يُنظر إلى النباتات المنزلية على أنها طريق سهل لجلب جزء من الطبيعة من الخارج إلى الداخل، وقد يبدو جلب بعض النباتات المنزلية إلى مساحة عيشك بمثابة تغيير صغير، لكن وقعه قد يكون كبيراً على الصحة البدنية والعقلية، خاصة أن الكثير من الدراسات كشفت أن البشر يتمتعون بصحة أفضل عندما يكونون على مقربة من النبات، وإذا اقتنعت بأهمية وجود النبات في بيتك، فإننا ننصحك بالتوجه إلى أقرب مشتل لتشتري بعض الشتلات التي تذكرك بالطبيعة، وتجعل مكان عيشك أكثر صحة وسعادة.
النباتات المنزلية لا تضفي لمسة جمالية على أجواء المنزل فحسب، كونها تخلق نوعاً من البهجة التي تسر الناظر وتطيب الخاطر، وإنما تملك أيضاً فوائد أخرى مهمة، تنعكس إيجاباً على الصحة الجسدية والنفسية والعقلية.
وهناك واحدة تعتبر، بلا منازع، من أفضل مزايا النباتات المنزلية هي قدرتها على جعل هواء المنزل الذي يعبق بالملوثات أنقى، وأنظف، وأحسن جودة، وهذا ما أثبته باحثون من وكالة ناسا في الثمانينيات من القرن المنصرم، عندما كانوا يبحثون عن طرق لتحسين جودة الهواء في المقصورة الفضائية المغلقة، فخلصوا إلى نتيجة مفادها أن جذور وتربة النباتات المنزلية قللت بشكل ملحوظ تركيز المركبات العضوية المتطايرة جواً.
فوائد النباتات المنزلية للصحة العقلية
تحسن النباتات المنزلية الصحة والرفاهية، وتزيل ثاني أوكسيد الكربون من الهواء وتستبدله بغاز الحياة الأوكسجين، وتقلل التوتر، وتعزز الإبداع والإنتاجية، وتحسن النظرة إلى العمل، وتترك آثاراً إيجابية على الصحة العقلية. هذا ما يقوله العلم في النباتات المنزلية:
1. تحمل معها المزيد من التفاؤل:
يمكن للنباتات المنزلية أن تحسن الحالة المزاجية؛ لأنها تثير لدى الشخص مزيداً من الفرح والسعادة والتفاؤل. وتزيد النباتات المنزلية بشكل كبير الطاقة الإيجابية، وتساعد الناس على الشعور بالأمان والاسترخاء.
2. تقلل مستويات القلق والتوتر:
كشفت دراسة، نشرت في مجلة الأنثروبولوجيا الفيزيولوجية، أن النباتات في المنزل أو المكتب، يمكن أن تجعل الفرد يشعر بمزيد من الراحة والهدوء الطبيعي. وأجريت الدراسة على مجموعة من المشاركين، الذين قسموا إلى فريقين تم تكليفهما بمهمتين مختلفتين: رعاية نبات منزلي، أو إكمال مهمة قصيرة تعتمد على الكمبيوتر، وقام الباحثون بعد كل مهمة بقياس العوامل البيولوجية المرتبطة بالتوتر، بما في ذلك معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ووجد الباحثون أن رعاية النبات المنزلي قللت استجابة المشاركين للتوتر. في المقابل، إن المشاركين في مهمة الكمبيوتر سجلوا قفزات عالية في معدل ضربات القلب وأرقام ضغط الدم، وبناء عليه خلص المشرفون على البحث إلى أن العمل مع النباتات المنزلية يقلل الإجهاد النفسي والفيزيولوجي.
3. تشحذ اليقظة والانتباه وتزيد القدرة على التركيز:
تساعد العناية بالنباتات المنزلية في الحفاظ على صحة العقل، وتزيد حدة اليقظة والقدرة على الانتباه والتركيز، وفي دراسة ضمت 23 طالباً، تم وضعهم في فصول دراسية مختلفة، واحد فيه نبات اصطناعي، وآخر فيه نبات حقيقي، وثالث فيه صور نباتية، ورابع ليست فيه نباتات قط.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الطلاب الذين درسوا في الفصل الذي فيه نبات حقيقي كانوا أكثر انتباهاً، وأكثر قدرة على التركيز من طلاب الفصول الدراسية الأخرى. إن قضاء بعض الوقت في الاعتناء بالنباتات يعد نشاطاً يقظاً، خاصة بالنسبة لجيل الألفية الثالثة، الذي تركبه الهموم والمشاكل، التي تنهال عليه من كل حدب وصوب.
4. لها دور علاجي:
يعد القيام بأعمال البستنة للنباتات المنزلية مفيداً للأشخاص الذين يعانون أمراضاً عقلية، مثل: القلق، والاكتئاب، والخرف، وغيرها. من هنا، نجد أن بعض العيادات المختصة، في مانشستر بإنجلترا، توصي مرضاها المصابين بالقلق والاكتئاب بزراعة الزهور والنباتات والاهتمام بها؛ لأنها تعزز الشفاء، وتجلب معها الإحساس بالفرحة.
5. تزيد الشعور بالمسؤولية:
يعزز الاهتمام بالكائنات الحية ثقة الشخص بنفسه، ويحسن رفاهيته بشكل كبير. وأظهرت دراسات أن أولئك الذين يقضون وقتاً أطول مع النباتات هم أكثر عرضة لمحاولة تقديم العون للآخرين. وأنه، غالباً، تكون لدى هؤلاء علاقات اجتماعية أقوى مقارنة مع غيرهم.
6. تحسّن نظرة الشخص إلى العمل:
قد يؤدي منظر الحدائق والرقع الخضراء إلى تحسين الرضا الوظيفي لأي شخص، لكن المفاجأة هنا أن نباتاً محفوظاً في وعاء يمكن أن يكون له نفس التأثير. في دراسة شملت أكثر من 440 موظفاً، يعملون في متاجر أمازون الهند وأميركا، وجدوا أن أولئك الذين تضم بيئة مكاتبهم عناصر طبيعية، مثل النباتات الداخلية، شعروا برضا وظيفي أكبر والتزاماً أكثر تجاه الشركة التي يعملون فيها، مقارنة مع آخرين يشتغلون في أماكن لا تحتوي على عناصر طبيعية. ويقول الباحثون إن العناصر الطبيعية تساعد كثيراً في تعزيز الإنتاجية، وتخفيف وطأة القلق والتوتر في العمل.
وكان لوباء "كوفيدـ19" تأثير بالغ على الصحة العقلية للعديد من الناس، وأظهرت دراسة إسبانية أن جلب النباتات المنزلية يحمل معه فوائد عاطفية، يكون الناس بأمس الحاجة إليها أثناء فترة الحجر المنزلي.
ويساعد وجود النباتات على تحفيز العقل، وإبقائه على تواصل مع العالم الخارجي، وأراد باحثون من كلية الهندسة الزراعية بجامعة إشبيلية الإسبانية، بالتعاون مع جامعات دولية أخرى، التعرف على كيفية تأثير وجود النباتات في المنزل على الرفاهية العاطفية للناس خلال فترة "كورونا". ومن أجل ذلك، وضع الباحثون استبياناً مكوناً من 38 سؤالاً لجمع المعلومات حول التركيبة السكانية، والوضع المعيشي، وطول الوقت الذي أمضوه في الحجر، وعدد النباتات التي كانت في المنزل، والاهتمام بالبستنة إلى جانب تفاصيل أخرى ذات علاقة.
وتم توزيع الاستبيان المشار إليه على آلاف الأشخاص التابعين لدول عديدة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي بشكل أساسي، وأظهرت النتائج أن 3 من كل 4 مشاركين شعروا بأن النباتات كان لها تأثير إيجابي على مزاجهم خلال فترات الإغلاق، وأن أكثر من 55% منهم كانوا يتمنون لو كان بحوزتهم المزيد من النباتات.
ولم تحدد الدراسة أسباب ارتباط النباتات بتحسن الصحة العقلية أثناء وباء كورونا، إلا أن خبراء الصحة العقلية يقولون إن هناك تفسيرات مدعومة علمياً تصب في هذا الاتجاه، لعل من أبرزها أن التفاعل النشط مع النباتات (كسقيها ورعايتها)، يمكن أن يكون تمريناً يقظاً ومهدئاً من شأنه أن يقلل من الإجهاد البدني والعاطفي، ويمنح الإحساس بالهدف، ويساعد على تقليل التوتر.
أهم النباتات المفضلة للصحة العقلية:
- البنفسج الأفريقي.
- زنيق السلام.
- اللافندر.
- اللبلاب.
- شجرة التين.
- الصبار.
- إكليل الجبل.
- نبات الأفعى.
عوامل مهمة بخصوص النباتات المنزلية:
هناك ثلاثة عوامل مهمة، لا بد من أخذها بعين الاعتبار عند اقتناء النباتات المنزلية:
- ضرورة اختيار أنواع نباتية آمنة للأطفال والحيوانات الأليفة، فبعض أجزاء النبات قد تكون سامة.
- الحذر من تفشي الآفات (كالحشرات والعفن والفطريات، وغيرها)، التي قد تجد في النباتات الداخلية مرتعاً خصباً لها.
- قد تكون بعض النباتات المنزلية مصدراً للربو والحساسية خاصة للأطفال. من هنا، يجب الانتباه، فعند ظهور أية بوادر تشير إلى اندلاع أعراض الربو والحساسية بعد جلب النباتات إلى المنزل، يكون من الحكمة هنا إزالتها.