بلا شك إن السفر مثير وملهم وممتع، ونحن محظوظون لأننا نعيش في عالم أصبح السفر فيه أسهل وأرخص من أي وقتٍ مضى، ويزداد عدد الأشخاص الذين يفعلون ذلك أكثر كل عام، حيث يقضي ما يقدر بنحو 1.18 مليار شخص وقتًا خارج بلدانهم كل عام.
وفي حين أن عطلة الشاطئ قد تكون ما نحتاجه من حين لآخر، تُظهر الدراسات أن السفر الذي يتضمن في طياته المغامرة، وطويل الأمد، يمكن أن يعيد توصيل دماغك حرفياً ويغير نظرتك للعالم، ويمكن أن يجعلك شخصًا أفضل، وإليكم الأسباب.
1. يشجع التعاطف
يولد البشر ليكونوا متعاطفين، أي أن القدرة على الشعور بألم شخص آخر متأصلة في أدمغتنا، وتعمل كأساس لجميع العلاقات الصحية، ومع ذلك فإنها مثل العديد من الأشياء في الحياة، تتطلب ممارسة مستمرة.
وجادل ستيفن بينكر، أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد، بأن انتشار وسائل الإعلام في القرنين الماضيين وسع "دائرة التعاطف"، لأنه جعل الحياة البعيدة سهلة الوصول، وقابلة للتواصل، في طريقة جديدة بالكامل. ومع ذلك، رغم أننا نتمتع الآن بوصول شبه فوري إلى العالم من خلال هواتفنا الذكية، فإن الحمل الزائد للمعلومات يجعلنا مرهقين للغاية ومشتتين للغاية. لذا، ونظرًا لأن السفر يجبرنا على "الهروب من منطقة الراحة الخاصة بنا"، ومواجهة أشخاص جدد ومواقف جديدة في العالم الحقيقي، وبالتالي يعزز قدرتنا على التعاطف مع نطاق أوسع من الأشخاص. والتعاطف مرتبط بالسفر والاكتشاف بطريقة أخرى، فقد ثبت أن تعلم لغة جديدة، وأن تصبح ثنائي اللغة، خاصة في وقت مبكر من الحياة، يزيدان قدرتنا على التعاطف، بحيث يجعلان من الطبيعي لدماغنا التبديل بين اللغات، وبالتالي وجهات النظر.
2. يزيد الوعي الذاتي
كما أن الانفتاح على الآخرين يجعلنا أكثر انفتاحًا على أنفسنا، حيث أظهرت دراسة حديثة أن العيش في الخارج والتفكير في قيمك الخاصة عندما تواجهين مواقف غير مألوفة وأشخاصاً كل يوم، يجعلك أكثر وعياً بنفسك وأقل توتراً، ورغم أن هذه الدراسة نظرت في العيش بالخارج، وليس السفر، فمن المحتمل أن يكون للسفر الغامر طويل المدى نفس التأثير. وأحد المفاهيم ذات الصلة، المرتبط بأن تصبح أكثر وعياً بالذات، وأن يكون لديك المزيد، هو التعرض لوجهات نظر مختلفة، وهو ما يسميه علماء النفس "المرونة المعرفية"، أو القدرة على القفز بين الأفكار، ويحافظ السفر على مرونة عقولنا؛ لأنه يتحدى طرقنا المحددة لعمل الأشياء ورؤيتها.
3. يجعلك أكثر إبداعاً
سيصبح الإبداع السمة المميزة لأولئك الذين يستمرون في الازدهار، وسيكون أيضًا ضروريًا لحل المشكلات العالمية المعقدة، والاستمرار في الابتكار بالأعمال والعلوم. وأظهرت الدراسات، التي أجراها آدم غالينسكي، الأستاذ في جامعة كولومبيا، أن المديرين التنفيذيين الذين عاشوا في العديد من البلدان الأجنبية، وبالتالي اكتسبوا الكثير من المعرفة بالثقافات واللغات الأخرى، هم أكثر إبداعًا وجرأة في نهجهم بعملهم. كما أظهرت دراسات أخرى، أجريت في هولندا وسنغافورة، أن الأشخاص الذين يسافرون أفضل في حل المشكلات بطرق غير تقليدية.
4. يزيد الثقة
بينما تستمر بلدان الشمال الأوروبي، بما في ذلك فنلندا، بالتمتع بمستويات عالية من الثقة في كل شيء، من المؤسسات السياسية إلى الأشخاص الآخرين، فإن الثقة في أجزاء أخرى كثيرة من العالم تتراجع. ونظرًا لأن مستويات الثقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسعادة، فقد تصدرت فنلندا مؤشر السعادة العالمي في عام 2018، بينما احتلت الولايات المتحدة المرتبة الـ18، من الواضح أن الثقة أمرٌ يستحق الاستثمار فيه. ويُعد السفر وسيلة قوية لبناء الثقة؛ لأنه يجبرنا على مواجهة مواقف صعبة وغير مريحة طوال الوقت، مواقف يتعين علينا فيها الانخراط بنشاط مع الغرباء والثقة بهم، بمن في ذلك أولئك الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة جدًا.