمة والإصرار لتقديم الأفضل إلى وطننا الحبيب، والارتقاء بالدبلوماسية الإماراتية إلى آفاق جديدة. فثقة القيادة الرشيدة أمانة غالية جداً تحتم علينا - كشباب إماراتيين - مواصلة العمل الجاد والدؤوب؛ لتحقيق الرؤى المستقبلية، وتعزيز مسيرة التنمية المستدامة للدولة ومكانتها على مختلف الصعد.