تتفاوت الأمراض النفسية في مستواها، حتى إن نفس المرض يصيب الإنسان بدرجات متفاوتة، إلا أن بعضاً منها يشكل حالات رعب حقيقية، ويعتبر مرض "وهم كوتار" (متلازمة كوتار) من أكثر هذه الأمراض غرابة ورعباً.
ويعرف "كوتار" باسم آخر يشير إلى الرعب والخوف، هو "متلازمة الجثمان السائر"، أي أن صاحبه يرى نفسه جثماناً يسير في هذه الدنيا. ويصف مقال سابق، نشرته مجلة "الباحثون المصريون"، هذا المرض بأنه حالة نادرة، يعتقد المصاب به خلالها بأن جزءًا من جسده قد مات، ويصل الأمر بالبعض إلى أن يؤمنوا بأنهم ميتون ويسيرون في الأرض، فهم غير موجودون أصلاً.
وغالباً يصل المريض لهذه الحالة نتيجة تطور إصابته بالاكتئاب، وعدم معالجة حالته في وقت مبكر، ما يؤدي إلى إصابته باضطرابات نفسية متلاحقة، تصاحبها غالباً اختلالات عقلية وعصبية، تدفعه للاعتقاد بشكل جازم بأنه شخص ميت.
ويمر هذا المرض، الذي تم اكتشافه منذ وقت طويل وتحديداً عام 1882، بمراحل عدة، وتبدأ المرحلة الأولى غالباً بالإصابة بالاكتئاب والوسواس القهري، ثم ينتقل المريض إلى المرحلة الثانية التي يبدأ معها بالشعور بأنه ميت وغير موجود، أو أنه فقد بعض أجزاء من جسمه، وفي حال عدم تلقي العلاجات اللازمة، يذهب المريض إلى المرحلة الثالثة والأخطر، التي يدخل معها في اكتئاب شديد ومزمن يصعب التخلص منه، كما أنه يبدأ يعاني الوساوس والتوهم بدرجة كبيرة جداً.
وغالباً يعاني المصابون بـ"متلازمة الجثمان السائر" (وهم كوتار) الشعور بالعدمية، فلا يعني وجودهم في الحياة شيئاً بالنسبة لهم، وقد يشعر المصاب بأن جسده بدأ يتعفن ويموت، لكن الأدهى من ذلك كله أن البعض وفي حالات محددة يشعرون بأنهم لم يخلقوا من الأصل، فهم لم يوجدوا في الأساس، لكي يموتوا لاحقاً.
وكما ذكرنا سابقاً، تعتبر هذه المتلازمة مرتبطة تماماً بالإصابة بالاكتئاب، وتعتبر من حالات التطور الشديدة للاكتئاب، كما أن الاكتئاب يعد أحد أعراض هذه المتلازمة التي تبرز فيها أعراض أخرى، من أبرزها: (القلق، والهلوسة، وتوهم المرض، والشعور بالذنب، وإيذاء النفس).
وتعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض وفق عدد من الدراسات، كما أنه يصيب من تعدوا الخمسين أكثر من غيرهم الذين ليسوا بمناعة منه، لكن من المهم الانتباه للإصابة ببعض الأمراض التي يكون علاجها سهلاً في الأغلب، لكن إهمالها وعدم مراجعة الطبيب ربما يؤديان إلى تطورها إلى "وهم كوتار"، ومن أهم هذه الأمراض التي تجب مراقبتها جيداً: (اكتئاب ما بعد الحمل لدى السيدات، الاكتئاب الذهاني، اضطراب الهوية الانفصالي، واضطراب تبدد الشخصية)
وتتم معالجة هذا المرض غالباً من خلال الوصفات الطبية التي تضم عدداً من الأدوية، إضافة لجلسات العلاج النفسي والسلوكي، إلا أنه وفي حالات محددة، يتم استخدام جلسات العلاج بالصدمات الكهربائية، لكنها علاج غير محبب لما لها من نتائج وآثار سلبية.
إقرأ أيضاً: احذري.. مخاوف عقلية تدمر صحتكِ النفسية