كُنت في رحلة علاجية مؤخراً، وبينما أنا منشغلة ببعض المراجعات الطبية؛ انتشر مقطع يُدفئ القلب وهو من لحظات حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ختام الدورة السادسة من «تحدي القراءة العربي»، وتحديداً دموع صاحب السمو بعد استماعه إلى الطفلة مريم أمجون، تقرأ بعض الجمل من كتاب «قصتي»، التي تحدث فيها سموه عن سيرة والدته الشيخة لطيفة، رحمها الله. دموع لقائد إنسان لمست قلبي وقلب من استمع للكلمات في وصف المشاعر والظروف، التي أحاطت بوفاة والدته.
أعلم أنكم عندما تقرؤون سطوري، سيكون قد مرّ وقتٌ على ذلك المقطع من «تحدي القراءة العربي»، لكنّ هذه الرمسة ولدت من معاني بُكاء الإنسان، واحتياجنا له، وعفوية القائد الذي لامست ذكرى الأم أوتار قلبه، وتلاشى المكان والزمان، كأنّ الدموع زر إعادة ضبط إعدادات الروح والقلب، فهذا ما أحسست به وأنا أدعو للشيخة لطيفة ولكل أم انتقلت إلى رحمة الله بالرحمة والمغفرة ولأمي وأمّهات الجميع ببركة العُمر والدموع تغمر وجهي، فتسارعت الأفكار في رأسي حول ما حدث للإنسان مع ازدياد سرعة الحياة، واندفعت لأكتبها، وأشارككم إياها.
كلّ الأشخاص الأعزّاء في حياتنا هُم فرصة لا تتكرر في عُمرنا ماداموا أحياءً، ويبقون ذكرى تُدفئ القلب بعد رحيلهم كذكرى الأمهات؛ لذا لنحرص على الاستمتاع بصحبة من لا يتكررون، ونتقن صناعة الذكريات كتلك التي كتبها صاحب السمو في وصفه للأم، وسند القائد، وصديقة نساء دبي، وغيرها الكثير من اللحظات التي خرجت دموعاً أبكته وأبكت من شاهد المقطع. لذا، توقفوا لتستجمعوا اللحظات، وسط سرعة الحياة التي أخذتنا في أحيان كثيرة من أنفسنا وممن حولنا.
ضغوطات الحياة متزايدة، وكثيراً ما تجعلنا ننسى أننا خُلقنا وداخلنا مساحة للتنفيس عن ذاتنا، لكن لنتمكّن من الهدوء والاستراحة، ونعثر على الطريق إلى هناك، نحتاج أن نأخذَ نفساً عميقاً، ونندفع باتجاه من نُحبّ وما نُحبّ، حتى إن اعتقدنا خطأ أنّه ليس هناك وقت كافٍ لكل شيء.
الإنسانية ليست ضعفاً، بل قيمة ثمينة في القادة الحقيقيين، وهو ما قالته لنا دموع سموه، وفي رمستي هذه أتوجّه إلى كل مدير أو ربّ أسرة أو أخ، وحتى النساء في المواقع القيادية، وأقول: نجاحكم المستدام وطويل الأمد مرهون بإنسانيتكم، فالدول التي نجحت وتفوقت كان الإنسان مركز انطلاقها في كل مشاريعها ومبادراتها، وكذلك المؤسسات والأسر السعيدة، فلطفكم مع من يحيطونكم، ومراعاة احتياجاتهم، يجعلان كل الأدوار التي تقومون بها أعمق معنى، وأكثر نجاحاً، والكلمة الطيبة التي تعتقدون أن الآخرين بحاجة لها تكونون أنتم أكثر حاجة إلى أثرها حولكم وفي قلوبكم.. فلا تدخروها.