حصة الفلاسي: كسرت الحاجز بيني وبين الجمهور!

من أقوى الإنجازات أن يحلق الإنسان في دائرته الخاصة، وأن يتميز بعيداً عن السائد والمعتاد، وهذا ما حققته الإعلامية الإماراتية حصة الفلاسي، التي نجحت في تقديم البرامج الكبيرة والتراثية. فمن تجربتها الأشهر «شاعر المليون»، الذي قدمته في مواسمه الخمسة الأولى، وبرنامج «الشارة»، الذي استمر 13 موسماً. كانت ح

من أقوى الإنجازات أن يحلق الإنسان في دائرته الخاصة، وأن يتميز بعيداً عن السائد والمعتاد، وهذا ما حققته الإعلامية الإماراتية حصة الفلاسي، التي نجحت في تقديم البرامج الكبيرة والتراثية. فمن تجربتها الأشهر «شاعر المليون»، الذي قدمته في مواسمه الخمسة الأولى، وبرنامج «الشارة»، الذي استمر 13 موسماً. كانت حصة دائماً مثالاً لمقدمة البرامج الناضجة والراقية، وعكست صورة رائعة عن الإعلاميات الإماراتيات، اللواتي برزن في مختلف مجالات العمل الإعلامي.

اليوم، تبدأ حصة مرحلة جديدة في مشوارها الإعلامي، الممتد لسنوات مليئة بالنجاحات والتطور، وهاهي تحضر نفسها لدخول مجالات جديدة في عالم التقديم التلفزيوني، مستندة إلى تجربة ناضجة، اختلطت بالخبرة العملية، وتعلن  أنها تدرس حالياً فكرتين مختلفتين لبرنامجين جديدين: الأول برنامج له علاقة بالأطفال، والثاني برنامج عن الموضة بشكل معاصر وجذاب، وتعلق على هذا الأمر بقولها: «البرنامجان خارج دائرة التراث تماماً، ومختلفان كلياً عما سبق لي أن قدمته، فلا أريد أن أحصر نفسي في زاوية التراث».

* ماذا تقولين عن برنامج «الشارة»، الذي أخلصت له على مدى 13 عاماً؟

- استمرارية البرنامج بحد ذاتها لمدة 13 موسماً دون توقف، رغم جائحة «كورونا» تعد إنجازاً، فغالباً لا يصمد برنامج هذه المدة كلها، خاصة برامج المسابقات التي لا تستمر لأكثر من خمس أو ست سنوات، إذ لها وقت معين وتنتهي، لكن المسابقات التراثية لا تنتهي، تستمر ولكن بصعوبة. وكنت أقول عن كل موسم إنه الأصعب، لكن كنت أرى المواسم تزداد صعوبة كل سنة، لذلك تزيد التحديات ولا تنقص، لأننا نريد أن نواكب التطور، وأن نحافظ على محتوى البرنامج التراثي، فكيف نحقق هذا التوازن؟. بصفتي مشرفة البرنامج يجب أن أصنع هذا التوازن من حيث جذب الجمهور كباراً وصغاراً، وقد كان الأطفال يتابعون البرنامج بشغف وحب، وتصلني فيديوهات من أطفال يقلدونني في التقديم، حتى أصحاب الهمم قدموا لهم محتوى برنامجنا نفسه، لكن بشكل خاص بهم، وهذا أمر جميل أن تصل إلى جميع شرائح المجتمع محلياً وعربياً. خلال 13 عاماً انتشرنا بشكل كبير، فقد كنا نشاهد في المغرب ومصر والسودان والأردن وليبيا، ولم تكن اللهجات المحلية عائقاً رغم اختلافها.

مقاومة الخوف

* هل يكفي برنامج «الشارة» وحده في نشر الثقافة الإماراتية محلياً وعربياً، أم يجب أن تكون هناك برامج وثائقية وتعريفية أيضاً؟

- عندنا الكثير من البرامج الوثائقية والسياحية التراثية، مثل «إرث»، وبرامج أخرى تتحدث عن المتاحف والمناطق السياحية والأثرية على قناة الإمارات. أعتقد أن شركة أبوظبي للإعلام لا تقصر في هذا الجانب، وهي تهتم بذلك كثيراً.

* كان حضورك مؤثراً في «شاعر المليون»، وهو من البرامج المستمرة إلى اليوم.. أخبرينا عن هذه التجربة، وتأثيرها فيك؟

- سأحكي لك قصة، ربما لن تصدقها.. أنا لديَّ «فوبيا» من الجمهور، وأخاف من الحديث أمامهم. وعندما قمت بتجارب الأداء أمام الكاميرا كان ذلك أمام الجميع في «مارينا مول»، هل تعرف الطالبة التي تتحدث بالإذاعة المدرسية كلمتين وتهرب؟! أنا كنت كتلك الطالبة، فقلت لنفسي: «إن لم أتحدث وأقاوم الخوف، لن يخسر أحد سواي بالنهاية.. وهذه مصلحتي»، فتمالكت نفسي، ونجحت في تجارب الأداء، وأصبحت مذيعة تلفزيونية، وبدأت جهات تتصل بي لتقديم فعاليات على المسرح أو شيء من هذا القبيل، فكنت أتهرب منها، لأن المسرح مرعب بالنسبة لي. وفي يوم من الأيام طلبت لتقديم فعالية للتربية الأسرية، وأخبروني بأن معالي علي بن سالم الكعبي سيكون موجوداً، وسأقدم الحفل فقلت لهم موافقة، ونيتي أن أهرب. وفي هذا اليوم، لم أستطع الهرب، وقلت يجب أن أواجه، وألا أضعهم في هذا الموقف المحرج، وكنت قديماً أرتدي نظارات طبية، فقررت - في هذا اليوم - ألا ألبسها، ولا حتى عدسة طبية، كي لا أرى أحداً، وارتحت جداً.

* وكيف جاءت فكرة تقديمك لـ«شاعر المليون» ؟

- عندما اختاروني لتقديم «شاعر المليون» رفضت بالبداية، وأذكر أن عارف عمر عندما كلمني، وطلبت منه أن يمنحني فرصة للتفكير، فوجئ بكلامي جداً، وقال لي: «هل تعرفين كم مذيعة تود تقديم هذا البرنامج؟»، فقلت له: «حتى لو.. أريد أن أفكر». واعتذرت في اليوم التالي، ثم اتصل بي محمد خلف المزروعي، رحمه الله، فقلت له: «إن شاء الله»، وأيضاً لم أرتدِ عدساتي الطبية لأكثر من مرة. وعلى هذا المنوال إلى أن كسرت الحاجز بيني وبين الجمهور، وعدت إلى ارتداء عدساتي الطبية، ولم أعد أخاف، وكانت تجربة جميلة، وقدمت الموسمين الرابع والخامس.

برامج متنوعة

* ما تقييمك لتجربة بقية المذيعات بالمواسم الأخرى؟

- (ضاحكة) هذا سؤال «مفخخ»، ولا يمكنني الإجابة عنه. وعموماً أنا لا أستطيع تقييمهن.

* ألا تحنين إلى مسرح «شاعر المليون»؟

- لا، ليس لشيء، وإنما ربما لأني فقدت شخصاً غالياً عليّ، هو الراحل محمد خلف المزروعي. نفسياً لا أحتمل أن أكون هناك، ولم أتخطَّ هذا الأمر بعد.

* هل أنت راضية عما قدمته حتى الآن؟

- راضية بنسبة 80%، وينقصني أن يراني الناس ليس كمذيعة برامج تراثية فقط، فأنا أستطيع أن أحاور، والناس ربما لا تعرف أنني مشرفة برنامج، وأعمل عليه من الألف إلى الياء، وأنني أكثر من مجرد مذيعة، لذلك أريد أن يرى الناس هذا الجانب، وأن يعلموا أنني لست مذيعة، أو أقدم برنامجاً فقط. اليوم، أستطيع تقديم برنامج حواري اجتماعي ترفيهي إنساني، وحتى برامج الأطفال، والبرامج الوحيدة التي لا أريد التطرق إليها هي السياسية.

* ما أصعب لحظة عشتها، خلال عملك؟

- كنا في بداية «كورونا»، وكانت هناك لجنتان في برنامج «الشارة»، وكان من المقرر أن يكون لدينا تباعد بالعمل، وكان يُطلب منا فحوص دورية في العمل كل أربعة أو خمسة أيام، وعندما أتى وقت التبديل بين اللجنتين الأولى والثانية، فحص الفريق الثاني وكانت نتيجته سلبية، وكان خلفان أحدهم، رحمه الله، ولاحظت أنه كان متعباً ومرهقاً، وكنا متأكدين أن نتيجته سلبية. ووصلني خبر بعد يومين أنه بالمستشفى ومصاب بـ«كورونا»، وفي 29 رمضان، عندما أنهيت مكياجي وجاهزة للخروج على الهواء، أتاني اتصال وقالوا لي: «خلفان توفي»، أحسست بصدمة، وكنت أرد على التعازي عبر الهاتف، ولم أتمالك دموعي على الهواء.

اسم غالٍ

*«السوشيال ميديا».. كم تأخذ من وقتك، خاصة «سناب شات»؟

- لا تأخذ الوقت الكثير، فإذا كان لديَّ موضوع فإنني أطرحه، أو فعاليات جميلة فأشاركها، أو كتب فأنصح بها، لكن لا أصور حياتي الخاصة أو عائلتي، فهذه خطوط حمراء لا أتجاوزها، لأنني أحترم قرار أهلي وزوجي بعدم الظهور عبر «السوشيال ميديا»، حتى ابنتي رغم تعودها على الكاميرا منذ أن كان عمرها شهراً بحكم وجودها معي بالعمل، فقد طلبت منها أن تخرج معي بالبرنامج ورفضت، وعندما سألتها، قالت لي: أريد أن أجذب الاهتمام لي، ولا أسأل في المدرسة عنك، لأنك مشهورة.

* تضعين اسمك «حصة الفلاسي أم سلامة»، لماذا اخترت هذا الاسم؟

- لأنني أمها، وهذه ابنتي التي أتت بعد فترة مررت خلالها بصعوبات كثيرة، منها: فقدان زميلي خلفان، وفقدان محمد خلف المزروعي الذي قدمني إعلامياً، وأنا من مدرسته، كما فقدت أكثر من جنين خلال تصوير البرنامج، وأسقطت 10 مرات. فقد كان ثبات الحمل بـ«سلامة»، وحضورها، فرحة العمر، ويجب أن أحافظ عليها بقلبي وعيوني، وأعتز بأن أنادى بـ«أم سلامة».

إقرأ أيضاً:  تفاصيل سرقة مهيرة عبدالعزيز في باريس
 

* مستقبلاً.. هل ستمشي «سلامة» على خطاك، أم سيكون لها طريق آخر؟

- مازالت صغيرة لأحدد ذلك، فكل فترة تخرج بفكرة خاصة بها، لكنني أستطيع أن أقول إنها أفضل مني.

* نحتفي بيوم المرأة الإماراتية، وأنت مثال ناجح لها.. ماذا يعني لك هذا اليوم؟

- نحن في دولة الإمارات، قيادتنا تدعم المرأة، وتمكنها بجميع المجالات، فالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله، شجعا تمكين المرأة، ولن نجد مثل هذا التمكين والدعم في أي بلد، فـ«أم الإمارات» تدعمنا في كل وقت، وبالمجالات كافة.

* ما رسالتك إلى «أم الإمارات»؟

- أقول لسموها: شكراً من القلب على كل كلمة دعم وملاحظة وتوجيه، منحتنا إياها كنساء إماراتيات.. شكراً لاحتواء سموك لنا إنسانياً وعملياً وإدارياً.. فـ«أم الإمارات» لم تقصر و«كفت ووفت».