لايزال فيلم "كيرة والجن" يحقق أعلى المبيعات في شباك التذاكر، مع توقعات بأن يحطم جميع الأرقام القياسية السابقة، وقد لفت الفيلم نظر الكثير من النقاد، الذين وضعوا الكثير من الأسباب لنجاحه، لعل أبرزها ذلك الإبهار البصري الذي تميز به الفيلم، عدا جودة الصورة، التي تشكل أحد أهم العوامل لتميز أي عمل.
وجميع هذه العوامل، والشهرة الواسعة التي حظي بها الفيلم، وجهت الأنظار نحو مدير التصوير أحمد مرسي، الذي قد يشكل له "كيرة والجن" علامة فارقة في مسيرته المهنية، ويضعه بين أهم مديري التصوير في مصر والعالم العربي، وتالياً أهم المشاهد التي كشفت براعة مرسي، واستحق عليها الإشادة:
تفجير المعسكر
اعتبر النقاد مشهد تفجير المعسكر الإنجليزي، أحد أكثر المشاهد التي حملت في تفاصيلها الكثير من التحديات لأي مدير تصوير، لكن براعة مرسي جعلته مشهداً سلساً مقبولاً لدى المشاهد.
ومن أبرز تحديات هذا المشهد استخدام الإضاءة في معسكر مفتوح ليلاً، فبدت الإضاءة حقيقية غير مصطنعة، وأقنعت المشاهد بحقيقتها، عدا حركة الكاميرا مع الممثلين خلال المعارك وإطلاق النيران وتحرك الخيول التي تم تصويرها بمنتهى الدقة، ولا يمكن إغفال كثرة المعارك داخل المشهد، ما استلزم إيجاد أجواء ضبابية خاصة به.
رومانسية في قاعة سينما
من المعروف أن السينما في تلك الحقبة الزمنية مختلفة بشكل كلي عما نعرفه اليوم، وقد شاهدنا كريم عبدالعزيز مع رزان جمال في أحد المشاهد الرومانسية داخل صالة السينما، واستطاعا إقناع المشاهدين بشكل كامل، حتى إن هذا المقطع اعتبر أهم مشهد رومانسي بالفيلم، ونال ثناءً كبيراً بسبب طريقة نقل مرسي له. إذ نقل المكان ذاته من زوايا مختلفة، وبأكثر من طريقة، منها ما كان أثناء تناول العشاء، والثاني حينما شاهد الاثنان فيلم شارلي شابلن، ورغم اختلاف الطريقتين، فقد ظهرت المشاهد بروح رومانسية خفيفة وسط أجواء عامة من المقاومة والمعارك.
صراعات كبيرة
مشاركة أعداد كبيرة من الممثلين، سواء من أبطال العمل، أو الثانويين أو حتى الكومبارس، تشكل تحدياً كبيراً لأي مدير تصوير، خاصة إذا كان المشهد يضم صراعات كبيرة ولقطات أكشن، وإطلاقاً للنيران من جانبين، وهو ما تجلى بالفيلم بين الثوار المصريين والجنود الإنجليز.
واستطاع مرسي الحفاظ على درجة الإضاءة في النهار، ونقل المشاعر بشكل كامل من خلال الصورة التي تمثلت بلقطات بعيدة وأخرى قريبة، رافقتها حركة مستمرة طوال الوقت، مع الوضع في الاعتبار العدد الكبير للممثلين، وكثرة الاشتباكات، وضرورة التنسيق مع باقي فريق الفيلم لإتمام هذه المهام المتعددة، علماً بأن هذا المشهد صور في أكثر من موقع، واستطاع مدير التصوير الحفاظ على وحدة الصورة بشكل كامل.
تعريف الشخصيات
من أهم المشاهد التأسيسية في "كيرة والجن"، المشهد الذي نتعرف من خلاله على الشخصيات الرئيسية في الفيلم، وقد يكون الأمر ظاهرياً سهلاً، لكن التحدي هنا كان في أن الشخصيات الرئيسية كلها موجودة في قبو ضيق، ما يعيق حركة الكاميرا التي من الأفضل لها أن تنتقل بسلاسة من شخصية إلى أخرى، لكن بدا الأمر سلساً للغاية بالنسبة لمرسي. كذلك، في هذه الفترة التاريخية كانت مصادر الإضاءة قليلة، فكيف يمكن إضاءة قبو بالشكل اللازم من دون أن يبدو مصطنعاً؟ بالتأكيد استخدم المرسي حيلاً ما ليبدو الأمر واقعياً، كما كان في المشهد.
المطاردة
شكل مشهد مطاردة "الجن" (أحمد عز) علامة فارقة إضافية أثبتت كفاءة مدير التصوير، إذ كان عز وسط بيوت ضيقة، وظهر فيه أكثر من أسلوب، بين حركة الكاميرا السريعة أثناء الجري، أو البطيئة والثابتة أثناء التخفي والحيل، وجعل المشاهد يتعرف إليه بكل سهولة رغم مطاردته بأماكن ضيقة، ولا يمكن إغفال ما بدا أنه سقوط للكاميرا من دور علوي إلى الأرض بالتوازي مع الممثلين تماماً، كل هذا أضاف واقعية وحيوية كبيرتين للمشهد.
ومن الجدير ذكره أن فيلم "كيرة والجن" مستوحى من أحداث حقيقية، تعود بالزمن لأكثر من 100 عام إبان ثورة 1919، تلك الفترة التي شهدت ذروة مقاومة المصريين بقيادة سعد زغلول للاحتلال الإنجليزي، وتتمثل المقاومة في شخصيتي "كيرة" (كريم عبدالعزيز)، وعبدالقادر الجن (أحمد عز)، كما يقدم الفيلم نظرة متفحصة عن المجتمع المصري في تلك الفترة.
ويضم الفيلم عدداً من النجوم المصريين، أبرزهم إضافة لبطليه: هند صبري، وسيد رجب، وأحمد مالك، وهدى المفتي، ورزان جمال، ولارا إسكندر، وعلي قاسم، ومحمد عبدالعظيم، ومن إخراج مروان حامد.
إقرأ أيضاً: محمد كريم في جولة سياحية بالقاهرة.. مع أبطال فيلمه الهوليوودي «A Day To Die»