يزيد التوتر المشكلات الصحية الراهنة تعقيداً، كما أنه يسبب تغيرات في حالة الجسم تؤدي إلى حدوث أمراض لم تكن موجودة.
يقول الدكتور كمال حماد إن التوتر المزمن والشدة النفسية، لا يؤديان إلى تفاقم الأمراض الموجودة بجسم الإنسان وحسب، بل يتسببان بأمراض وعلات مستقلة كذلك.
ويضيف حماد: "يضخ الجسم هرمون الأدرينالين، ثم الكورتيزول، في مجرى الدم كردة فعل فورية منذ بداية الشعور بالتوتر، وهذه هي عادة الجسم لحماية حياة الإنسان منذ آلاف السنين، حيث إن اندفاع الأدرينالين فور الإحساس بالتوتر من شأنه أن يقي الإنسان المخاطر المحيطة به، لكن تكمن المشكلة في الخطورة الكبيرة التي يسببها الإفراز المتواصل لهرمون الكورتيزول".
وعلى الرغم من الوظائف المهمة للكورتيزول كمضاد للالتهاب، فإنه يعتبر هرموناً ضاراً عندما يتم إفرازه بشكل مستمر في حالات التوتر المزمن، لأن الخلايا تمتنع بعد فترة عن الاستجابة للهرمون، ما يؤدي إلى تفاقم حالة الالتهاب.
ويحدد حماد سبع حالات مرضية، يمكن أن تنشأ عن التوتر والضغط النفسي الطويل الأمد، وهي:
1. زيادة الوزن والسكري:
تعمل الهرمونات التي ينتجها الجسم في حالة التوتر على تحفيز رغبة الإنسان في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والنشويات والدسم، كما يتسبب التوتر النفسي بارتفاع مقاومة الأنسولين في الدم، ما يؤدي إلى صعوبة أكسدة الدهون، وكلتا الحالتين تؤدي إلى تكديس الشحوم في الجسم بشكل أكبر، كما يؤدي ارتفاع مقاومة الأنسولين لداء السكري عند المؤهلين له كما هو معروف.
2. اضطراب وصعوبة النوم:
يشعر الإنسان الذي يعاني الضغوط النفسية بصعوبة كبيرة في النوم، وكذلك يعجز عن الرجوع إلى النوم في حال استيقظ ليلاً، وهذه المشكلة يعانيها كبار السن خاصة، لأن ساعات النوم تقل مع التقدم بالعمر.
3. الصعوبة في التئام الجروح:
يتأخر التئام الجروح وتقل فاعلية اللقاحات عند ارتفاع نسبة الكورتيزول، خاصة لدى كبار السن ممن يسهرون على راحة أفراد عائلتهم.
4. أمراض القلب:
هنالك رابط وثيق بين التوتر والإصابة بالأزمة القلبية، لكن مازال هذا الرابط مبهماً نوعاً ما حتى الآن. وفي شهر يونيو 2018، نشرت مجلة Natural Medicine دراسة على فئران التجارب، سلطت الضوء فيها على هذه الظاهرة، وتبين فيها وجود علاقة بين إفراز الكورتيزول والإصابة بنوبات القلب.
5. القرحة الهضمية:
مع أن العلماء لايزالون في خلاف حول هذا الأمر، إلا أنهم متفقون جميعاً على أن التوتر له ضلع في كل الأمراض المصنفة على أنها أمراض هضمية التهابية مزمنة، مثل: الحرقة الهضمية، وعسر الهضم، والتهاب القولون القرحي، وداء كرون، بالإضافة إلى كون التوتر عاملاً أساسياً في حدوث متلازمة الأمعاء الهيوجة.
6. آلام الظهر والرقبة والكتفين:
يؤدي الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الحواسب والهواتف النقالة إلى الإصابة بآلام في الرقبة والكتفين والظهر، خاصة إذا ترافق هذا مع الإجهاد الذهني وقلة الحركة، وتسوء هذه الحالة خاصة عند المتقدمين في العمر، كما تزداد شدة هذا الألم ومدته عندما يكون مصحوباً بالشدة النفسية.
7. الاكتئاب:
تتسبب نوبات التوتر المتلاحقة في الإصابة بالاكتئاب، فهي تؤدي إلى فقدان السيطرة على نظام النواقل العصبية في الدماغ، كالسيروتونين والدوبامين والنوربينفرين، فتغير من نسب هذه النواقل، ما ينعكس سلباً على الشهية والنوم والرغبة الجنسية.
وينصح حماد بخمس وسائل للتغلب على التوتر، هي:
1. التمرينات الرياضية:
تعزز النشاطات الجسدية قدرة الدماغ على مواجهة التوتر، وهذا متوقع، لما للرياضة من تأثير حميد على نفسية الإنسان وتحسين صحته والتخلص من وزنه الزائد ورضاه عن ذاته.
2. مشاركة الاهتمامات والميول:
يخف التوتر بشكل كبير لدى من ينتمون إلى مجموعات تقدم لهم الدعم المعنوي، فالانضمام إلى جماعة مؤلفة من أشخاص لهم الاهتمامات نفسها أو يعانون الشكوى ذاتها، ويلتقون كل أسبوع لتبادل المشاعر والملاحظات، ما من شأنه أن يوفر الدعم النفسي لجميع الأعضاء.
3. الاعتناء بالنباتات:
يعد قضاء 30 دقيقة يومياً في العناية بنباتات الحديقة كفيلاً بالتغلب على التوتر، والسيطرة على مستويات الكورتيزول في الدم، إضافة لكسب القدرة على التحكم بالمزاج.
4. التأمل الذهني:
يكفل ممارسة التأمل الذهني لمدة 25 دقيقة فقط لثلاثة أيام متتالية، زيادة قدرتك على التحكم في الضغط النفسي، وتدخل الصلاة والعبادة، ورياضة اليوغا، والاستماع إلى الموسيقى الهادئة، في إطار هذه الطريقة.
5. التخلص من المشوشات اليومية:
تساعد الأجهزة الرقمية كالهواتف الذكية والحواسيب والألواح الرقمية على تصعيد حالات التوتر، خصوصاً أنها باتت بديلاً عن نمط حياتنا الطبيعي، وأصبحنا الآن عاجزين عن التخلص من التوتر الذي تسببه لنا.