المراهقة مرحلة حرجة، وبلا شك يمر بها كل مراهق، إذ يرون أنفسهم صاروا كباراً، ويرغبون بالقيام بما يحلو لهم دون حسيب أو رقيب.
هذه الثقة بالنفس بها جانب إيجابي وآخر سلبي، فالإيجابية هنا أن المراهق يشعر بأنه يستطيع عمل أي شيء، وبأنه قادر على تحقيق طموحاته وآماله وأحلامه. أما السلبي في القصة، فهو شعوره بعدم الحاجة إلى والديه، وعدم رغبته بسماع توجيهاتهما، معتقداً أنهما يريدان تحطيم أحلامه، وأن رؤيتهما تختلف عما يراه.
ويدع معظم الآباء أبناءهم المراهقين لتجريب ما يرغبون القيام به تحت إشرافهم بشكل مباشر، خوفاً عليهم من جانب، ولحمايتهم من جانب آخر. فالمراهقون لا يفكرون بنتائج ما سيقدمون عليه، نظراً لقلة خبرتهم وتوقعهم بأن ما يقومون به لن تؤدي نتائجه إلى مشاكل، فهم ينظرون فقط إلى أنفسهم وإلى محيطهم، ولا يتوقعون أن تتوسع مشاكلهم إن حدثت إلى مناطق أخرى.
ويتسبب الفراغ في استياء المراهق، ما ينعكس على شخصيته ونفسيته وآرائه، فهو يطلب التجديد دائماً بسبب العصر الذي يعيش فيه، الذي تتوفر به كل تقنيات السرعة والحركة، خاصة أنه يرى على منصات "السوشيال ميديا" أقرانه ممن هم في عمره من دول كثيرة حول العالم، ينعمون بالشهرة والأضواء، ما يسبب حاجزاً لديه يرغب باختراقه مهما كانت النتائج.
وينصح خبراء التربية الآباء بعقد صداقات مع أبنائهم المراهقين، عبر التحفيز من خلال جعلهم يكسبون شيئاً يثير اهتمامهم ويمكن أن ينفعهم. وعلى الآباء ألا ينسوا أنه في كل مرة يقدمون لابنهم فيها اقتراحاً، أن يضعوا أنفسهم في مكانه، ويسألوا أنفسهم: كيف يمكن لهذا أن يثير اهتمامه؟
ومن الضروري جداً أن يكون بين الآباء وأبنائهم تواصل صريح، فهو الخطوة الأولى لمساعدة المراهق. أصغوا إليه: فهو يحتاج لأن تفهموه، ولا تتظاهروا بأنكم مهتمون بما يقوله، بل أصغوا إليه فعلياً.
ولعل الأهم هو ألا تطلقوا الأحكام بشأن ما يخبركم به، وألا تنتقدوه، وألا تلقوا عليه محاضرة غير مجدية في الأخلاق، فقد ترونه عندها يبتعد عنكم، وعلى الآباء الإقرار بأن زمن أبنائهم يختلف كلياً عن زمنهم، والبداية تكون دائماً في طريقة الحديث والتواصل القائمة أساساً على الاحترام والتقدير، لكل أفكاره، مهما كانت سلبية، وعلى الآباء مناقشة أبنائهم في كل ما يفكرون به، مهما بدا الأمر تافهاً، لأن حماية احترام الذات لدى المراهق أمر مهم جداً أيضاً، لأن عدم الثقة بالنفس يمكن أن تؤدي إلى غياب الحافز.
وجود الهوايات عند المراهق ضرورة، ويمكن مساعدته كي يجد نشاطات تثير اهتمامه فعلياً، نشاطات يجيدها وتمنحه حافزاً قوياً. ويظن بعض الأهل أنّ ولدهم المراهق لا يهتم بأي شيء أو أي نشاط، وهذا الاعتقاد خاطئ، فقد آن الأوان لكسر هذا الحكم المسبق: نحن لسنا مضطرين لأن نشعر فوراً بالشغف ما إن نبدأ بممارسة النشاط لأول مرة، فالشغف الحقيقي ينمو غالباً بعد مرور بعض الوقت، بعد أن نعرف الموضوع أو النشاط بشكل أفضل وبالتفصيل.
هناك طريقة أخرى لتحفيز ولدكم المراهق، هي أن تجدوا الأشياء التي تثير اهتمامه وتحفزه.
المسألة سهلة للغاية، فإظهار الفوائد يمكن أن يكون المفتاح للانتقال إلى العمل. وسيكسب من هذا درساً في الحياة: النجاح يتطلب بذل الجهود.
النصيحة الأخيرة هي اللجوء إلى الفكاهة. فالمراهقون حساسون جداً من هذه المسألة، ويتأثرون بالفكاهة والمزاح أكثر من الخطابات الطويلة أو دروس الأخلاق.
إقرأ أيضاً: حرارة طفلك الرضيع.. مؤشر إلى صحة جسمه