بإصرار على النجاح والتميز، ومواجهة فكرة الفشل؛ استطاعت أن تثبت نفسها في عالم جديد كلياً على مجتمعها، فهي تفتخر بأنها تحمل لقب «أول فنانة أوبرا سعودية»، في مجتمع كان حتى سنوات قليلة مضت لا يسمح بإقامة حفل غنائي عادي، وها هو اليوم يندمج في عالم مليء بالألوان الترفيهية المتنوعة.. إنها الفنانة سوسن البهيتي، التي تروي - خلال هذا الحوار الخاص - تفاصيل مشوارها وأحلامها الكبيرة على صعيد الفن والتدريب، وحتى رئاسة دار الأوبرا، التي افتتحت مؤخراً في جدة
احترفت سوسن البهيتي الغناء بالعربية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية والروسية، وشاركت عام 2007 في مسابقة موسيقية بالجامعة الأميركية بالشارقة، وحققت بتصويت الجمهور المركز الأول، كما غنت الأوبرا الألمانية في 2008 بترشيحٍ من أستاذها في الجامعة، ونجحت في هذا الفن رغم ما يتطلبه من شروط صوتية معقدة، حيث تدربت على يد مدربين من أميركا وألمانيا وبلجيكا؛ لتصبح أول مغنية أوبرا سعودية ومدربة صوتٍ، وقدمت موهبتها في مسرحية «صيف 840» لمنصور الرحباني بالشارقة، وشاركت في حفلٍ بدبي، وأطلَّت عام 2019 في أول حفلٍ موسيقي لها في بلادها عبر أوبرا «لا سكالا» الإيطالية، كما شاركت في موسم جدة، وفي فيلم «أنا وأنتو جدة» الوثائقي للحديث عن الفن والموسيقى والترفيه في المدينة الساحلية السعودية، وأدت النشيد الوطني في السفارة السعودية ببرلين؛ احتفالاً باليوم الوطني، وأحيت حفلاً في موسم الرياض.
• تحملين لقب «أول فنانة أوبرا سعودية»، ما الذي يعنيه لك هذا اللقب؟
- اللقب بالنسبة لي شرف ومسؤولية كبيرة في الوقت ذاته، كون الأوبرا فناً جديداً، يتم تقديمه للجمهور السعودي، وكوني أيضاً أول من يشارك من المملكة في فن الأوبرا على الصعيد العالمي. هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقي في تمثيل المملكة، لذا أتدرب بشكل مستمر، وأعمل على تطوير أسلوب غنائي للأوبرا، فأنا في بحث مستمر لإيجاد أفضل الفنانين والمعلمين حول العالم، لتحقيق النجاح على الصعيدين الشخصي والوطني أيضاً.
مشاعر مختلفة
• ما الذي يجب أن تتميز به مغنية الأوبرا؟
- إلى جانب قوة الصوت، يجب أن تمتلك مغنية الأوبرا مهارات التمثيل المسرحي الدرامي، فكل أغنية تغنيها تحكي جزءاً من قصة مسرحية بشخصية معينة، ومشاعر مختلفة يجب أن توصلها للجمهور؛ ليستمتع بالأداء، ويعيش اللحظة مع الفنان والعرض بشكل عام.
• كيف تلمست تقبل الشارع السعودي لهذا اللون الغنائي الجديد نسبياً عليه؟
- هناك فضول كبير من الجمهور السعودي تجاه الأوبرا، وفي كل مرة يعرض فيها هذا الفن يزيد عدد معجبيه، لكن لكونه فناً يتحدث بلغة غير مفهومة للجمهور السعودي (الإيطالية والألمانية بشكل عام)، لم يتمكن الجمهور من تبني هذا الفن من قبل، خاصة أن الجمهور العربي بشكل عام عاشق للكلمة والشعر، فيجب أن يفهم الكلام ليعجب به بشكل أساسي. لكن، مؤخراً، بدأت شرائح كبيرة من المجتمعات العربية عامة، وفي السعودية أيضاً، في تقبل هذا الفن والإقبال عليه، ومحاولة تفهمه من الناحية الموسيقية.
• غنيت النشيد الوطني بأسلوبك الخاص في احتفالات اليوم الوطني ببرلين، هل هناك مخطط لتحويل بعض الأغاني الشهيرة إلى «أوبرالية»؟
- نعم، أعمل على إعادة تقديم بعض الأغاني العربية الكلاسيكية الشهيرة بطريقة أوبرالية رائعة، وأنا واثقة أنها ستنال إعجاب الجمهور العربي. أرى فناً كبيراً وعظيماً في الأوبرا، وأعتقد أنه لم يتم اكتشافه بعد في الموسيقى العربية، وأعتبرها مهمتي في مسيرتي الفنية.
لغات عدة
• إلى جانب الغناء، أنت أيضاً مدربة صوت، كيف تتعاملين مع المتدربين الجدد، وكيف يتم اختيارهم؟
- أركز في عملي، حالياً، على المغنين المحترفين، والمتدربين الذين يرغبون في الاحتراف. تبدأ عملية اختيار المتدرب بعمل تجربة أداء، يتم فيها تحديد مستوى الصوت واحتياجاته للتدريب، والذي لا يعرفه الكثيرون هو أن المغنين المحترفين، والفنانين الكبار، يحتاجون إلى التدريب المستمر؛ فوظيفة التدريب لا تقتصر على الأصوات الضعيفة، أو التي تنقصها المهارات، بل وظيفة التدريب الأساسية هي الحفاظ على لياقة صوت الفنان، وتعليمه أساليب العناية الصحية بالصوت وسط الحفلات الكثيرة والمستمرة، ما يمكنه من الاستمرار في الغناء لعمر طويل.
• هل ستقدمين أغاني السوق العادية، أم ستكتفين بلونك الخاص؟
- عندما انطلقت كفنانة أوبرا، وحولت مسيرتي العملية كلياً من مجال التسويق والإدارة إلى الموسيقى والأوبرا؛ قمت بذلك بناءً على أهداف معينة ورسالة محددة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال فن الأوبرا، وبسبب ذلك لا أفكر إطلاقاً في غناء أي لون ثانٍ سواه. أحد الأهداف هو تقديم فن جديد في الساحة السعودية، وأيضاً وضع لمستي الخاصة كفنانة على فن الأوبرا بتقديمه بحلته العربية، وكل ذلك غير ممكن في الألوان الغنائية المعتادة والمنتشرة بكثرة بأصوات فنانين وفنانات، لهم باع طويل في هذا المجال.
• كيف استطعت الغناء بلغات غير العربية، مثل: الإيطالية والألمانية والفرنسية؟
- أنا لا أتحدث هذه اللغات بشكل جيد، فاللغة الفرنسية تعلمتها في المدرسة، أقرأ بشكل جيد جداً وأتخاطب ببطء، واللغة الألمانية بنفس المستوى، لكن الإيطالية لم أتعلمها بعد. وبغض النظر عن ذلك، جمال الموسيقى في أنها تمكنك من غناء كلمات، حتى لو لم تكن تعرف معناها أو تتحدث بلغتها، ربط اللحن مع الكلمات ومن بعدها تعلم كيفية نطق الكلمات يسهل علينا إدراك غنائها وبسهولة. بالنسبة لي، كان معظم المدربين الذين تعاملت معهم يتحدثون كل هذه اللغات؛ فساعدوني على النطق الصحيح، وحتى شرح المعاني؛ لأتمكن من استشعار الكلمات وإحساسها.
روما ولندن
• ما دار الأوبرا التي تتمنين الغناء فيها، ولماذا؟
- دار الأوبرا في روما، و«رويال ألبرت هول» في لندن.
• ما حلمك اليوم؟
- حلمي ترؤس دار الأوبرا في السعودية التي أعلن عنها، وستكون في جدة، وبذلك أكون في الصف الأول لنشر فن الأوبرا والثقافة الموسيقية العريقة. والحلم الأكبر هو تأسيس الفرع العربي لفن الأوبرا، فمثلما توجد أوبرا بالإيطالية وبالألمانية، أنا واثقة أنه ستكون هناك أوبرا رائعة باللغة العربية لغةً ولحناً.
• تحتفل السعودية باليوم الوطني، فما الذي يعنيه لك هذا اليوم كامرأة وكفنانة؟
- احتفال بدوام الخير والعزة والازدهار والأمان على هذا الوطن الحبيب العظيم العريق الذي يحتفي بأبنائه، ويعزز المرأة ويرفع مكانتها في كل المجالات بشكل أفضل من دول عربية وغير عربية كثيرة، وهو مثل أعلى يحتذى على الصعيد الدولي.
• ما جديدك؟
- أضع اللمسات النهائية على 3 أغانٍ جديدة، أغانٍ عربية كلاسيكية حديثة مغناة بطريقة أوبرالية. عملت عليها مع مؤلف مشهور وأكثر من رائع، وسأقوم بالإعلان عن كل التفاصيل فور الانتهاء منها، وآمل أن تنال إعجاب الجميع.
إقرأ أيضاً: مهرجان أفلام ياس في الحديقة يقدم تجارب تفاعلية.. من وحي الثمانينيات