من المعروف أن هناك أسباباً كثيرة لتراكم دهون البطن، والتي تسمى في علم الطب "الدهون الحشوية"، وأبرزها: الوراثة، وسوء التغذية، وعدم ممارسة الرياضة، وقلة النوم، والتدخين والإجهاد وتناول المشروبات الكحولية، وهذه الدهون تشكل حسب حجمها عبئاً صحياً على المصابين بها، نظراً لما قد تحمله معها من مخاطر، أبرزها: الأمراض القلبية الوعائية، وداء السكري، وارتفاع الضغط الشرياني، ومقاومة هرمون الأنسولين، وسرطان القولون، وانقطاع التنفس أثناء النوم، ومرض الزهايمر، والوفاة المبكرة.
لكن.. هل لصيام رمضان تأثير في ملامح وخارطة دهون البطن؟
في شهر رمضان الكريم، يتناول المسلمون الصائمون وجبتين واحدة عند الغروب، وأخرى قبل بزوغ الفجر، مع مدة صيام يومية ما بين 12 - 18 ساعة، وفقاً للموسم الذي يقع فيها رمضان والموقع الجغرافي للبلد.
في دراسة نشرت سابقاً في مجلة "توهوكو" للطب التجريبي اليابانية عام 2002، حاول القائمون عليها تقييم التغيرات الطارئة على توزيع دهون البطن خلال شهر رمضان، وشملت الدراسة 38 متطوعاً (17 امرأة، و21 رجلاً) ممن اتبعوا فريضة الصوم، وجرى خلالها قياس الوزن ونسبة الخصر إلى الورك، ونسبة الخصر إلى الفخذ، ومؤشر كتلة الجسم لكل فرد مشارك، كما تم حساب مناطق الدهون تحت الجلد، والدهون الحشوية بتقنية التصوير المقطعي المحوسب، وأجريت جميع تلك القياسات السالفة الذكر قبل صيام شهر رمضان وبعده.
وبعد قراءة النتائج، لم يجد الباحثون فروقاً واضحة ذات دلالة إحصائية في ما يتعلق بالوزن وتوزيع الدهون في البطن. وفي المقابل، عند النساء والشباب، سجل المشرفون على الدراسة انخفاضاً في الدهون الحشوية، قد يكون سببه إعادة تموضع الدهون، جراء قيامهم بأنشطة بدنية أكثر، مقارنة بالآخرين الأكبر سناً.
وفي دراسة أخرى تمت على 60 متطوعاً من سكان الكويت (41 ذكراً بين 24 و56 سنة، و19 أنثى بين 23 و33 سنة)، كلهم يتمتعون بصحة جيدة، ويأكلون ما يحلو لهم، وبعد إجراء قياسات مختلفة من بينها محيط الخصر، خلص الباحثون إلى نتيجة مفادها أن شحوم البطن انخفضت بشكل ملحوظ بعد 3 أسابيع من الصوم، خاصة عند معشر النساء، ويعتقد القائمون على البحث أنه قد تكون لهذا الانخفاض انعكاسات صحية مستقبلية مفيدة؛ لأن الدراسات أثبتت أن تراكم دهون البطن يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب الوعائية، وزيادة معدلات الوفاة.
تشكل دهون البطن حوالي 10% من دهون الجسم الكلية، ويخطئ من يعتقد أن دهون البطن هي تلك الطبقة التي تقع تحت الجلد، فدهون البطن هي تلك التي تختبئ هنا وهناك ما بين وحول أحشاء البطن، مثل: الكبد والطحال والمعدة والبنكرياس والشرايين، ومع التقدم في العمر تزداد نسبة تلك الدهون لدى الرجال والنساء، لكنها تنمو بشكل أكبر عند النساء.
حتى وقت قريب، كان ينظر لدهون البطن على أنها مجرد مخزون شحمي لا أكثر يستعمل عند الحاجة لإنتاج الطاقة، إلا أن الأبحاث أماطت اللثام عن الوجه القبيح لتلك الدهون كونها تطلق أحماضاً دهنية ومركبات كيميائية تشعل فتيل مجموعة متنوعة من الأمراض، وإذا كنت ترغب في التخلص من دهون البطن الزائدة أو في منع زيادتها، فإننا نقدم لك بعض النصائح:
تساعد الأنشطة الرياضية المختلفة في تقليل محيط الخصر واكتساب العضلات، حتى لو لم تفقد وزنك، وحاول أن تنخرط في نشاط رياضي متوسط الشدة لمدة 30 دقيقة في معظم أيام الأسبوع، واخلق فرصاً إضافية للحركة عند قيامك بالمهام الروتينية اليومية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، اركن سيارتك بعيداً عن مكان عملك، وتابع بقية الطريق على رجليك، واصعد الدرج بدلاً من المصعد، وقف وتحرك عند التحدث على الهاتف، وأظهرت الدراسات أن الأنشطة الهوائية، كالمشي السريع، تساعد في تقليم الدهون الحشوية. وفي المقابل، تمارين القوة قد تقوي عضلات البطن، لكنها لن تؤثر على الدهون الحشوية.
لذا يجب اختيار نظام غذائي متوازن، يضمن الوصول إلى الوزن الصحي، وبالتالي الحفاظ عليه. والابتعاد عن المنتجات التي تشجع على ترسب الدهون الحشوية، مثل: الدهون المشبعة، والدهون المتحولة، والمشروبات والأطعمة المحلاة بالسكر.
كما تساهم قلة النوم في تراكم الدهون الحشوية، إذ وجدت دراسة استغرقت 5 سنوات، أن البالغين الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة، والذين ينامون 5 ساعات أو أقل في الليلة، تراكمت الشحوم الحشوية لديهم بشكل فاضح. وأيضاً، فإن الإفراط في النوم ضار، فقد وجد الباحثون أن الشباب الذين ينامون أكثر من 8 ساعات في الليلة كدسوا مزيداً من الشحم في بطونهم.