يعتقد البعض أن الاكتئاب الموسمي يحدث في فصل الشتاء فقط، ولكن الحقيقة أن الاضطراب العاطفي الموسمي يحدث في الشتاء والصيف.
ويمكن القول إن هذا المصطلح بدأ عام 1984، عندما نشر الطبيب والباحث النفسي نورمان روزنتال، أول ورقة بحثية عن الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD )، والذي يُطلق عليه أيضًا الاكتئاب الموسمي، والذي يحكي فيه عن الاكتئاب الذي تسببه أيام الشتاء المظلمة.
ووجدت الدراسات اللاحقة أن هذا النوع من الاكتئاب يختلف حسب المنطقة الجغرافية، ويؤثر بشكل خاص في أولئك الموجودين في خطوط العرض الشمالية، والمثير للدهشة أن حوالي 10 في المائة من المرضى يعانون أعراض الاكتئاب في فصل الصيف.
مزاج سيء مقابل مزاج حزين
يقول الخبراء إنه من الطبيعي أن تتقلب الحالة المزاجية مع المواسم وحتى أن يشعر الناس بقليل من الإحباط في الشتاء، لكن أولئك الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي يعانون أعراض الاكتئاب السريري، مثل فقدان الاهتمام بالأشياء، وتغير النوم، وتغير كبير في الأكل أو الشهية، وفقدان الطاقة، والتعب، وصعوبة في التركيز.
وفي عيادة أبحاث الاكتئاب الشتوية بجامعة ييل، فإن الأعراض الأكثر شيوعًا لاكتئاب الشتاء هي فرط النوم أي الرغبة في النوم أكثر من المعتاد، وزيادة الشهية، إذ يبدو الأمر كما لو أن البشر يحاولون السبات.
ويبدأ معظم الناس في الشعور بالأعراض في مرحلة الشباب، ولكن يمكن أن يبدأ الاضطراب العاطفي الموسمي في أي مرحلة من مراحل الحياة، كما تختلف الحالة أيضًا حسب الجنس.
في حين يتم تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي عادةً عندما يستوفي المرضى معايير الاكتئاب السريري، فإن بعض المرضى لا يصلون إلى هذا التشخيص الرسمي، وبدلاً من ذلك، يتم تشخيصهم بـ «اضطراب القلق الاجتماعي تحت السطحي»، وهي حالة أخف وطأة ولكنها لا تزال مرهقة.
لماذا يحدث اضطراب القلق الاجتماعي؟
إحدى النظريات الرائدة هي أن التغيير في ضوء النهار يعطل إفراز أجسامنا للميلاتونين، وهو هرمون يفرزه الدماغ كل ليلة لتعزيز النوم، وهذه العملية جزء من إيقاعنا اليومي، وساعتنا البيولوجية الفطرية تملي علينا وقت النوم والاستيقاظ.
وتقترح النظرية أن ساعاتنا مضاءة بضوء الصباح، ولكن مع تضاؤل إمدادات ضوء النهار في الشتاء، قد يتم إطلاق الميلاتونين لاحقًا ويتلاشى بوقتٍ متأخر.
وهذا يعني أن المنبه قد يدق في الصباح، لكن الجسد لا يزال في حالة ليلية بيولوجية، وقد يكون بعض الأشخاص حساسين بشكل خاص للجداول التي تعطل إيقاعهم اليومي من خلال البدء والانتهاء في ساعات غريبة، مثل العمل بنظام الورديات.
وحتى مع الأخذ في الاعتبار هذه النظرية، إلا أنه لا يزال من غير الواضح لماذا يؤدي اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية إلى الاكتئاب، بدلاً من مجرد الشعور بالإرهاق فقط.
ماذا عن اكتئاب الصيف؟
يعاني البعض من ظاهرة الاكتئاب في الصيف، ويصابون بأعراض الاكتئاب الموسمي، وربما يعود ذلك إلى الحرارة والرطوبة، لذا وبدلًا من الشعور بالخمول، غالبًا ما يشعر مرضى الاضطراب العاطفي الموسمي الصيفي بالعصبية والانفعال.
وفي العديد من الدراسات حاول العلماء معرفة ما إذا كان ارتفاع درجات الحرارة نتيجة لتغير المناخ قد يضر بالصحة العقلية، ووجدت دراسة أجريت عام 2018 عن الحالة المزاجية التي تم التعبير عنها على وسائل التواصل الاجتماعي أن اللغة الاكتئابية تزداد مع ارتفاع درجة الحرارة.
استخدام الضوء كعلاج
بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أنهم يعانون اضطراب القلق الاجتماعي، يقول الخبراء إن التشخيص المهني هو خطوة أولى حاسمة نحو العلاج، حيث أن الاكتئاب هو مشكلة صحية عقلية خطيرة، لذلك من الأفضل ترك الأمر للمختصين المدربين.
ويعد الجلوس أمام صندوق ضوء ساطع أحد أكثر العلاجات شيوعًا للاضطراب العاطفي الموسمي، حيث أن المفتاح هو البحث عن صناديق إضاءة توفر ضوءًا يعادل 10000 لوكس، وهو مقياس للسطوع، أي ما يشبه التواجد في الخارج في أحد أيام الصيف في شهر يوليو.
ويوصي الخبراء بالجلوس أمام الصناديق الضوئية لمدة 30 دقيقة تقريبًا، وعادةً ما يكون ذلك أول شيء في الصباح، للمساعدة في إرسال إشارة إلى الجسم بأن وقت الاستيقاظ قد حان. ويمكن أن يحسن هذا العلاج الحالة المزاجية في يوم استخدامه.
العلاج بالكلام وتغيير نمط الحياة
أحد العلاجات التي قد يكون لها فوائد طويلة الأمد هو العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وهو شكل من أشكال العلاج بالكلام، إذ أن التفكير السلبي يميل إلى توليد المشاعر السلبية، ونريد تغييرها إلى أفكار أقل سلبية، وأكثر حيادية، على سبيل المثال، يمكن إعادة صياغة عبارة «أنا أكره الشتاء» على النحو التالي، «الشتاء ليس فصلي المفضل، لكني ما زلت أجد أشياء أستمتع بها».
قد يساعد أيضًا العثور على هوايات فصل الشتاء
غالبًا ما يكون لدى الأشخاص المصابين باضطراب القلق الاجتماعي هوايات واهتمامات خاصة بالصيف مثل زراعة الحدائق، والذهاب إلى الشاطئ.
وبدلاً من السبات في فصل الشتاء تحت البطانية، نقترح إيجاد هوايات داخلية ليستمتعوا بها مثل الحياكة، أو الانضمام إلى نادي الكتاب، أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية.
إقرأ أيضاً: هل لأجسام المصابين بالسكري روائح تميزهم؟