قد يعتبر البعض أن ما حققه المنتخب السعودي جاء من قبيل الصدفة، أو أنه لا يعدو كونه ضربة حظ قد لا تطول كثيراً، إلا أن العقل والمنطق يرفضان هذه الادعاءات، فقد كان وراء هذا الظهور المشرف عمل شاق وطويل، وجنود مجهولون كثر، ورحلة إعداد مثالية وطريقة لعب تدرب عليها الفريق منذ زمن.
يعرف أهل كرة القدم وعشاقها جيداً أن أي انتكاسة كروية لأي فريق في العالم، لها ضحية واحد لا غير، وهو ربان السفينة، أي المدرب الذي يعلق "كبش فداء" مع كل إخفاق، لكن مع النجاحات الكبيرة والعظيمة قد لا ينال هؤلاء المدربون حقهم من التقدير.
وفي حالة المنتخب السعودي، أثبت ربان سفينة الخضر أنه قائد عبقري، وأن اختياره من قبل مسؤولي الاتحاد السعودي لكرة القدم لم يكن عبثاً.
فمن هيرفي رونار، الذي سطر اسمه بحروف من ذهب وياقوت في تاريخ كرة القدم العالمية، عندما قاد الكتيبة الخضراء لقلب كل التوقعات، وتسجيل واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ كؤوس العالم كلها، كيف لا وقد اجتاز المنتخب الذي يتصدر ترشيحات الفوز بالبطولة، ويقوده أفضل لاعب في العقدين الماضيين ليونيل ميسي؟
هيرفي رونار صانع الإعجاز
لم يحفل رونار، المولود في شهر سبتمبر عام 1968، بمسيرة مثالية كلاعب كرة قدم، إذ إنه بقي يلعب لأندية مغمورة، ولم يكن اسماً لامعاً في عالم كرة القدم.
وللمفارقة أيضاً، أن مسيرته التدريبية، التي انطلقت عام 1999، كانت ذات بداية خجولة ومتواضعة، ولم تحقق المأمول منها لكن توليه مهمة تدريب منتخب زامبيا عام 2012 شكل علامة فارقة في حياته، إذ إنه استطاع قيادة زامبيا للفوز بلقب بطولة كأس الأمم الإفريقية لأول مرة بتاريخه، لترتفع أسهم المدرب بشكل كبير، ويسطع اسمه كواحد من أهم المدربين في العالم.
بعد انسحابه من تدريب زامبيا، تولى رونار تدريب منتخب ساحل العاج، وأعاد معه ذات الإنجاز الذي حققه رفقة زامبيا، وتوج مع ساحل العاج بطلاً لإفريقيا عام 2015، لتتجه إليه أعين الاتحادات الوطنية في مختلف بلدان العالم، ويحظى المنتخب العربي المغربي بالتوقيع معه لقيادة منتخبه الوطني.
ولم يخيب رونار آمال المغاربة وقادهم للتأهل لمونديال 2018، لكن سوء حظه وضعه في أصعب المجموعات على الإطلاق، إذ لعبت المغرب في تلك البطولة أمام كل من: إسبانيا والبرتغال وإيران، وغادرت البطولة من الدور الأول بنقطة يتيمة.
السعودية
لفت رونار أنظار مسؤولي كرة القدم السعودية، وهم يتحضرون للمشاركة في مونديال قطر 2022، ليقرروا التعاقد معه، وقد تم الإعلان رسمياً عن هذا الأمر في شهر يوليو عام 2019، ليبدأ رونار مسيرة إعداد الأخضر، ويكون أول مدرب فرنسي يشرف على منتخب السعودية.
وكما يعلم الجميع استطاع المدرب الفرنسي نقش اسمه بعالم كرة القدم، عندما قاد السعودية يوم أمس للفوز على منتخب التانغو، وقدم أداءً رفيع المستوى يبشر بمسيرة طيبة للسعودية.
وقد علق المدرب الفرنسي، هيرفي رونار، على هذا الفوز، قائلاً: "من الممكن أن تلعب هذه المباراة 10 مرات، ولا تفوز إلا مرة واحدة، وهذا ما حصل اليوم، لا تعرف أبداً ماذا سيحصل في كرة القدم، كنا نستحق الفوز في هذه المباراة".
إقرأ أيضاً: بعد انتصار السعودية.. إليكم سجل فوز العرب بالمونديال