رغم شعبيتها الجارفة في مختلف أرجاء الوطن العربي، وامتلاكها قلوب الكثيرين، عدا نجاح جميع أعمالها الغنائية دون استثناء، فإن الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب شكلت حالةً جدلية يصعب فهمها، كما هي الحال في الكثير من تصرفاتها، التي لطالما تصدرت عناوين الصحف والمواقع الإخبارية، وأثارت الجدل لدى محبيها أنفسهم.
وغالباً، تتبع إطلالات شيرين وتصرفاتها في أي مكان حالة من الأخذ والرد والهجوم والدفاع، وليس ابتداءً من رفعها الحذاء في واحدة من حلقات أحد برامج اكتشاف المواهب، وكذلك إعلانها اعتزال الفن قبل تراجعها عن القرار، مروراً بزواجها وطلاقها، وظهورها حليقة الرأس، ومشكلتها الأخيرة مع طليقها حسام حبيب، وقد لا يتسع ذكر كل المواقف التي شكلت فيها النجمة المصرية مادة دسمة لمختلف وسائل الإعلام.
رأي علم النفس
تقول فداء أبو الخير، الأستاذة المساعدة بعلم النفس الإكلينيكي في جامعة عمان الأهلية، لـ"زهرة الخليج"، إن أي شخص في هذه الحياة، سواء كان مشهوراً أم غير ذلك، يبقى معرضاً للإصابة بأي اضطراب نفسي، وقد يواجه بعض المشاكل التي لا يستطيع التعامل معها بطريقة صحية وصحيحة، كما يمكن أن يعتقد هذا الإنسان أنه يتصرف بشكل صحيح في مواجهة المواقف التي يمر بها، فيما يرى الآخرون تصرفاته عكس ذلك، وتبقى هذه الأحكام نسبية، تؤول إلى اختلاف الناس بشكل عام.
وتشير أبو الخير إلى أن الفيصل في كل ما سبق والحكم على السلوك بأنه صائب أو خاطئ، يعتمد على عدة معايير لا يمكن إجمالها بما صدر فقط من شيرين.
وتعرج أستاذة علم النفس الأردنية على كل ما قامت به شيرين من تصرفات أثارت الجدل، مبينة أنها تعطي انعكاساً لأمور وظروف معينة، مع التأكيد أنه لا يحق للآخرين إصدار الأحكام دون معرفة كامل التفاصيل، وعدم اتضاح الصورة بشكل كامل.
كما ترفض تشخيص حالة شيرين، ذلك أنه لا يحق لأحد إعطاء تشخيص دقيق من خلال مواقف محدودة وأحداث معينة في الحياة، لأن وجود مشكلة نفسية تصل حد الاضطراب تحتاج توافر عدة شروط ولفترة زمنية محددة.
وتؤكد أنها ستقوم ببعض الإضاءات على حياة وسلوكيات النجمة المصرية، ولن تقوم بتشخيص حالتها النفسية، وأن هذه الإضاءات ستكون عمومية، تشرح بها بعض التصرفات التي أثارت جدلاً كبيراً عبر مسيرة شيرين الطويلة.
وتوضح أبو الخير أن ما ظهر من شيرين وأثار الجدل لم يكن بسبب الفعل أو السلوك، وإنما لأنه صدر عن شخصية مشهورة يتابعها الملايين حول العالم، مبينة أن الشهرة لا تحمي صاحبها من التعرض للخذلان أو الوقوع في مشاكل معينة تؤثر على نفسيته وصحته الجسدية، وأن ما يحدث مع شيرين قد يحدث مع ملايين البشر، كما أن كل ما تتصرف به شيرين هي أفعال يقوم بها عدد كبير من الناس دون أن يلفتوا الأنظار إليهم.
وتطرقت أستاذة علم النفس إلى موضوع الاعتزال والتراجع عنه، قائلةً إنه ليس أمراً جديداً، لكنه معتاد بشكل كبير لدى الفنانين، وشيرين ليست الأولى التي تعلن الاعتزال وتتراجع عنه، فقد سبقها ولحقها الكثيرون الذين أعلنوا اعتزالهم لأسباب دينية أو اجتماعية أو بهدف التفرغ لأنفسهم والابتعاد عن الشهرة، ومنح حياتهم شيئاً من الخصوصية، ومنهم من استمر باعتزاله ومنهم من تراجع عنها.
إقرأ أيضاً: فاشينيستات إماراتيات غيرن مفهوم الجمال والموضة
وتشير أبو الخير، في حديثها مع "زهرة الخليج" إلى أنه من المعروف عن شيرين أنها إنسانة تفيض بالمشاعر والأحاسيس، وليس أدل على ذلك من وجود تصريح سابق لها عبرت من خلاله عن خوفها من تربية الحيوانات الأليفة، كونها تخشى أن تتعرض هذه الحيوانات لمشكلة ما ولا تستطيع مساعدتها ويحزنها ذلك الأمر ويؤثر بها بشكل عميق، واصفةً حالة شيرين بأنها تمر بتذبذب انفعالي بين فترة وأخرى، وهو ما يتسبب لها ببعض المشاكل والمخاوف.
وبخصوص حلق شعرها، تبين الأخصائية النفسية أن هذه الحالة متعارف عليها لدى الكثير من السيدات، خاصة عند تعرضهن للخذلان أو الطلاق، فقص الشعر لدى معظم السيدات أمر انفعالي وعاطفي، وتسعى المرأة خلاله لإعطاء إشارة بأنها تعرضت للخذلان بشكل كبير، وأنها تريد أن تبقى قوية من خلال المواجهة والتخلص من عدد كبير من الأمور العزيزة والغالية عليها، وهي الرسالة التي توصلها بقص شعرها كون شعر أي امرأة له معانٍ كثيرة بالنسبة لها.
وتكمل: "غالباً، إن السيدات اللواتي يتعرضن لحوادث طلاق أو خذلان يتوجهن لقص شعرهن وتقصيره، أو تغيير شكله من خلال صبغه، ومنهن من تقوم بحلقه بالكامل كما فعلت شيرين، وهي حالة واضحة تدلل على الدفاع عن النفس ومحاولة الظهور بمظهر الإنسان القوي القادر على مواجهة المواقف الصعبة والتخلي عما هو عزيز عليها، كما أن قص الشعر يعتبر نوعاً من التعبير عن المشاعر كذلك، وأن قص الشعر وحلقه يمكن أن يعبرا عن شكل من أشكال عقاب الذات لسوء الاختيار في أمر ما.
وتضيف أبو الخير: "شيرين بتصرفاتها وسلوكياتها تحاول أن تتوافق وتوجد حالة من التوازن النفسي، من خلال التعبير الانفعالي الذي تقوم به، سواء بالبكاء أو الانعزال عن الناس أو قص الشعر، وغيرها من التصرفات، وحتى الظهور بشكل مغاير تماماً للحزن كما ببعض الحفلات".
وتطالب أبو الخير بضرورة احترام ما تمر به المطربة المصرية في حياتها الخاصة، فهي أنثى كأي أنثى تحاول التكيف مع ظروفها، بعيداً عن إصدار أية أحكام لها علاقة بإصابتها بأي مرض نفسي.
وبالإشارة لتصريحها الأخير بأنها عالجت نفسها من الاكتئاب من خلال الدعاء والصلاة، تؤكد أستاذة علم النفس أن الروحانيات تشكل عامل دعم ووقاية لدى بعض البشر، لكن لم يثبت علمياً علاجها لأي مرض من الأمراض النفسية والجسدية، خاصة أن الكثير من الاضطرابات النفسية لها علاقة بخلل عضوي يحتاج لعلاج مادي صريح، ولا يمكن أن يكون الدعاء فقط علاجاً للاكتئاب بأي حال من الأحوال، مطالبة فنانة بحجم شيرين بضرورة مصارحة محبيها وجمهورها في حال تلقت علاجاً ما، خاصة أنها تشكل قدوة لدى الكثير من الأجيال الشابة، ومن واجبها حثهم على اتباع الطرق العلمية السليمة في حال تعرضوا لأية مشاكل نفسية.
ناقد فني يحذر من انتحار شيرين!
من جهته، يجد الناقد الفني والكاتب الصحافي، طلعت شناعة، خلال حديثه لـ"زهرة الخليج"، أن تصرفات الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب تنبع من مزاجها الشخصي المتقلب.
وقال: "المتتبع لسيرة شيرين منذ انطلاقتها الفنية سيجدها متقلبة الآراء والأفكار والتوجهات، وساهمت نفسها في إيضاح صورة عنها خلال مشاركتها كمدربة في برنامج اكتشاف المواهب (ذا فويس)، فكل تصرفاتها تدل على أنها تعبر عن ذاتها وفق اللحظة التي تعيشها، ولا تحسب حساباً للعواقب التي يمكن أن تنشأ لاحقاً".
وشدد شناعة على ضرورة أن يكون بجانب شيرين مستشار فني يهذب تصرفاتها، وينقح تصريحاتها قبل أي خطوة، حفاظاً على موهبتها.
وأضاف: "يختلف دور المستشار عن مهام مدير الأعمال، فعلى مدى سيرتها الفنية وقعت شيرين في مطبات كثيرة، كانت محبة الجمهور وموهبتها الغنائية سبباً لمرور تلك المطبات وتجاوزها".
وينصح شناعة بأن تكتفي شيرين بالغناء، وتركز جهدها في الموهبة التي تمتلكها، بدلاً من خوض صراعات عائلية تلهيها عن فنها، وقال: "المبدع دائماً يكون مسكوناً بالقلق، ويحتاج لأجواء مهيئة تدفعه للتفوق والإنجاز، وإن لم يجد ذلك سيخرج عن طوره وقد يصل الأمر لأن يؤذي نفسه، وهذا ما حدث مع شيرين عندما قامت بحلق شعرها مؤخراً".
إقرأ أيضاً: نجمات يفضلن "تيك توك" دائماً.. دينا الشربيني أحدثهن
ويحذر شناعة من مصير مؤلم قد تعرض شيرين نفسها له، بالقول: "أخشى إن بقيت شيرين تعيش في دوامة من المشاكل، أن تلجأ إلى الانتحار للخلاص مما يحيطها من هموم ومشكلات، وأجد أن قيامها بحلق شعرها في المرة الأولى، هو نوع من لفت الانتباه لخطورة حالتها النفسية".