العيون طلائع القلوب.. ننظر إليها، نغوص فيها، فنقرأ قصصاً تعجز كل قواميس الأرض عن تفسيرها. لكن، ماذا لو أصابها ضرر وجفّت مياهها واحمرّت ودمعت والتهبت في هذا الصيف؟ وماذا يعني كل هذا الحكاك والحريق والتعب الظاهر في العينين؟ هل الشمس هي المسؤولة أم نحن المسؤولون عن كل ما قد يصيب العينين بالتهابات نعرف من أين بدأت، ولا نعرف كيف ستنتهي؟
في ابتسامة المرأة عظمة الحياة وجمالها، وفي عينيها دهاؤها وعمقها. وإذا أصاب العينين داء ترتبك النظرة، وتُخطئ الحروف، وتُصبح هناك ضرورة من أجل إعادة الحسابات. فماذا عن حساباتكم، وحساباتكنّ، في هذا الصيف؟ هل أنتم ممن يمتلكون «بعد نظر» فتعتنون بعيونكم، من وهج الشمس، قبل فوات الأوان؟
في العين، كما تعلمون، قرنية وقزحية وحدقة وعدسة وهذه الأخيرة، أي العدسة، هي القرص المرن البلوري الشفاف المحدب الشكل، الواقع مباشرة وراء الحدقة، وهناك أيضاً عضلات، وكثير من الأمراض التي قد تصيب العينين وتطمس الرؤية وتعيق لغة العينين. والسؤال: كيف نعمل هذا الصيف على حماية العينين؟
أخصائي الشبكية وأورام العين، الدكتور حسان عبدالعزيز، يتعاطى مع العينين، كجوهرتين، يفترض الاعتناء بهما طوال العمر، ويقول: «إذا كان الجلد معرضاً للإصابة بالسرطان جراء التعرض للشمس والحروق، كذلك العينان معرضتان لذلك؛ فالشمس الحارقة أخطر بكثير مما قد تظنون».
اعتلال الشبكية الشمسي
لا تلعبوا مع الشمس. صحيح هي تمنحنا فيتامين (د)، ونضارة وسمرة جذابة لكنها قد تصبح شديدة الضرر، حين ترتفع درجات حرارتها كثيراً، متسببة في التهابات بالعين، وتحديداً في الملتحمة، وتظهر الأعراض على شكل احمرار العين والإحساس بالوخز وظهور إفرازات. أمرٌ آخر قد تتسبب به درجات الحرارة العالية هو جفاف العينين. والسؤال: هل صحيح أن النظر مباشرة إلى الشمس قد يتسبب بأضرار في الشبكية قد تصل إلى العمى؟
الدكتور حسان عبدالعزيز يتحدث عن أمور كثيرة تؤثر في شبكية العين التي تشبه، بشفافيتها، المحرمة الورقية. وبينها طبعاً الشمس «فعندما نحدق في شعاع الشمس، أو في (لحام الحديد)، فإن الشعاع يغمر شبكية العين، ما قد يؤدي إلى حرق الأنسجة المكشوفة. ويمكن أن يُحدث ضرراً قصير المدى يشمل حروقاً في القرنية، وهو ما يعرف بالتهاب القرنية الشمسي. ويتسبب ذلك في حساسية تجاه الضوء، وفي آلام. وتدوم الأعراض نحو 24 ساعة. لكن، هناك خطر آخر أكبر قد يصيب العين، يسمى: اعتلال الشبكية الشمسي. ويحدث عندما تتسبب الشمس، وتحديداً ضوء الأشعة فوق البنفسجية، بإحداث ثقب في أنسجة شبكية العين، ما يخلق بقعة في العين تعرف باسم الورم العتامي (سكوتوما). هنا، يفترض أن تتذكروا، وأنتم تحت (سطوة) الشمس الحارقة، أن الجلد قد يؤلمكم إذا احترق، أما شبكية العين فلن تصدر أي نداء استغاثة سريع؛ كونها لا تحتوي على أي مستقبلات للألم، لهذا عليكم أنتم أن تتحلوا (ببعد النظر)، وتقوا عيونكم خطر الإصابة».
مرونة عدسة العين
هنا، نسأل أخصائي الشبكية وأورام العين: كيف نعرف أن مشاكل ما أصابت الشبكية؟ يجيب الدكتور عبدالعزيز: «تبدأ المشاكل تظهر على شكل ومضات، كما فلاشات الأضواء، وقد تظهر على شكل ذبابات تمر أمام العين مسرعة. على كل حال، يفترض عدم تجاهل ظهور أي أعراض في العين، والتأكد من عدم وجود تمزق في الشبكية؛ لأن إهمال علاج انفصال الشبكية يؤدي إلى فقدان البصر».
لا داعي للذعر.. فقط انتبهوا، وإذا كنتم تعتقدون أنكم أفرطتم في النظر إلى الشمس أو أي ضوء ساطع آخر، فمن المهم جداً أن تقصدوا طبيب العيون لاستشارته. ويفترض ألا يغيب عن بالكم، أبداً، أن المشكلة قد تتراكم على مدى أعوام عدة من التعرض للشمس. لذا، تشتد آثار تلك المشكلة مع تقدم العمر. هنا، لا تنسوا أبداً، في كل المراحل العمرية، أنه كلما تقدم الإنسان في العمر؛ كلما شاخت عضلات العين، وقلت مرونة العدسة، وتدنت قدرتها على التكيف مع حركتي الانكماش والارتخاء، والتكيف أيضاً مع الضوء وتركيزه على الشبكية؛ فيصبح الإنسان بحاجة إلى عدسات طبية محدبة كروية، تسمح برؤية صحيحة من مسافة قريبة تقاس بـ«الديوبتر» أي بوحدة قياس انعطافة الضوء، التي تزيد مع التقدم في العمر.
نعم، العينان قد تصابان بحروق الشمس، وكلما تقدمنا بالعمر نعود لنصبح، مثل الأطفال، سريعي التأثر بحروق الشمس. لذا، لا بدّ من الحرص على ارتداء نظارات تمنع تسرب الشمس إلى العينين، مع الانتباه إلى أن حمايتها ليست 100%. وينصح بارتداء قبعة واسعة الحواف. وتذكروا، هنا، أنه قد يكفي النظر مباشرة، وبلا حماية، إلى الشمس مدة 100 ثانية، أي أقل من دقيقتين، كي تتعرض العينان لضرر دائم في الشبكية. لذا، الشمس الواهبة للحياة قد تكون سالبة للنظر.
سر المياه
إذاً، لا تغضوا النظر، أبداً، هذا الصيف عن مخاطر الإصابة بعدوى العين، التي تنجم عن موجة الحرّ المستمرة. أمر آخر يستدعي أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، هو تشكل مستويات عالية من الملوثات في الهواء بهذا الفصل. لذا، أهم ما يمكن فعله هو إبقاء العين رطبة، من خلال تناول كميات كافية من المياه؛ للحفاظ على رطوبة البشرة والجلد والعينين. وأول أعراض جفاف العين هو احمرارها، كما قد يظهر تورم بسيط في أحد الجفون أو كليهما وحكاك وكمية غير طبيعية من الدموع وإفرازات سميكة تتراكم في العينين، خاصة خلال الليل. على كل حال، ننصحكم بوجوب عدم مشاركة نفس المناشف مع أحد، وعدم فرك العينين، والالتزام الدائم، خلال الصيف، بارتداء النظارات الشمسية عند الخروج نهاراً. ويهم أن تعرفوا أن جفاف العينين يحدث، أحياناً، عند انسداد الغدد الصغيرة عند حافة الجفون، ويؤدي - نتيجة الشمس والملوثات - إلى التهابات في الجفنين.
يبقى أن مياه البحر المالحة النظيفة تفيد العيون والجسم، وأمراض الصدفية، وحب الشباب، والإكزيما، والتقرحات. لكن يفترض ألا يغيب عن بال أحد أنها قد تتسبب، أيضاً بحساسية في العينين، خاصة إذا احتوت على مادة الكلور. لذا، إذا شعرتم بأي تطور في العينين هذا الصيف، فراجعوا طبيب العيون فوراً؛ لأن العلاج - أي علاج - في بداياته تكون نسبة الشفاء منه أعلى وأسرع وأفضل.
إقرأ أيضاً: اختبار نفسي ..هل تعرف قيمة الاعتذار؟