من الأمور الشائكة، التي غالباً تحيّر الأمهات والآباء، خلال مشوار تربية الأبناء، موضوع التربية الجنسية، وكيفية التحدث معهم في التغيرات التي تطرأ على أجسادهم، خاصة أننا بتنا نشاهد ونسمع في الآونة الأخيرة عن الكثير من حالات التحرش، وغيرها، فضلاً عن استقاء الكثير من المعلومات الخاطئة من مواقع التواصل الاجتماعي، والشبكة العنكبوتية. وهنا، لابد من وقفة مع النفس، كي نفكر في ضرورة فتح باب النقاش والتحاور مع أبنائنا في كل أمور الحياة، وتعويدهم على التعبير عن كل ما يجول بخاطرهم بحرية، وعلينا الردّ على كل الأسئلة التي يطرحونها بطريقة سلسة، تتناسب مع أعمارهم.
في حوارنا مع الأخصائية التربوية، نور وليد، توضح لنا كيفية التعامل مع الأطفال في أعمار مختلفة، وتعليمهم أهمية الحفاظ على أجسادهم من الغرباء، فضلاً عن ضرورة منحهم الثقة للتحدث في أي وقت بعيداً عن الخوف والتوتر.
ما أسباب عدم فتح الآباء والأمهات باب الحوار مع الأبناء في موضوعات التربية الجنسية؟
السبب في ذلك هو عدم إدراكهم كيفية شرح وتوصيل المعلومات للأطفال بطريقة صحيحة، خاصة وهم في سن صغيرة، أيضاً قد يرجع السبب إلى أن حياءهم يمنعهم من التحدث في مثل هذه الأمور، بالإضافة إلى عدم اطلاعهم على المعلومات الصحيحة التي تناسب كل فئة عمرية، ناهيك عن المعتقد الخاطئ السائد بين الآباء بضرورة تأجيل الحديث عن الثقافة الجنسية مع أطفالهم، ظناً منهم أنه كلما تقدم بهم العمر، زاد فهمهم وتقبلهم لهذه الأمور.
ما العمر الصحيح، لبدء التحدث عن التربية الجنسية؟
يجب علينا أن نبدأ بالتربية الجنسية للأطفال وتوعيتهم وإرشادهم من عمر 3 سنوات، وأن يدرك الأهل أن السلوك الجنسي يحتاج إلى تربية، مثل جميع أنواع التربية التي تدرّس في المدارس كالتربية البدنية، والدينية، والأخلاقية، وغيرها.
إقرأ أيضاً: سمنة الأطفال.. هالة من المضاعفات الخطيرة
كيف تختلف طريقة حديثنا مع الأطفال حسب الفئة العمرية؟
هناك خطوات لكل فئة عمرية يجب اتباعها، وتقسم بحسب العمر، وتساعد الوالدين على توجيه أبنائهم وحمايتهم من التحرش، وعلينا أن نعي ظروف الطفل وأماكن وجوده وحالته الصحية وغير ذلك من الأمور، فما يتناسب مع طفل لا يتناسب مع آخر، وإذا لزم الأمر فعلى الآباء الاطلاع والقراءة، أو اللجوء إلى مستشار تربوي؛ لأخذ المشورة والنصيحة.
كيف يمكننا التعامل مع الطفل بعمر 3 سنوات؟
يمكننا التحدث مع الطفل في هذه الفترة العمرية بطريقة بسيطة، ليستشعر أهمية جسده والحفاظ عليه وحمايته بعدة طرق، منها ألا نسمح لأي شخص بمساعدته في تغيير ملابسه والنظر إلى عورته، وبذلك سيعتاد رفض خلع الملابس أمام الغرباء، وإذا كان الطفل مازال يرتدي الحفاض، فعلى الأم ألا تقوم بتغييره أبداً في أماكن بها ناس، مثل الجلسات العائلية أو أمام إخوته، لكن فقط في غرفة مغلقة أو في دورات المياه، أيضاً علينا عدم ترك الطفل بمفرده من دون رقابة مع الخادمة، وإذا كانت المرأة عاملة، فعليها وضع كاميرات لمتابعة الوضع باستمرار، وأخيراً من المهم جداً ألا تجبري طفلك على أن يحضن أو يقبل شخصاً لا يريد أن يحضنه أو يقبله، كالجد أو العم أو صديقتك بالعمل، لأنك بذلك ترسلين له رسائل مفادها أن عليه الاستسلام للمس من الكبار حتى لو كان لا يحبهم أو لا يرتاح للمسهم.
وماذا عن الفئة العمرية من 3 إلى 6 سنوات؟
ينبغي الفصل بين الطفل وإخوته في غرف النوم أو على الأقل في الأسرة، ومن الأمور المهمة البدء في تعليم الطفل ضرورة الاستئذان قبل الدخول على الوالدين في غرفتهما الخاصة، وعدم دخوله بمفرده لغرفة الخادمة أو السائق، ومن المهم جداً تنمية الرقابة الذاتية لديه إذا وقعت عيناه على منظر مخل بالأدب عبر التلفزيون أو الآيباد، أيضاً من المهم تعليم الطفل عدم خلع الملابس أبداً خارج المنزل مهما كانت الأسباب. عليك كأم أن تبدئي بالحديث، وتكرري الكلام في الموضوع، وتسألينه: "ماذا تفعل إذا لمسك أحد الأشخاص بطريقة غير ملائمة؟"، وهنا يجب أن تؤكدي عليه دائماً أن يخبرك إذا تعرض لأذى من أي شخص مهما كان، وعليك أن تعرفي طفلك إلى المناطق الحساسة في جسده. ويمكن استثمار فرصة ارتداء ابنك أو ابنتك ملابس السباحة، مثلاً وقولي إن تلك المناطق المغطاة هي المناطق الحساسة، التي لا يجب أن يلمسها أحد.
إقرأ أيضاً: طفلك يعاني الغازات؟ عالجيه بهذه الطريقة
كيف يمكننا شرح الأمر مع الأطفال من 6 سنوات حتى 15 سنة؟
في هذه الفترة من العمر، يبدأ الطفل في فهم الكثير من الأمور الحياتية، وعلينا أن نبدأ معه بشرح معنى البلوغ عند الذكور، والبلوغ والدورة الشهرية بالنسبة للإناث، والحديث معه حول الاعتداء الجنسي، وذكر بعض القصص ومنها فيديوهات تربوية كرتونية، وعليك أن تقومي بزرع المبادئ الدينية فيه، وتعويده على الصلاة، والتعامل مع الآخرين بحياء.
هل من كلمة أخيرة؟
الأطفال أمانة في أعناقنا، وعلينا أن نتحمل تلك الأمانة بصبر وحب، وعدم البخل في منحهم الكثير من الإرشادات والمعلومات في كل المهارات الحياتية، وعلينا أن نعلم أنه بعد أن يستكمل الطفل 15 عاماً، علينا مصادقته، والتعامل معه كرجل، ومنحه بعض المسؤوليات؛ ليشعر بثقة من حوله، وهكذا نكون قد وصلنا به إلى بر الأمان.