غالباً يظهرون بين شعبتين، بين عامين، يظهرون فجأة على عتبة تتوسط الذاكرة الراحلة، والإلهام القادم بالفطنة الخفية، تقريباً يكون ظهورهم في حياتنا من شهر نوفمبر من السنة المودِّعة إلى فبراير من العام الجديد، وكأننا بهم في حالة شروق من نبع إلهاميّ أزليّ، أُرسلوا إلينا للحماية والرعاية والتَّرَشُّد والسلوان. ربما كانوا جزءاً من تاريخ الرحلة، ربما كانوا الحقيقة التي سعينا إلى البحث عنها لسنوات. لكن، لسبب ما، وكجزء من أسرار التدبير الإلهي وعرفان الوجود، بقيتْ أدوارهم متأهبة في دائرة الاكتفاء بالحماية عن بُعْد، ريثما يُكْرِمنا الحدس بالتجلي، وتسطع نجمتهم على فضائنا المنتبه إلى الإشارات.
المساعدون على الطريق يجدون جذورهم في الأرض من خلالنا، يشعر المرء - بقربهم - بأنه مُلهم وواثق وشجاع.. ومُحاط ومدعوم من قوى غير مرئية، فهم على وفاق مع عوالم الأجنحة والحرية الداخلية، وحدث في «اللازمن»، حيث موطن العقود الروحية، أن اتفقنا على التلاقي في توقيت الإصغاء للحكمة.
المساعدون على الطريق يصلون إلى حياتك محمَّلين برسالة الحب الصافي دون مقابل؛ فـ(الهدف هو الرحلة نفسها). هذه الرسالة الأولى، إكمال الطريق وفق تسليم تام، والاستمتاع بالحياة دون صراع، وتكون مثل الطفل الذي حملتْ روحه نضج الفراشات، يسمح لنفسه بالرقص والغناء والاندهاش بلُطف وهدأة، حينها يأتي النور، وتنكشف الأسرار بشكل طبيعي، فكل شيء يمكن أن يتحول إلى تأمل واسترخاء، والشيء الوحيد المطلوب لذلك، هو إضافة عدم الجديّة والتوتر إلى تفاصيل الرحلة.
المساعدون على الطريق يأتون من زمن الإشارات والأسرار، والمُحبون يأتون من دلالة هادئة هائمة بصوت خافت. البعض منهم يتقدّم إليك ملبياً نداء روحك، تستلم الرسالة منه بمحبة عامرة بالدهشة، يستأذنك بالرحيل ثم يمضي كلاكما في طريقه الخاص، وقد يكون هذا الرحيل مؤقتاً، مجرد افتراق عند محطة الترقي الإدراكي، الذي يعينك على التوسع في الدرب وحيداً دون مساعد. وما إن يتسع الطريق بك؛ ستجد المساعد نفسه ساطعاً مضيئاً دروبك من جديد. وقد لا تجده أبداً، غير أن ذكراه العميقة لا تلبث أن تتجسّد في الأشياء والمواقف وأصعب الأحداث؛ لتكون روحه دليلاً لمشوارك الجديد!
المساعدون على الطريق يظهر البعض منهم في حياتك آخذاً بيدك وقلبك وروحك، ويشاركك ما تبقى من فضاءات وتحديات وألغاز وأمنيات، وكأن ثمة عهداً قديماً أو نذراً أزلياً بينك وبينه. ستجمعكما الأحداث، وتوحد بينكما التجارب والآفاق، وسيشع بريق التآخي، وتنمو واحة الخلّان.
ما بين عامين من النضج والتوسع والوعي والراحة الروحية، كن في عوالمك مُتقبِلاً ومُنتبهاً ومستعداً دائماً، سيتسع الطريق فجأة، ويتهادى المساعدون نحوك، مُقبلين بالدعم والبشارة. أُجزم بأن رحلتك - بعد انضمامهم - ستأخذ منحىً جوهرياً آخر تماماً، أكثر سحراً وعمقاً واحتواءً وسرياناً.. إنها ولادة جديدة فريدة.. فاستقبل الحياة!