يستضيف المتحف الوطني السعودي، وللمرة الأولى، في المملكة معرض «الزمن.. الطبيعة.. الحب» لدار فان كليف أند آربلز، الذي يسلّط الضوء على عالم المجوهرات الكلاسيكية الراقية الخاصة بالدار. ومن المقرّر أن يُفتتح المعرض في 19 يناير 2023، وسيضم أكثر من 280 قطعة إبداعية، من المجوهرات والساعات والتحف الثمينة، التي تعود إلى بدايات الدار عام 1906، إلى جانب الوثائق المؤرشفة والرسومات وتصاميم جواش.. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا المعرض، نحاور ليز ماكدونالد Lise Macdonald، مديرة التراث في «فان كليف أند آربلز»، التي زارت دبي للتحضير للمعرض:
• أنت في دبي للتحضير لمعرض «الزمن.. الطبيعة.. الحب»، ما معايير اختيار المعروضات؟
- هو معرض يقام تحت إدارة ألبا كابيليري، أستاذة تصميم المجوهرات في جامعة بوليتيكنيك ميلان، ورئيسة معهد ميلانو للأزياء، وهي صديقة مقرّبة لدار فان كليف أند آربلز، لذا اخترنا معها أكثر من 280 قطعة، سيتم عرضها في هذا المعرض، بالإضافة إلى رسومات أصلية من أرشيف الدار. اقترحت ألبا على «فان كليف أند آربلز»، قبل خمس سنوات، هذه الفكرة للنظر في أعمال الدار وإبداعات المجوهرات والساعات، وإعطاء فهم لكيفية تضمين التاريخ وانعكاسه على الفنون في ذلك الوقت. واستوحت من عمل الكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو تحت عنوان «ست وصايا للألفية القادمة»، واختارت ألبا كابيليري مفاهيم أساسية، فسّرت من خلالها إبداعات الدار وعلاقتها بالزمن. وتنظيم المعرض حول ثلاثة مواضيع رئيسية، هي: الزمن، الطبيعة، والحب. لذلك شعرنا جميعاً بأنه اقتراح مثير للغاية لمواصلة الدراسة معاً. وهكذا، بالاشتراك مع فريق التراث، عملنا معها على اختيار هذه القطع. ولهذا، يتم تنظيم المعرض على طول الفئات الرئيسية الثلاث: الزمن، والطبيعة، والحب، في الداخل. ينظر القسم الزمني في تأثير انعكاسات هذا الكتاب لإيتالو كالفينو. وهكذا، سنرى أن الأمر يبدأ من الغرفة التي تنظر إلى باريس؛ لشرح كيف تم تأسيس الدار في Place Vendome في عام 1906. ثم تنتقل إلى مواضيع مثل الأماكن، وكيف كانت البلدان الأخرى مصدراً هائلاً للإلهام بالنسبة لنا. ثم غرفة تُحاكي القيم التي يذكرها إيتالو كالفينو، وهي: الخفة، السرعة، الرؤية، الدقة، التعددية، والتناسق. أما الغرف التالية، فتسلّط الضوء على التقاطع مع عوالم فنية أخرى، هي: الرقص، الهندسة المعمارية، والأزياء الراقية. ويركز القسم الثاني على الحب، وهو في الحقيقة حول قصص الحب. ويبحث القسم الأخير في الطبيعة، سواء كانت حيوانات، أو نباتات بأوراق الشجر، أو أزهاراً.
• هل هذا جزء من الأسلوب الفريد للدار؟
- في الواقع، المعرض بأكمله يمثل الأسلوب الفريد للدار، وهذا هو السبب في أننا صنعنا تلك المجموعات، مثل: الخفة، والرقص، والتعددية التي تدور حول قابلية التحول. كل هذه الموضوعات انعكاس للحمض النووي لجذورنا، ومن نحن، وماذا نحن. إذاً، المعرض في الأساس عبارة عن رحلة، وبمجرد دخولك ستمضي في هذه الرحلة التاريخية.
• كم من الوقت يستغرق التحضير للمعرض؟
- إنه مشروع كبير جداً؛ لذا الكثير من الناس يعملون عليه. كان المكان الأول في ميلانو، قبل «الجائحة» مباشرة. والآن، يتم عرضه في شنغهاي، والمكان التالي في الرياض. وللإجابة على سؤالك، من أجل التحضير لمعرض من الصفر، تحتاج إلى عامين على الأقل، وذلك للقيام باختيار القطع، للعمل مع الفنانين والمصممين لبناء المعرض وكتابة الكتالوج. ونحن نعمل منذ خمس سنوات، لأنه كانت هناك أماكن متعددة، ونأمل أن تستمر في مكان آخر؛ لأننا نشعر بأن كل هذه الموضوعات عالمية؛ فهو معرض يمكن أن يخاطب الجمهور في جميع أنحاء العالم.
إرث من الإبداع
• يتطلب التحضير عامين للمكان الأول، وبعد ذلك يصبح الأمر أسهل.. أليس كذلك؟
- إنها ليست مسألة أن يكون أسهل، بل أن تكون مختلفاً؛ فلايزال عليك التخطيط كثيراً، عليك أن تعيد التكيف، والتصميم، وتدفق المواد، لقد غيرنا بالرياض في استخدام المواد. على سبيل المثال، عملنا على عناصر إضافية لمدينة الرياض، ولأول مرة سنعرض محطات لمسية للزوار المعاقين بصرياً، وهذا شيء جديد لم يتم تطويره من قبل.
• ما الذي ركزت عليه منذ انضمامك إلى الدار مديرةً للتراث؟
- الكثير من المشاريع التي تزدهر بمشاريع مختلفة في صميم هويتنا، والتأكيد على القيم المميزة للدار، وهي: الإبداع، ونقل المعرفة، وتاريخ الدار، وحرفيتها، والرعاية، هي الدور الأساسي لفريق التراث. ويمكن القيام بذلك داخلياً مع جميع أقسام الاتصالات المختلفة، والتسويق، والاستوديو، وورش العمل. بالطبع، لقد عملنا عن كثب مع جميع الزملاء الذين كانوا جزءاً من الإحاطة. ثم إبداعات اليوم؛ ننظر إلى الماضي والحاضر والمستقبل. إنها ليست نسخة أبداً، إنها دائماً إعادة تفسير.
• كيف شكّلت خبرتك، وتجربتك الواسعة، الطريقة التي تتعاملين بها مع التاريخ الثري للدار؟
- أنت تنظر إلى الإرث، سواء كنت تفعل ذلك من منظور المتحف، أو تفعله من منظور «فان كليف»، أو من منظور أعلى، في نهاية اليوم هو الشيء نفسه. تنظر إلى التاريخ، إلى ماضيك، وتحافظ عليه، وتدرسه، وتقوم باكتشافات جديدة، ثم تشاركه بطرق مختلفة، سواء كان ذلك من خلال المنشورات، أو رقمياً، أو من خلال المعارض. لذا، في كثير من النواحي، تساهم تجربتي بعالم المتاحف في ما أفعله يومياً بالدار. لقد دخلت هذا المجال منذ خمس سنوات، مع خلفية من دراسات المتاحف، وتاريخ الفن. والآن، أفعل ذلك من منظور دار مجوهرات، لكننا نعمل بشكل وثيق جداً مع كل صناعة المتاحف، والصناعات الثقافية، ونشارك، وننظم المعارض، عليك أن تتكيف مع بيئة مختلفة، فدار المجوهرات ليست دائماً متحفاً، إنها شيء مختلف. لكن المهمة الأساسية لقسمنا، تشبه إلى حد بعيد المهمة الأساسية لأي قسم متحفي، وهي الحفاظ على الإرث ورعايته وحمايته ومشاركته مع الجمهور، وفهم من نحن، وتقنيات كل هؤلاء الحرفيين الرائعين.
قطعة خاصة
• ما الذي يميز «فان كليف أند آربلز»، ويحافظ على بريقها وجاذبيتها الدائمين؟
- الدار مرتبطة بالماضي بهويتها التي تستمر بإعادة إنشائها؛ إذ لا توجد حدود للإبداع. لذا، هي تتقدم إلى الأمام، فالتقنية تدفع إلى الأمام بطرق جديدة في العمل، والعلاقة مع الشعر بالجمال، بجانب هذه الرؤية الإيجابية جداً للحياة، التي هي هويتنا، والحفاظ على هذه الهوية مع النظر إلى الماضي، وإيجاد مستقبل جديد.
• هل هناك قطعة معينة لديك ارتباط بها في المعرض؟
- هنالك الكثير من القطع، ومنها قطعة في «غرفة الحب»، وهي عقد كان يخص إليزابيث تايلور، مع وجود رأس أسد، كان يسمى «عقد الجدة»، إنه جزء من مجموعتنا التراثية، وهو هدية من زوجها ريتشارد بيرتون قدمها إليها بمناسبة ولادة حفيدهما الأول؛ لهذا يسمى «عقد الجدة»، وهو قابل للتحويل، ويمكن ارتداؤه كأساور وبطرق مختلفة، وهو مصنوع من الألماس والذهب، فالعقد جريء للغاية، ويناسب إليزابيث تايلور كثيراً.
• هل صُنعت هذه القطعة خصيصاً لها؟
- نعم، إنها قطعة فريدة، وهي مميزة جداً بالنسبة لي؛ لأنني أعتقد أنها جريئة للغاية، كما تدل على تقنية عمل الحرفيين. وبالطبع، من الواضح دلالتها على أنها حب الطبيعة بسبب الإشارة إلى الأسد، وهناك أيضاً إشارة دقيقة إلى الهندسة المعمارية في هذه القلادة؛ لأن رأس الأسد يحمل بأسنانه نوعاً من الخاتم، إنه ليس خاتماً لارتدائه، بل هو دائرة تعبر عن تفاصيل منازل البندقية، التي تطرق أبوابها بواسطة مطرقة الدائرة، وهذه هي الطريقة التي تفتح بها؛ حتى تحصل على هذا التصميم الجريء للغاية. إنه، أيضاً، رمز للحب، وعنصر من عناصر التحول، وتفاؤل مميز، كما أنه يجسد حب الطبيعة.