استدامة البيئة في الإمارات بدأت قبل 1971، وتستمر المسيرة حتى مئوية الإمارات 2071. فقد زرع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في نفوس أبناء الإمارات، ومجتمعها، مفاهيم الحفاظ على البيئة بحب الأشجار، والعمل على زيادة الرقعة الخضراء بكل الجهود والإمكانات المتاحة. وبالفعل، اتسعت مساحات الغابات والمزارع والحدائق في الإمارات، رغم كل المصاعب والتحديات بسبب طبيعتها الصحراوية.
واعتبر القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد، البيئة أمانة يجب الحفاظ عليها للأجيال المقبلة، ومن أقواله الشهيرة: «نحن، الذين نعيش الآن فوق هذه الأرض، مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا، والحياة البرية، وواجب علينا الوفاء لأسلافنا وأحفادنا، على حد سواء». وتنوعت الإنجازات التي تحققت في عهده في كل المجالات البيئية، منها: الصيد المستدام، وإعادة توطين المها العربي، وإنشاء المحميات، والإكثار من الحبارى، وغيرها من المبادرات المستمرة ودائمة التطور إلى اليوم، فاستحق طيب الله ثراه - بجدارة - لقب «رجل البيئة الأول».
حدائق ومتنزهات
أولى إشارات طموح المغفور له الشيخ زايد، الزراعي والبيئي، كانت إقامته عام 1964 أول حديقة على أرض الإمارات، هي حديقة الجاهلي على مساحة 120 ألف متر مربع، ثم عام 1969 إنشاء حديقتَي المعترض والسوق، ثم حديقة رماح التي افتتحها بنفسه في 3 أغسطس 1969، بعدها بدأت الحدائق والمتنزهات في مدينة العين تظهر واحدة تلو أخرى، وتزداد مساحاتها.
الرفق بالحيوان
كانت البيئة البرية والبحرية أحد أهم الجوانب، التي اهتم بها المغفور له الشيخ زايد، فأسس هيئة للرفق بالحيوان عام 1966، وضمت مراقبين تولوا حراسة الصحراء؛ للإشراف على تطبيق حظر صيد الحيوانات البرية.
شجر النخيل
عملية التشجير، التي أطلقها المغفور له الشيخ زايد عام 1969، كانت من أهم إنجازاته طيب الله ثراه نحو البيئة، حيث أمر بإنشاء غابات من الأشجار، التي لها القدرة على تحمل الظروف الصحراوية على طول وجانبَيْ طريق أبوظبي - العين، وفي مناطق طريف، وجبل الظنة؛ لتحسين الطقس، ونتيجة الجهود التي قدمها الشيخ زايد لنخلة التمر تطورت أعداد النخيل تطوراً كبيراً، فاق كل التوقعات حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن أعداد أشجار النخيل بالدولة قد ارتفعت من 2.3 مليون شجرة عام 1978، إلى 13.1 مليوناً عام 1990، واستمرت الأعداد في تزايد حتى وصلت عام 2003 إلى حوالي 40.3 مليون شجرة.
حدائق أبوظبي
وفي مدينة أبوظبي والمنطقة الغربية، نشر الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الخضرة والجمال، وصبغ الصحراء باللون الأخضر، فأصبحت وحتى عام 2004 تضم 49 حديقة ومتنزهاً داخل مدينة أبوظبي وخارجها، ولم يكن بها عام 1974 إلا حديقة واحدة هي الحديقة العامة بالخالدية.
حماية الحياة البرية
ثم قام، طيب الله ثراه، بحماية الحياة البرية، حيث أصدر أمراً بتأسيس حديقة الحيوان بالعين عام 1969، لحماية الحيوانات البرية من الانقراض، وأصدر - منتصف السبعينات - مرسوماً بيئياً آخر يمنع قطع الأشجار، سواء للاحتطاب أو لغيره من عمل طرق أو بناء، أو ما شابه ذلك. وفي عام 1977، شرع في استيلاد الحبارى بالأسر، وبذلك استبق جهود الأوساط البيئية العالمية التابعة للأمم المتحدة.
وبحلول عام 1995، عمل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على التحول من استخدام الصقور البرية إلى الصقور المُكاثرة في الأسر، لتُصبح دولة الإمارات - بعدها بسنوات قليلة - البلد الأول في الشرق الأوسط، الذي يعتمد كلياً على استخدام الصقور المُكاثرة في رياضة الصيد بالصقور.
يوم وهيئة للبيئة
كما أصدر المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قوانين عدة لحماية البيئة والثروة السمكية والحياة الفطرية، كان أشملها القانون الاتحادي رقم 42 لعام 1999، بشأن حماية البيئة وتنميتها. وفي إمارة أبوظبي تشكلت عام 1996 هيئة بيئية تسمى «هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها»، تعرف حالياً باسم «هيئة البيئة ـ أبوظبي»، وتهدف إلى حماية البيئة والحياة الفطرية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتعزيز الوعي البيئي، وإجراء الدراسات والبحوث اللازمة للحفاظ على البيئة وتنمية الحياة الفطرية.
وفي عام 1997، وافق مجلس الوزراء على تخصيص الرابع من فبراير كل عام يوماً وطنياً للبيئة في الدولة، وقد تم اختيار هذا التاريخ كونه ذكرى إنشاء الهيئة الاتحادية للبيئة عام 1993، باعتبارها أول هيئة حكومية مستقلة، تُعنى بالشأن البيئي على المستوى الاتحادي.
رؤية الإمارات 2071
وامتداداً لجهود المغفور له الشيخ زايد، كانت رؤية الإمارات 2071 بيئة عيش نموذجية وتحديات مناخية، حيث دشنت الإمارات، من خلال وزارة الطاقة والصناعة استراتيجية الأمن المائي للفترة (2018 - 2036)، لتعد الأولى من نوعها على المستوى الوطني.
كما أطلقت هيئة البيئة - أبوظبي «المئوية البيئية 2071» التي تمثل رؤية بيئية شاملة ومشتركة لإمارة أبوظبي للخمسين عاماً القادمة، وتؤكد التطلعات الطموحة لدى الهيئة وشركائها لجعل أبوظبي الأفضل عالمياً في الحفاظ على البيئة. وقد استوحت المئوية البيئية رؤيتها من «مئوية الإمارات 2071»، التي تطمح لأن تكون الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئة لقيام الاتحاد.
مدن مستدامة
كما تمتلك الإمارات، الآن، 7 مدن مستدامة، متسقة مع الهدف في (2020)، منها: مدينة مصدر النموذجية الصديقة للبيئة والمتصدرة قائمة المجتمعات العمرانية الأكثر استدامة في العالم، و«المدينة المستدامة» في دبي، باعتبارها أول مجتمع مستدام ينتج احتياجاته بالكامل من الطاقة إقليمياً، ويراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية كافة، ومدينة الشارقة، والبناء الأخضر في عجمان، والفيلا النموذجية في رأس الخيمة.