لطالما شاهدنا في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية شخصاً يصاب بأزمة قلبية حادة، بعد أن يسمع خبراً مزعجاً، أو يقع في مأزق صعب ينتج عنه توتر نفسي شديد، كالغضب والهيجان والقلق والحرج الشديد. فهل تسبب الشدة النفسية أزمة قلبية في الواقع، أم أن ذلك يحدث في الدراما فقط؟
نشرت دراسة أميركية، في نوفمبر 2021، تحليلاً لدراستَين عن تأثير التوتر النفسي على سلامة القلب والأوعية الدموية لدى المصابين بمرض نقص تروية القلب (تصلب شرايين القلب)، بحسب موقع jamanetwork الصحي.
وشملت الدراستان 918 مريضاً بنقص تروية القلب، سُجل عندهم وجود نقص في تروية القلب عند إجراء اختبار الجهد العادي، واختبار التوتر النفسي (إلقاء كلمة أمام جماعة)، مع إثبات وجود نقص تروية القلب في اختبار التصوير الطبقي بالطب النووي (SPECT).
وتمت متابعة المرضى، وتسجيل الإصابات بالأزمات القلبية أو ضعف القلب أو الوفاة بسبب قلبي على مدى فترة الدراسة (حوالي خمس سنوات).
وظهر في الدراسة وجود علامات نقص تروية القلب لدى 16% من المرضى عند تعرضهم للتوتر النفسي، ولدى 31% منهم في اختبار تخطيط القلب مع الجهد.
وكان حدوث أزمات قلبية في فئة المرضى الذين ظهرت عندهم علامات نقص تروية القلب عند تعرضهم للتوتر النفسي بنسبة ثلاثة أضعاف حدوثها في فئة المرضى، الذين لم يظهروا نقصاً في تروية القلب عند تعرضهم للتوتر النفسي. بينما لم تُظهر فئة المرضى الذين لديهم نقص تروية القلب في اختبار الجهد العادي فرقاً مهماً عن فئة المرضى الذين لم يظهروا نقصاً في تروية القلب. أي أن اختبار التوتر النفسي كان أكثر نجاحاً في التنبؤ بحدوث أزمات قلبية مستقبلية من اختبار تخطيط القلب مع الجهد العادي.
كما أن ضعف عضلة القلب والدخول إلى المستشفى لعلاج قصور القلب كانا أكثر حدوثاً بثلاثة أضعاف تقريباً عند فئة المرضى الذين ظهر عندهم نقص تروية القلب عند تعرضهم للتوتر النفسي، مما حدث في فئة المرضى الذين لم يُظهروا نقصاً في تروية القلب.
تشير هذه الدراسة إلى أن التوتر النفسي ربما يزيد احتمال حدوث أزمات قلبية فعلاً عند المرضى المصابين بتصلب شرايين القلب ونقص تروية القلب، وأن كشف نقص تروية القلب في اختبار التوتر النفسي، بإلقاء كلمة أمام مجموعة من الناس مثلاً، ربما يفيد في وضع خطة علاج لهؤلاء المرضى، تشمل تجنبهم مثل هذه التوترات النفسية والذهنية، وربما متابعتهم بخطة علاج ومراقبة أكثر حرصاً. وعلى كل حال، لا بد من إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية؛ للتأكد من أهمية ذلك عملياً وسريرياً.
إقرأ أيضاً: خطوات بسيطة لإدارة حياة زوجية ناجحة