كثيرات من النساء يدركن أهمية ممارسة الرياضة عموماً، وأثرها في الصحة البدنية ونشاط الجسم. لكنَّ كثيرات، أيضاً، يجهلن نوعاً آخر من الرياضات المهمة، هو ركوب الدراجات، لاسيما مع الاعتقاد الخاطئ بأن رياضة ركوب الدراجات خاصة بالرجال فقط، وعلى الأغلب تخوفاً من رد فعل المجتمع؛ لأن تلك الرياضة غير متعارف عليها في مجتمعاتنا العربية بين فئات النساء، فمن النادر أن تجد امرأة في الطريق تقود دراجة هوائية وهي متوجهة إلى العمل، أو التسوق مثلاً، رغم الفوائد المذهلة لتلك الرياضة في تعزيز الصحة البدنية والنفسية.
من هذا المنطلق، جاءت التوعية برياضة ركوب الدراجات الهوائية، وتخصيص يوم عالمي لها، وقد تم اعتماده من الأمم المتحدة في الثالث من يونيو كل عام، ولأنها دولة استثنائية في اهتمامها بالإنسان عامة، وتركيزها على المرأة خاصة، فقد وضعت الإمارات العربية لممارستها الكثير من سبل التحفيز بأمان، فاستحقت أبوظبي لقب «مدينة الدراجات الهوائية»، الذي حصلت عليه من الاتحاد الدولي للدراجات، الهيئة العالمية المنظمة لرياضة ركوب الدراجات الهوائية؛ لتصبح العاصمة الإماراتية أبوظبي أول مدينة آسيوية تحظى بهذا اللقب المرموق، الأمر الذي يعكس جهود حكومة أبوظبي، على مدار السنوات الماضية، لتكون وجهة مفضلة لرياضة ركوب الدراجات.
ومن بين الفعاليات التي وفرتها الدولة، فعالية أدنوك «تدرّبي في ياس» التي يقدمها مجلس أبوظبي الرياضي في حلبة مرسى ياس، أسبوعياً، مساء كل ثلاثاء من الساعة 6 إلى 9 مساءً، على مسار سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى لـ«الفورمولا1» في أبوظبي؛ لتفتح بذلك المجال للسيدات لممارسة الرياضة، ضمن أجواء خاصة وحصرية، وبمنتهى الأمان والراحة.
التقت «زهرة الخليج» مجموعة من المشاركات في الفعالية بحلبة مرسى ياس، وأكدن أهمية ركوب الدراجات بالنسبة لهن، وكيف كانت هذه الرياضة سبباً في تغيير حياتهن إلى الأفضل، فكان التحقيق التالي.
ألم في المفاصل
مكاسب لا حصر لها، منذ أن بدأت - بتشجيع من صديقتي الوحيدة - ممارسة رياضة ركوب الدراجات، بعد أن علمت أن الدولة قد وفرت يوماً للنساء في حلبة مرسى ياس.. هكذا بدأت روضة منصور (ربة منزل) الحديث، قائلة: كنت أعاني آلاماً في مفاصل الركبة بسبب زيادة الوزن، وكثيراً ما نصحني الطبيب بممارسة رياضة ركوب الدراجات، أو على الأقل الذهاب إلى نادٍ رياضي للتمرن على الدراجة الثابتة؛ لأنها تعمل على تقوية عضلات الركبة. وبالفعل انضممت إلى أحد النوادي الرياضية، لكنني لم أشعر بتحسن؛ نظراً لعدم انتظامي في الذهاب، لاسيما أنني كنت أشعر بالإرهاق سريعاً، وبالتالي بالملل، فتوقفت إلى أن علمت بفعالية «تدربي في ياس».
وتتابع: في البداية كنت أذهب أسبوعياً، في اليوم المخصص للنساء مع صديقتي، إلى أن علمت بأن اليوم التالي هو يوم لجميع أفراد العائلة؛ فبدأت أصطحب زوجي وأبنائي، للاستمتاع بالأجواء الرائعة، وممارسة الرياضة التي أصبحت من أفضل الرياضات بالنسبة لي، بعد أن فقدت الكثير من وزني نتيجة ممارستها، فضلاً عن تحسن عضلات الركبة، والاستمتاع بالجو العائلي مع أسرتي.
نوبات هلع
وتقول عفراء محمد: تعتبر رياضة ركوب الدراجات الهوائية بالنسبة لي المتنفس من هموم الحياة، لاسيما بعدما شاركت في فعالية «تدربي في ياس» في اليوم المخصص للسيدات، بعد أن شجعتني والدتي كثيراً على الذهاب، وتكرمت بالبقاء مع أبنائي لترعاهم حتى أعود، موضحة أنها تُلقي بكل أحزانها ومتاعبها وتحديات الحياة التي تواجهها على باب حلبة مرسى ياس، حتى الهاتف تغلقه، قائلة: أسرق أجمل سويعات الحياة في هذا اليوم.
وتستكمل حديثها، قائلة: قبل أن أعتاد الذهاب إلى حلبة مرسى ياس؛ لممارسة رياضة ركوب الدراجات، كنت أذهب أسبوعياً لتناول الطعام الجاهز، وأدفع الكثير من الأموال لتناول مأكولات تحتوي على الكثير من الدهون والسعرات الحرارية، وكنت قليلة الحركة، وأشعر دائماً بمشاكل في الرؤية، وضيق في التنفس، وسرعة في ضربات القلب، خاصة عند النوم، وقد قام الأطباء بتشخيص حالتي بأنها «نوبات هلع»، لكن منذ أن بدأت - قبل عام تقريباً - ممارسة هذه الرياضة، تخلصت من هذه المشكلة.
وزن مثالي
أما نها سمير (موظفة)، فتشدد على أهمية اهتمام المرأة بممارسة الرياضة عامة، وركوب الدراجات الهوائية خاصة؛ لما لها من فوائد، موضحة أنها تمارس رياضة ركوب الدراجات منذ أن كانت طفلة؛ ما جعلها تكتسب وزناً مثالياً، خاصة بعد أن تزوجت، وأنجبت، والمعروف أنه - في الأغلب - يزداد وزن المرأة بسبب الحمل والولادة، وهذا لم يحدث لي بسبب ممارسة تلك الرياضة الرائعة.
وتوفر الحلبة، بالتعاون مع نادي أبوظبي للدراجات الهوائية، عدداً من الدراجات الهوائية، التي يمكن لأي سيدة استخدامها مجاناً، وتتوفر دراجات هوائية بقياسات مختلفة في قرية مجتمع ياس، كما تتوفر إمكانية استخدام الخوذات مجاناً، ويمكن للسيدات الضيفات إحضار خوذهن الخاصة أيضاً؛ لارتدائها.
رياضة كل النساء
وعن السن المناسبة لركوب الدراجات، تقول المدربة الكندية، لوري باسكفيل، التي تم التعاون معها لتدريب السيدات مجاناً في حلبة ياس، إن السن المناسبة لركوب الدراجة الهوائية على مسار السباق هي 12 عاما، وتوضح أيضاً أن كل امرأة يمكنها أن تشارك مهما كان وزنها، أو طبيعة عملها، لافتة إلى أنها تشعر باستياء؛ عندما تصف إحداهن رياضة ركوب الدراجات بـ«الذكورية، وغير المناسبة للنساء»، مشددة على أن الرياضة، خاصة ركوب الدراجات من الرياضات المهمة جداً؛ للحفاظ على صحة القلب والرئة، وتعزيز صحة العظام، فضلاً عن تحسين المزاج العام، وإزالة الطاقة السلبية والتوتر والاكتئاب.
بدَوْرها، توضح المدربة البريطانية، سارة وليامز، التي تعمل على تدريب النساء والعائلات، بشكل عام، على ركوب الدراجات، إن الإنسان يحتاج إلى يوم واحد؛ ليتعلم التوازن وركوب الدراجة، بينما يحتاج من أسبوع إلى شهر على الأكثر؛ ليصبح سائقاً محترفاً بحسب شغف كل شخص، ومدى اهتمامه بالتعلم، وتلفت إلى أن تناول الطعام الصحي، وركوب الدراجات، يساهمان في تعزيز اللياقة البدنية، وخسارة الوزن الزائد.