قد يكون هو السؤال الأكثر شهرة على الإطلاق، الذي يوجهه الأهل لأطفالهم، وهم في سن صغيرة، بدافع المداعبة، أو التباهي من قبل أحدهما، بمن يحب طفلهما أكثر، وقد نكون حقاً من أولئك الذين سبق لنا أن سألنا أطفالنا: "من تحب أكثر بابا أو ماما؟".
وغالباً، يتسبب هذا السؤال للطفل بالصدمة والذهول وعدم القدرة على الإجابة، خاصة أنه يكون في سن صغيرة، ويصعب عليه فيها التفكير في كيفية إرضاء الطرفين، ويلتزم أغلب الأطفال الصمت أمام سؤال الأهل عمن يحب أكثر، فيما يحاول بعضهم كسب الاثنين، بالقول: "بحب ماما وبابا"، وآخرون يعبرون عن مشاعرهم الحقيقية بكل براءة، كأن يجيب أحدهم: "بابا أو ماما".
تقول الطبيبة النفسية المختصة بالأسرة والطفولة، سهير هاشم، ضمن سلسلة نصائح توعوية، تقوم بنشرها عبر منصاتها في "السوشيال ميديا"، إنها تعرضت لمثل هذه الأسئلة في صغرها، وكان هو السؤال الأكثر إزعاجاً لها على الإطلاق.
وتضيف أن العادة جرت أن يقوم شخص مقرب من العائلة بسؤال الطفل الصغير: "عمو مين بتحب أكتر.. الماما أو البابا؟"، مسبباً الحيرة للطفل، ولو أجاب بأنه يحبهما الاثنين، يلح هذا الشخص عليه ويكرر السؤال ليحصل على إجابة واحدة، وأن هذا الإلحاح قد يدفع الطفل للبكاء أحياناً، قبل أن يقوم باختيار أحدهما لإرضاء فضول هذا الشخص.
وتؤكد الطبيبة النفسية أن هذا التصرف لم يعد يوماً تصرفاً سليماً على الإطلاق، وليس من الصحيح أن نسأل الطفل عن هذا الأمر، وأن نخيره بين شخصين، هما الأحب لقلبه في هذه الدنيا.
وتكمل الأخصائية النفسية أنه في حال اضطر الطفل للإجابة على الخيارين اللذين وضع فيهما، فإن إجابته قد تتسبب بجرح مشاعر أحد والديه، وهو الطرف الذي لم يختره ليكون من يحبه أكثر، كما أن الطفل حساس بطبيعته، وقد يتأثر كثيراً بهذا السؤال، الذي لا هدف منه سوى التلاعب بمشاعره، ولا يمكن له أن يؤدي لأي نتيجة إيجابية.
وتكمل أن هذه الأسئلة من شأنها إحراج الطفل أمام والديه وعائلته والآخرين، لذا علينا الابتعاد كلياً عن وضع الطفل في موقف محرج، وإجباره على تفضيل والدته على والده أو العكس، وإنما علينا أن نشجعه دائماً بالحفاظ على حبه لهما والتعبير عنه كما يحلو له.
وضمن ذات السياق، ذكرت دراسة نفسية نشرتها جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأميركية، أن لهذا السؤال تبعات كبيرة على الطفل، خاصة أنه قد يتعرض للانتقاد وفقاً لإجابته، وأن هذه الانتقادات حتى لو كانت بناءة، من شأنها جعل الطفل أقل تحقيقاً للنجاح في المستقبل، وتعرضه لمخاوف أكبر من الأطفال الآخرين، بسبب الإحراج الذي يوضع فيه.
كما اعتبرت هذه الدراسة أن حب الوالدين يجب ألا يكون مشروطاً، أو أن يتم تجزيئه على الإطلاق.
لذا، إن الابتعاد عن هذا السؤال يعتبر من القواعد الرئيسية لتربية الأطفال تربية صحيحة، خاصة في ما يتعلق بتكوين شخصياتهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
إقرأ أيضاً: تناول البيض بانتظام.. هل فعلاً مفيد للصحة؟