في أواخر السبعينات، اضطرت عائلة مصمم الأزياء الليبي إبراهيم الشيباني، إلى ترك ليبيا. وقد ولد إبراهيم في ألمانيا، قبل أن ينتقل ويستقر في القاهرة، حيث نشأ وأمضى معظم طفولته. وبعد العودة إلى ليبيا في التسعينات، لطالما كان إبراهيم منخرطاً في الفنون والمشاريع الثقافية بالمدرسة، وبدأ تدريجياً في معرفة المزيد عن الموضة والتصميم، من خلال المجلات التي تمكن من الحصول عليها أثناء السفر خارج ليبيا، أو من خلال مشاهدة التلفزيون. في هذا الحوار يحكي لنا الشيباني قصته، وتأسيسه لاحقاً علامة «Born In Exile» أو (ولدت في المنفى)، التي حققت نجاحاً عام 2020، في «فاشن ترست أرابيا»، وغيرها:
• كيف كانت بداية الرحلة.. وتحدياتها؟
- أتاح لي السماح لليبيين بالوصول إلى الإنترنت، عام 2000، رؤية محتوى أزياء لا نهاية له. وكان ذلك وقت تخرجي في المدرسة الثانوية، والذهاب إلى الجامعة. في ذلك الوقت، قرأت مقالاً على الإنترنت عن «سنترال سانت مارتن» في لندن، وعرفت على الفور أن هذا هو المكان الذي أريد أن أذهب إليه للدراسة. ناقشت الأمر مع والدي الراحل، لكن لم تَرُقْ له الفكرة على الإطلاق. فليبيا لاتزال مجتمعاً محافظاً وتقليدياً، ومن المتوقع أن يصبح الرجال أطباء أو مهندسين، وإذا ذهبوا بعيداً يصبحون رجال أعمال. كان يُنظر إلى الفنون في ليبيا على أنها هواية وليست مهنة، خاصة للرجال. فالتحقت بكلية الهندسة المعمارية بجامعة ليبيا. وكما يقول المثل: «ضرب عصفورين بحجر»؛ حيث درست مجالاً سيفخر به والدي، وهو أيضاً مجال فني. استمر اهتمامي وحبي للأزياء في النمو أثناء دراستي للهندسة. عام 2014، غادرت البلاد وانتقلت إلى الأردن، وانتهى بي المطاف بالحصول على دورة لرسم الأزياء بداية عام 2017. وبعد ذلك، وجدت ورشة صغيرة بالقرب من بولونيا في إيطاليا، يمكن أن تصنع نماذجي الأولية، ثم انتقلت إلى تونس، حيث لديَّ مكتب تصميم، وأقوم بتصنيع كل شيء في مصانع تونس.
حب الموضة
• كيف بدأ شغفك بعالم الأزياء؟
- بصفتي الأصغر بين ستة أطفال، كنت دائماً ملتصقاً بوالدتي التي تحب الفنون والموضة، وأذكر أنني كنت معها في كل مكان، عندما كانت تذهب إلى «الخيَّاطة» لتصنيع الملابس، وعندما تذهب إلى الأسواق لشراء الأقمشة.. نشأت حول حب والدتي لصنع الملابس، وأشعر بأن هذا هو ما أثار اهتمامي وحبي للموضة في سن مبكرة.
• ماذا عن مرحلة تأسيس «Born In Exile»، والتحديات التي واجهتها؟
- بالتأكيد الأمر لم يكن سهلاً، ومازال ليس سهلاً؛ فقد اضطررت إلى نقل إقامتي إلى تونس؛ لأنني لم أستطع العمل من بلدي الأم، بسبب عدم الاستقرار. وكوني لست مواطناً تونسياً واجهت العديد من العقبات أمام إنشاء شركة لإطلاق علامتي التجارية. لكنني كنت محظوظاً للغاية؛ لأنني قابلت أشخاصاً كرماء في تونس، أخذوني وعرّفوني على المصنّعين. ويصعب، أحياناً، الحصول على تأشيرات دخول إلى أوروبا وأميركا؛ لذلك لا يمكنني دائماً السفر لأسابيع الموضة حول العالم؛ لعرض علامتي التجارية، لكن هذا يحفزنا على العمل بجدية أكبر، والقيام بالمزيد والاستمرار في إطلاق مجموعات جديدة كل موسم.
اسم يمثلني
• هل يعكس اسم «Born In Exile» حالة معينة مررت بها؟
- اسم «Born In Exile» يمثلني ويمثل العلامة التجارية؛ فنتيجة لعدم الاستقرار السياسي نفيت عائلتي في السبعينات من ليبيا إلى مصر، وولدت لاحقاً في ألمانيا عام 1982. عدنا إلى ليبيا أوائل التسعينات، وعند اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا عام 2014، اضطررت إلى إنهاء عملي، ومغادرة منزلي، وبدأت رحلتي في البحث عن فرص بمكان آخر. واستقررت أخيراً في عمان بالأردن، حيث بدأت العمل على علامتي التجارية قبل الانتقال إلى تونس؛ ما أدى إلى ولادة العلامة التجارية في المنفى.
• ما فلسفتك في تصميم الأزياء؟
- أشعر بأنه لا جدوى من صنع الملابس الأساسية من قبل ماركات شابة جديدة، فالأساسيات متوفرة في كل مكان، ويتم إنتاجها بالفعل، وليس هذا ما أريد القيام به. بالنسبة لي، التفاصيل الدقيقة هي التي تجعل الملابس مميزة. وفي الوقت الحالي، أحب التطريز، وأشعر بأنه ساعدني في سرد قصة علامتي التجارية، وثقافتي، ويضيف قيمة، ويساعدك على التعبير عن الشعور الذي تحاول تصويره. أتعمق، حالياً، في معرفة المزيد حول المطبوعات، ولديَّ شعور بأنها يمكن أن تصبح الميزة الرئيسية في مجموعاتنا التالية، حيث تبدو الطباعة دائماً منعشة وشابة وحديثة.
• أين تصنّع أزياء «Born In Exile»؟
- أنا أعيش في تونس الآن، ومن حيث التصنيع هي مكان رائع؛ فأنا أصنع جميع الملابس في تونس، لكنني أستورد الخامات من إيطاليا وإسبانيا. وأنتج، أيضاً، إكسسوارات في إيطاليا، وأعرض قطعي ضمن عروض الأزياء في إيطاليا.
تفاصيل تراثية
• تقدم تصاميم معاصرة ذات طابع عالمي، وتطعّمها بتفاصيل تراثية ليبية.. حدثنا عن مجموعة ربيع وصيف 2022!
- تلتقط هذه المجموعة الجديدة عناصر من الأساطير اليونانية القديمة، وأسطورة «الأمازون»، وهي قبيلة محاربة من النساء تضاهي الرجال في القوة والقدرات. وقد سعت المحاربات الجريئات والمستقلات بشدة لغزو الكثير من العالم القديم. وعلامة «Born In Exile» تمثل المرأة المستقلة في العصر الحديث، فهذه المجموعة تبعث الحياة في «Modern Day Amazon»، أو المحاربة الأنثوية، من خلال القصات الهندسية، والأقمشة المدمجة مع المطبوعات الليبية التقليدية؛ لإنشاء تصاميم مثيرة. وجميع الأنماط محجوبة بالألوان معاً، وهو اتجاه موسمي، يمثل أيضاً درعاً تشبه درع المحارب. وتتميز ألوان المجموعة، أيضاً، بتباين ألوان الباستيل والأسود، جنباً إلى جنب مع المطبوعات الليبية التقليدية، والمميزة من علامتنا، على الحرير والجينز والجلد الأسود المرصع.
• سابقاً وحالياً.. مَن ألهمك من دور الأزياء العالمية؟ ولماذا؟
- لطالما كنت من أشد المعجبين بعز الدين علية، فقد كان عبقرياً، وكذلك تييري موغلر؛ إذ لم يكن أسلوبهما في صناعة الملابس تقليدياً على الإطلاق، وتمكنا من ترك بصمة قوية في تاريخ الموضة. أنا، أيضاً، من أشد المعجبين بتصاميم ريكاردو تيسي في «جيفنشي»؛ فقد كانت متطورة للغاية ورائدة. كما أن هلموت لانغ مصمم أدرسه دائماً، قبل أن أصمم أي مجموعة جديدة، وأستلهم كثيراً من عمله.