يصيب الاكتئاب النساء والرجال على السواء، ويؤثر سلباً على العلاقات، ونشاطات الحياة اليومية والعمل والدراسة. وفي حين أن أعراض وعلامات الاكتئاب لدى الرجال مشابهة لمثيلتها لدى النساء، إلا أن الرجال يميلون للتعبير عن تلك الأعراض بشكل مختلف.
وفقاً لموقع .helpguide، يميل الرجال المكتئبون غالباً للحديث عن الأعراض الجسدية المصاحبة للاكتئاب، مثل آلام الظهر أو الصداع أو صعوبات النوم أو المشاكل المتعلقة بالجنس، وذلك بدلاً من الحديث عن الأعراض المرتبطة بالمشاعر، إذ تعتبر العديد من الثقافات أنه لا يليق بالرجال الحديث عن المشاعر، وأنهم يجب أن يكونوا أكثر صلابة وتحكماً في مشاعرهم، ما يؤدي لعدم تشخيص الاكتئاب كسبب كامن وراء تلك الأعراض الجسدية، وتفاقم الحالة إلى ما لا تحمد عقباه.
وتشير الإحصاءات إلى أن الرجال المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة للانتحار من النساء المصابات بأربعة أضعاف.
وأعراض وعلامات الاكتئاب عند الرجال: الشعور بالحزن أو التمزق أو الذنب أو الفراغ، وفقدان الشعور بالاستمتاع بمباهج الحياة، وتغيرات بالشهية أو الوزن، وقلة أو زيادة النوم بشكل ملحوظ، والشعور بالتشويش أو التعب مع صعوبة بالتركيز، وبالطبع لا يعاني كل المصابين بالاكتئاب كل هذه الأعراض.
كما يمكن تصنيف علامات الاكتئاب إلى ثلاث مجموعات، وهي: علامات سلوكية، وعلامات انفعالية (عاطفية)، وعلامات جسدية. أما العلامات السلوكية لاكتئاب الرجال، فهي: تجنب العائلة والمواقف الاجتماعية، والإفراط في العمل دون أخذ راحة، وصعوبة مواكبة الالتزامات سواء الأسرية أو المتعلقة بالعمل، وفقد الاهتمام والشغف بالعديد من الأشياء، وغياب الشعور بالحافز للنجاح، والميل إلى التحكم أو الاستحواذ في العلاقات مع الآخرين، ونوبات من الغضب والميل للتهور والمخاطرة.
وتشير إحدى النظريات إلى أن تلك التغيرات السلوكية المصاحبة للاكتئاب لدى الرجال تأتي نتيجة لمحاولتهم إخفاء الاكتئاب للحفاظ على رجولتهم، وبالتالي فإن تلك المحاولات لإخفاء الإصابة بالمرض تتسبب في ميلهم للانخراط في العديد من السلوكيات المدمرة للذات.
أما العلامات الانفعالية (العاطفية) لدى الرجال، فهي: الشعور بالحزن وتدني الحالة المزاجية، وزيادة في الشعور بالغضب، وزيادة الشعور بالإحباط، والشعور بالعدوانية، وزيادة التهيج وسرعة الانفعال، والتفكير في الانتحار.
أما العلامات الجسدية، فهي: الصداع، ضيق الصدر، آلام الظهر أو المفاصل أو الأطراف، اضطرابات الهضم، التعب، زيادة النوم أو قلة النوم بشكل ملحوظ، الشعور بالقلق والتهيج، وزيادة الشهية أو فقدان الشهية مع تغيرات بالوزن. وعلى الرغم من أن الاكتئاب مرض نفسي بالأساس، فإنه قد يؤدي للإصابة بأعراض عضوية وجسدية، حيث إن بعض تلك الأعراض ينشأ بفعل تأثير الاكتئاب على كيمياء المخ، ويؤدي إلى تغيير مستويات السيروتونين والنيورأدرينالين، اللذين يتحكمان في الحالة المزاجية والشعور بالآلام.
محفزات الاكتئاب لدى الرجال
لا يمكن القول بأنه يوجد سبب واحد وراء الإصابة باكتئاب الرجال، إذ إن هناك العديد من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تلعب دوراً في الأمر، بالإضافة إلى اختيارات الفرد المتعلقة بنمط الحياة والعلاقات وقدرته على مواكبة صعوبات وتحديات الحياة ومتغيراتها.
ولعلاج الاكتئاب الذي يصيب الرجال، هنالك طريقتان: الأولى: العلاج بالأدوية، والثانية: العلاج النفسي. ويمكن علاج الاكتئاب من خلال استعمال الأدوية المضادة للاكتئاب الموصوفة من قبل الطبيب، أو العلاج النفسي بواسطة معالج أو طبيب نفسي، أو الجمع بين العلاجين الدوائي والنفسي، والأفضل دائماً الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي.
أولاً: العلاج الدوائي: الاكتئاب يكون مصحوباً بتغيرات كيميائية في مستويات النواقل العصبية، ويهدف العلاج الدوائي لإعادة التوازن بين هذه النواقل، وحسب الآلية التي يعمل بها مضاد الاكتئاب فإنه يصنف تحت واحدة من المجموعات الدوائية التالية: مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنوريبينيفرين (SNRI)، ومضادات إعادة امتصاص "النوريبينيفرين" و"الدوبامين" (NDRI)، ومضادات الاكتئاب اللانمطية، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، ومثبطات الأكسيد أحادي الأمين (MAOI).
على أن تناول هذه الأدوية يكون تحت إشراف الطبيب النفسي، والذي سيضبط الجرعات حتى تتحقق أفضل نتيجة ممكنة، وبعض الأدوية قد تحتاج عدة أسابيع حتى يظهر مفعولها، وهذا يتطلب الصبر، وتجنب إيقاف الدواء دون استشارة الطبيب.
ثانياً: العلاج النفسي: سواء من خلال الجلسات الفردية أو الجماعية، يوجد العديد من المدارس العلاجية، لكل مدرسة منهجيتها في التعامل مع الاكتئاب. ومن أشهر هذه المدارس المدرسة الديناميكية، التي يعمل فيها المعالج مع المريض على الاستبصار بجذور الاكتئاب الرابضة في العقل الباطن، وهناك أيضاً مدرسة العلاج المعرفي السلوكي، وتهدف للتعرف على الأفكار الكامنة وراء المشاعر المؤلمة، وقد يساعد العلاج الجماعي في توفير الاحتياجات النفسية للمريض: (الحب والقبول والانتماء)؛ ما يوفر دعماً رائعاً للمريض.
بشكل عام، فإن 80% من مرضى الاكتئاب من الرجال والنساء يمكن علاجهم بنجاح بتلك الوسائل، والمهم هو التوقف عن وصم الرجال المصابين بالاكتئاب، والاعتراف بحقهم في التعبير عن مرضهم وفي العلاج، مع تقديم الدعم اللازم لهم أثناء رحلتهم لتخطي المرض.