البشر كائناتٌ اجتماعيةٌ بطبعها، فهي تعشق التواصل وتحب أن تعيش ضمن جماعات، ورغم ذلك هناك من يرغب أن يعيش في عزلةٍ ووحدةٍ بعيدةٍ عن الآخرين، فهي عاطفةٌ لطالما حاول الشعراء والكتّاب التقاط معانيها والحديث عنها.
ولكن يجب معرفة أن العزلة هي أكثر من مجرد شعور، فهي بحسب وصف الباحثين كارثة ومرض وحالة يجب التعامل معها على أنها مرض معدٍ وقاتل في الوقت عينه، إذ يعتبر الافتقار إلى التواصل الاجتماعي أكثر خطورة من التدخين والسمنة، وبالتالي فمن المنطقي أن يتم ترجمة الشعور بالوحدة إلى أمراض جسدية.
كما أن العزلة تؤذي عاطفياً ونفسياً، وتؤدي ضغوطها إلى خسائر جسدية، حيث ترتبط الوحدة المستمرة التي تستمر لأكثر من أسبوعين، بارتفاع ضغط الدم والاكتئاب وأمراض القلب والسكتة الدماغية بما في ذلك مرض الزهايمر.
ويمكن القول أن احتمالية الوفاة المبكرة ترتفع لدى الأشخاص الوحيدين وللأشخاص الذين يعيشون بمفردهم، لذا فنحن بحاجة إلى أن نأخذ علاقاتنا الاجتماعية على محمل الجد مثلما نتعامل مع نظامنا الغذائي وممارسة الرياضة والتغذية وكل شيء آخر نعرفه يؤثر على صحتنا.
لماذا نشعر بالوحدة أكثر من أي وقت مضى؟
هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء ذلك، فمثلاً بدأ الكثير من الناس يضطرون للعيش لوحدهم بسبب عملهم أو دراستهم، كما أن التطور السريع للتكنولوجيا ساهم في إفقادنا متعة التواصل الحقيقي مع بعضنا البعض، إضافةً إلى أننا عشنا تغييرات اجتماعية دراماتيكية في السنوات القليلة الماضية، والوحدة هي بالتأكيد جزء من ذلك.
صداقات منتصف العمر مهمة
تختلف الأسباب التي تجعلنا نشعر بالوحدة في وقت مبكر مقارنة بأواخر منتصف العمر، فالسنوات السابقة هي الوقت الذي يمكن أن تتلاشى فيه الصداقات الطويلة لأننا نزيدها في العمل ونقضي ساعات سعيدة مع الزملاء الذين يمكنهم مساعدتنا في المضي قدمًا، ولكننا أيضًا في منافسة.
وقد يتم استبدال أصدقاء الطفولة بـ "أصدقاء" جدد، الأشخاص الذين ليس لدينا معهم تاريخ ولدينا القليل من القواسم المشتركة باستثناء الأبوة والأمومة. وغالباً ما لا يكفي وجود أشخاص عشوائيين، خاصة أولئك الذين يخدمون غرضاً وظيفياً أكثر من غرض عاطفي، لدرء الشعور بالوحدة.
إقرأ أيضاً: الحموات أنواع.. كيف تكسبين قلب حماتك؟
ومع مرور منتصف العمر والوصول إلى الأربعينيات، تبدأ السقالات الاجتماعية في الانهيار، يموت الآباء ويبتعد الأطفال ويفقد الناس وظائفهم، وقد نكون مشغولين للغاية بحيث لا يمكننا التعامل بشكل صحيح مع التداعيات العاطفية، والشعور بالوحدة يبلغ ذروته في الخمسينيات، لذا من الواجب الحصول على أصدقاء حقيقيين للتواصل معهم.