بلا شك إن الزمن تغير، وإن جيل اليوم تختلف اهتماماته وتطلعاته عن الأجيال السابقة، فمن الطبيعي أن يسعى الآباء لتغيير طريقتهم في التعامل مع أبنائهم، لتختلف جذرياً عن طريقة تربية آبائهم لهم. لكن كيف يمكن إمساك العصا من المنتصف؟

معظم الآباء، ولكونهم يعملون طيلة الوقت في المجتمع الاستهلاكي الذي نعيش فيه جميعنا، يجدون في تلبية طلبات أبنائهم مهما تعاظمت وازدادت بلا منطق، حلاً في طرد فكرة تقصيرهم معهم، ومن هنا قد تنشأ المشكلة التي يصعب علاجها كلما تقدم الوقت، وهي كيف يمكن السيطرة على طلبات الأبناء المتتالية، وغير المتوقفة؟

  من المهم تلبية طلبات الأبناء لكن بحدود، لتحقق لهم التوازن بين ما يطلبونه وما تتم الموافقة عليه، خاصة في هذه المرحلة العمرية الحرجة، التي يبدأون معها تشكيل ذهنيتهم وعقليتهم في التعامل مع الأشياء.

  إن ترك الأبناء يمرحون على راحتهم، عبر تحقيق طلباتهم، ينشئ جيلاً اتكالياً لا يستطيع الاعتماد على نفسه مستقبلاً، فضلاً عن ظنه سهولة الحصول على الأشياء، فلا يتعب ولا يكد للحصول على ما يرغب، معتمداً على والديه.

   فالهدف ليس تلبية احتياجات الأبناء فقط، بل أيضاً الاهتمام بمستوى تعليمهم، وإدراكهم العقلي والنفسي لقيمة الأشياء، مع مراعاة أنه ليس من الضروري تلبية كل الرغبات دائماً، على أن يعرف الطفل سبب عدم تلبية رغبته، فهذا ما يثري تفكيره، ويميز لاحقاً سبب القبول أو الرفض.

  ومن المهم بناء شخصية الأبناء على العطاء والمنح والمنع، ولا بأس من إشراكهم في تحديات من عند أنفسهم، ليدركوا أنه ليس سهلاً الحصول على الامتيازات.

إقرأ أيضاً:  إذا كان شخص يكذب عليك فكيف تحقق من ذلك؟
 

  ويمكن ربط تلبية طلبات الأبناء بتحصيلهم الدراسي، أو مساعدتهم في تنظيف غرفهم الخاصة، أو المساعدة في المطبخ. والهدف دائماً ليس التحكم فيهم، بقدر منحهم فرصة بذل المجهود للحصول على ما يرغبون. هذه الطريقة مجربة، ليتأكدوا أنه لا أحد يحصل على شيء في هذه الدنيا دون مقابل.

  وحتى لو فرضت الحياة المهنية والروتين اليومي للآباء عليهم الكثير من الأمور والالتزامات، يجب ألا يتركوا الحبل على الغارب ملبين طلبات صغارهم، فقد ينحاز أهل الأب أو الأم مع الصغار عاطفياً، ولكن يمكن السيطرة عليهم على المدى الطويل، فالخوف دائماً يأتي من الحب الفائض، ورغبة الآباء في تعويض أبنائهم عن غيابهم.