وجد المهرجون في الأصل لبث الفرح في نفوس الأطفال، وغالباً يتمتع الأشخاص الذين يقدمون هذه الشخصيات بالقدرة على إجراء حركات بهلوانية جميلة، ويمتلكون روحاً رائعة، وأسلوب تعامل مميزاً، يمكنهم من جذب الأطفال إليهم. ولونت وجوه هؤلاء ووضعت لهم أنوف مميزة بهدف نشر الفرح بين الناس، إلا أن بعض الأطفال يخافون من أشكالهم التي يعدونها غريبة، وقد يبدو هذا الأمر منطقياً لحد كبير، لكن المستغرب أن بعض البالغين يعانون نفس هذا الشعور، وينفرون من رؤية أصحاب الوجوه الملونة، فما السبب الذي جعل من المهرجين سبباً في نشر الخوف والذعر في نفوس عدد من الأطفال والكبار على حد سواء؟
في مفارقة غريبة، فإن دراسة أجريت على الأطفال والبالغين، بيّنت أن نسبة الأشخاص الكبار الذين يخافون من المهرجين أكبر بكثير منها لدى الأطفال، إذ بلغت نسبة الأطفال الخائفين من المهرجين حوالي 1.2%، وارتفعت النسبة بشكل كبير لدى البالغين لتصل إلى 7.8%.
يقول أستاذ علم النفس، فرانك ماكندرو، إن لهذا الأمر جذوراً تاريخية قديمة، فقد نظر القدماء إلى المهرجين بأنهم أشخاص مشبوهون بشكل عام. ويضيف أن المهرجين وجدوا بالأصل في العصور الوسطى لأوروبا، وكانت غايتهم إخافة الناس وليس إسعادهم، وكان هؤلاء يتمتعون بصفات سيئة، وعرفوا بكونهم أشخاصاً مخادعين.
ويضيف الطبيب النفسي أن ابتسامة المهرجين صممت في تلك العصور أساساً لإخافة الناس، كما شوه بعضها من خلال قطع بعض العضلات التي تجعل الوجه عابساً دائماً.
وفي أسباب أخرى، يرجع عالم الأنثروبولوجيا، كلود ليفي شتراوس، سبب خوف الناس من هؤلاء بأن أشكالهم الحقيقية غير معروفة، وبالتالي فإن المحيطين بهم يعتقدون أن المهرجين يمتلكون الجرأة الكبيرة لفعل ما يريدون، كونهم يخفون أشكالهم خلف الأقنعة والألوان التي تغطي وجوههم، ويقول: إن الأقنعة بالفعل تمنح مرتديها حرية كبيرة جداً، لأن هويته صاحبها تبقى مجهولة بشكل تام لكل الأشخاص الذين يقابلهم، وبالتالي لن يتردد أو يتوانى في فعل ما يريد.
يقول الطبيب النفسي رامي نادر، لمجلة تايم، إن السبب الحقيقي لخوف الناس من المهرجين هو عدم معرفتهم بما يدور في ذهن الأشخاص الذين يرتدون هذه الأقنعة الملونة، وهم غير قادرين على معرفة تعابير وجوههم، وما تظهره من مشاعر تجاه الآخرين، وأضاف: "المهرجون يتنكرون بأزياء ووجوه ملونة ذات ابتسامات عريضة، لكن من يشاهدهم لا يعرف حقاً ما يشعرون به، ما يسبب شعوراً متأصلاً بعدم الثقة بهم، وأن ما يقدمونه للناس ليس ما يشعرون به بالفعل"، وهو السبب نفسه الذي ذكره المهرج الشهير "رينكلز"، خلال "وثائقي" يتناول قصته الفريدة بعنوان "رينكلز المهرج" (Wrinkles the Clown)، والذي قال فيه: "تعلم أن هناك إنساناً تحت هذا القناع، لكن لا تعرف هويته، ما يسبب شعور الناس بالخوف". كما لا يمكن إنكار دور الأفلام التي شوهت صورة الناس للمهرجين، وأظهرتهم بمظهر المجرمين والقاتلين والمرضى النفسيين.
إقرأ أيضاً: عمليات تصحيح النظر.. إليك كل ما تحتاجين معرفته