في اليوم الوطني السعودي.. نورة الفيصل: نفكر في ما بعد «رؤية 2030»
عطاء متواصل، وثقة بالنفس، وهمة لا تلين.. كلها عبارات ترسم شخصية الأميرة نورة الفيصل، أحد النماذج السعودية المشرفة، التي تعتبر وجهاً مضيئاً وملهماً للأجيال القادمة؛ لما قدمت - خلال مسيرتها العطرة - من إنجازات في مجال تصميم المجوهرات، إذ تتميز كل قطعة تقدمها بالتفرد والإبداع، وحملت على عاتقها مسؤولية إلهام الشباب ودعمهم؛ لتخطي العقبات، وتذليل الصعاب في مجال التصميم؛ فأطلقت منصة «أظلال»؛ كي تكتشف الموهوبين، وتساهم في إبراز أعمالهم ليس لترى النور فحسب، بل وتنافس عالمياً، خاصة بعد التحديات التي قابلتها عندما حاولت نقل مشروعها إلى المملكة.
ترى الفيصل أن السبب الأهم وراء نجاح وتميز المبدعين بالمملكة، هو دعم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، مؤكدة أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو استشراف المستقبل، وتحقيق «رؤية 2030» على الوجه الأكمل..
بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني السعودي؛ التقت «زهرة الخليج» الأميرة نورة الفيصل؛ لتضيء على تجربتها في عالم الأعمال والتصميم، وكيف ترى ما وصلت إليه المملكة من إنجازات؛ فكان الحوار التالي:
• ونحن نحتفل باليوم الوطني السعودي.. كيف ترين ما حققته المملكة في ظل الانفتاح والتطور اللذين تعيشهما حالياً؟
ـ أنا فخورة جداً بالتطورات العظيمة في بلدنا، وفخورة بإمكانيات الجيل الحالي، فهو جيل طموح وشجاع جداً، وشغوف بالعمل. كما أنني سعيدة جداً بالتحولات الجذرية، التي تمر بها المملكة، وحينما أشاهد هذِه التحولات؛ أشعر بالفخر والحماس للمستقبل المشرق.
• كيف ترين ما تم إنجازه بالمملكة في مختلف المجالات، وصولاً إلى التطبيق الكامل لـ«رؤية 2030»؟
ـ أعتقد أننا حققنا إنجازات عظيمة سبقت أوانها. ودائماً أكرر مقولة إننا أصبحنا لا نفكر في «رؤية 2030»، بل أصبحنا نفكر في ما بعد الرؤية؛ فالخطوات والاستراتيجيات التي تقوم بها مملكتنا العظيمة ترسم خطوات مستقبل بعيد، غير مرتبط بمدة زمنية محددة، وبالتأكيد نطمح إلى تحقيق إنجازات أكبر للمستقبل.
• نرى الكثير من الأمثلة الناجحة في المجتمع المحلي، فما المحرك والسبب وراء هذا النجاح؟
ـ السبب الأول والأهم وراء هذا النجاح، هو دعم صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان؛ فهو من قام بتشجيعنا ودعمنا وتحدي طموحنا، وبالتأكيد لا تكتمل المعادلة دون طموح الجيل الحالي، وسعيه إلى تحقيق أحلامه.
• المجتمع الإبداعي السعودي في تطور متسارع ومبهر.. من وجهة نظرك ما الدور والقيم التي يقدمها الجيل الأسبق والأكثر خبرة لدعم الشباب في هذه المرحلة؟
ـ شخصياً، أعتبر نفسي من الجيل الأسبق، وأعتقد أنه من الواجب علينا جميعاً دعم الشباب، وإعطاؤهم المعلومات الملخصة التي تعلمناها، ليس فقط لمساعدتهم في الوصول إلى المرحلة التي وصلنا إليها، بل ليتجاوزونا، وليصبحوا أفضل منا، وليتمكنوا من رسم خطوات المستقبل للأجيال التي تليهم.
• في السنوات الأخيرة، أصبحت كأس السعودية للفروسية احتفالاً وطنياً، يعكس التقاليد والثقافة السعودية للعالم، وقد لعبت دوراً قيادياً في هذا المحفل.. كيف ترين تأثير وأهمية ذلك محلياً وعالمياً؟
ـ لابد من ردِّ الحق إلى صاحبه؛ فالفكرة - في الأساس - تعود إلى صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان، حيث قام بتوجيه الأمير بندر بن خالد إلى كأس السعودية، والذي - بدَوْره - أعطاني الفرصة والتوجيهات في كأس الفروسية، بالإضافة إلى التعاون مع وزارة الثقافة، وجهود فريق العمل الرائع الذي عملت معه. سنوياً، كأس السعودية ستتطور أكثر، وهذه السنة سيكون التطور أكبر وأفضل.
• ما العادات والتقاليد السعودية الأقرب إلى قلبك، التي تحرصين عليها في حياتك اليومية، ولماذا؟
ـ بحكم أن عملي يتطلب مني السفر والتنقل دائماً؛ فأينما كنت في أنحاء العالم أشعر بالحنين إلى عائلتي وبيتي؛ لذلك أحمل معي دائماً الدخون؛ لأن رائحته تشعرني بأنني وسط بيتي وعائلتي، وبالتأكيد لا أستغني عن القهوة السعودية والتمر أينما ذهبت.
• كيف قادك عالم تصميم المجوهرات إلى «أظلال»؟ وكيف تقودين «أظلال» وعلامة نون؟
ـ عملي مع «نون»، ونادي الفروسية، يعود إلى الطريق نفسه بالنسبة لي؛ فكوني مصممة يعني أن أقوم بالعمل على تصميم استراتيجيات، مجوهرات، وشركات؛ فالتصميم والإبداع في التفكير هما شيء واحد في المجالات كافة. بالنسبة لي، علامة «نون» شيء جداً شخصي؛ حيث إن تصميم المجوهرات هو منطقة الراحة الخاصة، وسعيدة جداً بأن عملي هو هوايتي، بالإضافة إلى فريق عملي المتعاون، الذي يقوم بمساعدتي في إنجاز الأعمال اليومية المزعجة؛ لأتمكن من التركيز في الأمور المهمة. فكرة «أظلال» في الأساس استلهمتها من «نون»؛ فعندما رغبت في نقل أعمالي إلى السعودية واجهتني مشاكل عدة، وبناء على ذلك قررت إنشاء «أظلال»؛ لحل تلك المشاكل التي واجهتني، ولمساعدة كل المجتمع التصميمي في المملكة. مع الوقت، توسعت في «أظلال»؛ حيث وجدت التعاون والشراكة مع قطاعات متعددة في المملكة من المجتمع التصميمي، ومن المجالات الأخرى، من المجال الأكاديمي، والشركات، والحكومة.
• حدثينا عن بدايات «أظلال»، وخططها المستقبلية لتمكين الأجيال القادمة!
ـ كما ذكرت، سابقاً، كانت «أظلال» وسيلتي للبحث عن حلول لتلك المشاكل التي واجهتني. عندما قررت نقل عملي، بدأت البحث حول التصميم في المملكة؛ لمعرفة ودراسة المجتمع التصميمي أكثر؛ فقمنا بالعمل على تقرير الصناعة الخاص بـ«أظلال»، بعد ذلك بدأنا بالعمل على الاستراتيجيات التي ستقوم بحل تلك المشاكل، ولدعم البيئة التصميمية في المملكة. ومن هناك، بدأنا تقديم الاستشارات، وحالياً نقوم بالعمل على مشروع جديد يسمى «أظلال أكاديمي»، ولا نقوم بتعليم المجتمع كيفية التصميم، حيث هنالك جامعات ومدارس مخصصة لذلك، لكن نقوم بدعم المصممين في فهم احتياجاتهم أكثر، فمثلاً كيفية تثبيت هويتهم، أو التعامل مع الحقوق الفكرية للمصمم، أو كيفية تسعير أعمالهم.. هنالك العديد من الأمور، التي يحتاجون إلى معرفتها، وذلك ما نطمح إلى تعليمهم إياه.
• كيف انتقلت «أظلال» من منصة لدعم التصميم إلى شريك فعال في التعليم، ودعم المجتمع الإبداعي المحلي؟
ـ مشروع «أظلال أكاديمي»، بالإضافة إلى المذكرة التي قمنا بتوقيعها مع جامعة «عفت»، حيث بدأنا برنامج التدريب مع طالبات التصميم لمدة أربعة أشهر؛ لدعمهن ولتعريفهن بمفهوم التفكير التصميمي من جهة حل المشاكل والبحوث والتفكير خارج الصندوق، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع العميل على أرض الواقع، بدءاً من تحديد المشكلة إلى إيجاد الحل لها، حيث يقمن باستعراض الحلول في نهاية التدريب، بالإضافة إلى وجود شركات في مدينة جدة متحمسة جداً للعمل مع طالبات التدريب، ودعمهن خلال تدريبهن.
• لديك خبرة كبيرة بالأحجار، فما الأحجار الأقرب إليك؟ ولماذا؟
ـ لا يوجد لديَّ حجر محدد، فمثلاً في بدايتي كنت لا اُفضل قصة القلب في المجوهرات، والآن تُعد المفضلة لديَّ! أعتقد أن المصمم لابد أن يكون مُحباً للخيارات كافة، وأن يكون متطوراً ومتجدداً دائماً.
• ما أكثر قطعة مميزة من تصميمك؟ وما مصدر الإلهام وراءها؟
ـ لا توجد لديَّ قطعة مميزة، فدائماً أكون متحمسة جداً عند عملي على قطعة ما، لكن بعد انتهائي منها أقوم بنسيانها، وأبدأ التفكير بالقطعة التي تليها مباشرة. أحاول، دائماً، أن أعطي الأهمية للقطعة التي أعمل عليها، لكن هنالك مجموعات أنا فخورة بها، فمثلاً «مجموعة ذهب» الجديدة بالنسبة لي أصعب شيء يمكن توقعه، حيث إنه من السهل في التصميم الزيادة والإضافة، لكن الصعوبة عندما تكون قطعة بسيطة، وتحمل توازناً بين الجمال والبساطة، و«مجموعة ذهب» تتميز بأن كل قطعة فيها وحيدة من نوعها، ولا تتوفر منها إلا نسخة واحدة، ولا تتكرر أبداً، فابتكار فكرة جديدة للمجموعة نوع من التحدي محبب إليَّ.
• لديك فلسفة تصميم خاصة تحرص على الاستدامة، وتصميم قطع لا تتبع موجة معينة.. ما القيم التي تحرصين عليها في تصاميمك؟ ومن أين تستمدين إلهامك؟
ـ أستمد إلهامي من الجميع، من عبارة أو موسيقى أو حتى مبنى، وبالتأكيد تاريخي وهويتي، وجميع ما يمر بحياتي اليومية، أعتقد العديد من المصممين يستمدون أفكارهم من تصاميم أخرى، فالجميع يفعلون ذلك في بدايتهم، حتى أنا قمت بعمل ذلك، لكن عندما يصل المصمم إلى مرحلة الثقة ومعرفة ذاته جيداً، وما يحب أن يقوم بالعمل به، بناء على ذلك يتميز بتصاميمه، فعندما يكون المصمم صادقاً في تعبيره عن نفسه، يستحيل أن يتكرر وسيتميز بتصميمه، حيث ستكون لديه لمسته الخاصة، والطابع الشخصي الخاص به في تصميمه.
• حدثينا عن مرحلة تأسيس «نون»، وافتتاح أول بوتيك لك في باريس، وكيف ترين أهمية وجود بوتيك للعلامة كجزء من تجربة اختيار الشخص لقطعة المجوهرات بشكل مباشر؟
ـ أنا لم أقم بافتتاح شركتي في باريس إلا لسببين: أولاً لم نكن في المرحلة نفسها، التي نحن بها حاليا في المملكة، ولأن المصنعين كافة، الذين كنت أتعامل معهم كانوا في فرنسا، فكان من الأسهل لي أن افتتح المتجر في باريس. ثانياً كلمة والدي التي تتردد دائماً عليَّ «روحي نافسيهم في بلدهم» كانت تحدياً من والدي رحمه الله، حيث قمت بتأسيس «نون» بعد وفاته بفترة وجيزة رغبة في تلبية طلبه. عندما افتتحت متجري في باريس، كانت لديَّ خطة 5 سنوات، لكن تم افتتاح المتجر خلال سنتين. لكن الآن الدنيا تغيرت حيث قمت بإغلاق متجري؛ لأن المتاجر لا تشكل أهمية مثل السابق، خاصة أن %80 من عملائنا عن طريق «إنستغرام»، أو عبر الموقــع ولا توجد حاجة للمتجر للتواصل مع العملاء، لديَّ الآن متجر «Private Viewing»، حيث بإمكان العميل تحديد موعد، والحضور لرؤية القطع.
• أخيراً.. في اليوم الوطني السعودي، هل لك أن تشاركينا رسالتك الشخصية كسعودية، والدافع وراء عطائك المتواصل والفعال في المجتمع؟
ـ السر وراء دافعي هو ردود فعل الجيل الحالي وحماسهم، فهم الذين يدفعونني ويحمسونني لتقديم عطاء أكبر، حيث إن أي عمل أقوم به معهم يفيدني كما يفيدهم، ودائماً أقوم بتكرار مقولتي: «شدوا حيلكم».