كثيرة هي العائلات، التي تفصل بين مواليدها عدة سنوات، ومعظم هذه العائلات يكون بها الوالدان من الموظفين، ولا يملكان رفاهية التعاقد مع مربية لرعاية أطفالهما أثناء غيابهما في أوقات العمل، لذا يفضلان بالدرجة الأولى الابتعاد في السنوات عند إنجاب أطفالهما، وتالياً الانتظار حتى يكبر طفلهما الأول ويدرك ما حوله، حتى يستطيع الانتباه لأشقائه الأصغر سناً.
لكن لو فكرنا قليلاً في مسألة أن يضع الآباء ثقتهم بطفلهم الأول لرعاية أشقائه الأصغر عمراً، هل هذا الأمر ناتج عن ثقة بهم؟ أم تهور واضح؟
يؤكد خبراء التربية أن تحمل الطفل مسؤولية العناية بشقيق أو أكثر، ضريبة كبيرة عليه، ولا تناسب قدراته النفسية أو الجسمانية أو حتى العقلية، فالطفل يجب أن يعيش طفولته كاملة تحت رعاية والديه، ولا يشاركهما تحمل المسؤولية منذ صغره، حتى لو كان مصدراً للثقة والأمان.
نرغب جميعنا في أن ينشأ أطفالنا يعتمدون على أنفسهم، ويتحملون مسؤولياتهم، لمواجهة الحياة، لكن علينا أن نعي فكرة حرمان طفل من ألعابه من أجل الإشراف على شقيقه الصغير، الذي يحتاج لرعاية الأم والأب، والشعور بحنانهما قبل كل شيء.
ليس على الطفل إطلاقاً تحمل مسؤولية إخوته، وممارسة دور الآباء، فيما يتسنى لباقي إخوته الأصغر منه بسنتين أو ثلاث سنوات اللعب والاستمتاع بيومهم بهدوء، لمجرد أنه الأكبر سناً، متجاهلين حاجته النمائية والنفسية الموجودة لديه.
ومن غير المنطقي، أن يُطلب من طفل يبلغ عمره 13 أو 14 عاماً، على سبيل المثال، القيام بأعمال تفوق عمره وطاقته وقدراته وإمكانياته.
على الطفل عيش مرحلة الطفولة، وفق حاجاته النمائية والنفسية والعقلية والاجتماعية الموجودة لديه، ومن الخطأ أن نعامله كإنسان كبير، ومسؤوليته تكون ضمن قدراته وطاقته، وفي بيئة تسمح له بأن يعيش مع أقرانه ويمارس هوايته الطبيعية لحياته.
كل ذلك، حتى لا ينمو لدى الطفل شعور نفسي سلبي بأنه مظلوم، وهذا رد فعل طبيعي، يشعر معه بالتمييز بينه وبين إخوته الأصغر منه، فالأصل في الأم والأب أن يعاملا أبناءهما بعدالة وشفافية في كل القضايا، سواء كان كبيراً في العمر أو صغيراً، وإعطاء فرص متساوية في التربية لكي لا تترك لديه أثراً نفسياً كبيراً.
ويجب الانتباه، أيضاً، إلى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي عاش بها الوالدان، غير الظروف التي يعيشها ابنهما الآن، وأن يطلب منه ما لا يستطيع تحمله، ويعاقب عليه، شيء سلبي يترك أثراً كبيراً من الممكن أن يعمل على إيجاد تباعد نفسي بينه وبين إخوته، وأن يشعر بأن عائلته لا تحبه، وهذا يؤدي للعزلة والسخط وفقدان الحرية.
إقرأ أيضاً: كيف تتغلبين على ملل أطفالك بالرحلات الطويلة؟