الكثيرون من أطفال اليوم يعتمدون على التكنولوجيا في سن مبكرة جداً، بصورة لم يسبق لها مثيل سابقاً، لذا أصبح من الضروري للآباء معرفة ما إذا كان استخدام أبنائهم للهاتف المحمول يشكل خطراً على صحتهم أم لا؟
ولتوضيح الأمر، يجب علينا معرفة عدد من الأمور التقنية الخاصة بهذا الهاتف، ونتائج الدراسات العلمية الخاصة بتأثير هذه الهواتف على صحة الكائنات الحية، إضافة إلى اتباع عدد من التوصيات الخاصة باستخدام الهواتف المحمولة، والتي تهدف لإبعاد أيّة مشكلة صحية قد يسببها استخدام هذه الهواتف.
* ما الإشعاع المنبعث من هذا الهاتف؟
بصورة عامة، هناك نوعان من الإشعاعات المنبعثة من الأجسام الموجودة في حياتنا: الأول الإشعاع المتأيّن، والثاني غير المتأيّن.
ومن أمثلة الإشعاعات المتأينة الأشعة السينية والرادون وأشعة الشمس، وتكون هذه الأشعة عالية التردد والطاقة.
أما الأشعة غير المتأينة، فتكون منخفضة التردد والطاقة أيضاً، ومثالها الأشعة المنبعثة من الهواتف النقالة.. إذ يقوم هاتفك بإرسال موجات تردد لاسلكية من الهوائي الخاص به إلى أبراج الاتصال القريبة، وعند إجراء مكالمة أو استخدام البيانات يتلقى هاتفك من أبراج الاتصال القريبة موجات راديوية عن طريق الهوائي الخاص به.
* ماذا تقول الأبحاث عن أضرار الهاتف النقال؟
أجري العديد من الدراسات لمعرفة ما إذا كان استخدام الهاتف النقال يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وقد أجرِي نوعان من هذه الدراسات.
النوع الأول من الأبحاث تم إجراؤه على البشر، وغالبية هذه الدراسات لم تظهر أدلة واضحة على زيادة خطر الإصابة بالسرطان نتيجة استخدام الهاتف النقال، إلا أن إحدى تلك الدراسات، والتي أجريت على مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يقضون معظم الوقت مستخدمين هواتفهم النقالة، أظهرت أن هناك زيادة طفيفة في نوع من أنواع أورام الدماغ يدعى الجليوما (glioma)، في حين لم تجد الدراسات الأخرى هذا صحيحاً.
أما النوع الثاني من هذه الدراسات، فقد تم إجراؤه من قبل المؤسسة الوطنية الأميركية للسموم (إحدى مؤسسات الهيئة الصحية الأميركية)، واستمر هذا البرنامج لعامين، حيث تم تسليط أشعة راديوية (مشابهة للأشعة التي يبثها الهاتف النقال) على الفئران، ما تسبب بإصابة عدد من تلك الفئران بأورام سرطانية؛ إلا أن نتائج هذه الدراسة لا يمكن اعتمادها للأسباب التالية:
- كون تلك الدراسة أجريت على الفئران فقط، وعلى الرغم من أن الفئران تعتبر من الحيوانات المفيدة جداً لإجراء الدراسات الطبية، إلا أننا لا يمكننا الجزم بأن تلك النتائج يمكن حدوثها في البشر أيضاً.
- تم تعريض الفئران، في هذه التجربة، لكمية كبيرة من الإشعاع.. فخلال السنتين اللتين تمت خلالهما التجربة تم تعريض الفئران للإشعاع لمدة تسع ساعات يومياً، وهي كمية كبيرة جداً تفوق ما يتعرض له البشر يومياً.
- بعض الفئران التي أصيبت بأورام سرطانية نتيجة خضوعها للأشعة في تلك التجربة، عاشت لمدة أطول من الفئران المستخدمة في تلك التجربة، ولم يتم تعريضها للأشعة، إضافة لذلك فإن نسبة إصابة الذكور كانت أكبر من نسبة الإصابة في الإناث؛ ما صعب فهم نتائج هذه الدراسة.
* ماذا نفعل للحد من الضرر؟
وبعد هذا التوضيح عن نتائج الدراسات التي أجريت لمعرفة تأثير الهواتف النقالة، لا يجب على الآباء الخوف مما أظهرته الدراسة الأخيرة، لكن يجب عليهم التفكير جيداً في تقليل استخدام هذه الهواتف من قبل أبنائهم، وكذلك تقليل فترة بقائهم أمام الشاشات الذكية، إضافة إلى ذلك، يجب عليهم البحث عن السبل التي تقلل من تأثير هذه الهواتف على أنفسهم وأطفالهم في نفس الوقت، وقبل أن نبين النصائح التي بينتها الأكاديمية الأميركية لصحة الطفل حول كيفية تقليل ضرر استخدام الهواتف النقالة، يجب تذكير الآباء بأن هذه الهواتف ليست ألعاباً لأطفالهم ليتسلوا بها.
- يفضل استخدام الرسائل النصية بدلاً من المحادثات، وكذلك التكلم عبر السماعات الخارجية.
- عند التكلم بالهاتف يفضل وضعه بعيداً عن رأسك بمسافة 2.5 سم.
- حاول القيام بالمكالمات الضرورية فقط باستخدام الهاتف، أما الحوارات الطويلة وغير الضرورية فيفضل تأجيلها إلى حين اللقاء بذلك الشخص.
- تجنب حمل الهاتف في أماكن قريبة من جسمك كجيوب ملابسك أو في حمالة الصدر؛ إذ لا تعطي الشركات المصنعة للهاتف ضمانات عن كمية الإشعاع التي يمكن لجسمك أن يتعرض لها عند حمل الهاتف في هذه الأماكن.
- تجنب استخدام الهاتف النقال أثناء قيادة مركبتك، لأنه سيزيد خطر التعرض للحوادث المرورية.
- تجنب التكلم بالهاتف النقال أثناء ممارسة الرياضة أو المشي بسبب ازدياد الإصابات نتيجة للإلهاء الذي يسببه استخدام الهاتف النقال أثناء هذه النشاطات.
- عند نيتك مشاهدة فيلم معين، يفضل القيام بتحميل هذا الفيلم على جهازك، ثم وضع الجهاز على وضع الطيران، ومشاهدة الفيلم.
- التحقق من قوة الإشارة الواصلة إلى هاتفك (عدد خطوط الإشارة الواصلة)، فكلما قلت تلك الإشارة صعب عمل الهاتف النقال وزادت كمية الأشعة المنبعثة منه.. لذلك يفضل الانتظار إلى حين زيادة قوة الإشارة الواصلة، ثم التحدث بالهاتف.
- تجنب إجراء المكالمات الهاتفية عندما تكون في السيارة أو القطار أو الحافلة، إذ يصعب على الهاتف استلام الإشارة الراديوية عندما يكون الجهاز محاطاً بالمعدن، وهذا سيزيد كمية الأشعة الراديوية المنبعثة منه.