شهر رمضان من الشهور الروحانية، التي تتسم بالتسامح والمحبة والإخاء؛ فطقوسه الدينية والاجتماعية تجمع كل الجنسيات والديانات، الجميع يتبادلون التهنئة، وينعمون بمشاعر البهجة والفرح التي ينشرها حلول الشهر الكريم في كل مكان، ولا يستطيع أحد أن يميز على مائدة الإفطار بين ديانات من يتناولون الطعام، ولن تفكر لحظة في عرقهم أو لونهم أو انتماءاتهم، فقط ما يجمع الكل مشاعر الإنسانية بما تحمله من أبعاد نفسية راقية ودلالات عاطفية، تجمع الشعوب، وتقرب بين الثقافات المختلفة.

«زهرة الخليج»، واحتفاءً بشهر رمضان؛ التقت مجموعة من الأصدقاء من جنسيات وديانات مختلفة، تجمعهم «لمة رمضان»، يتشاركون مظاهر البهجة والاحتفال.. في تلاحم وتعاضد ومحبة على أرض وطن التسامح الإمارات.

شهر المحبة

رانيا يونس، إعلامية لبنانية، ومتحدثة تحفيزية، ومدربة فن الكلام، تشعر بسعادة بالغة عندما يجول بخاطرها اقتراب موعد حلول الشهر الكريم في كل عام؛ لما يمثل من خصوصية تميزه عن بقية الشهور، خاصة الأجواء الجميلة التي يختص بها، وتقول: أشعر بأن الجميع على قلب رجل واحد؛ فرمضان يجمع القلوب ويؤلف بينها، لا فرق في ذلك بين مسيحي، أو مسلم، أو غير ذلك من الديانات، فهو شهر الكرم والتسامح والتعايش، بمحبة وألفة بين الجميع.

أجواء رمضانية مميزة، تستقبلها يونس قائلة: ألتقي مع أصدقائي على مائدة الإفطار، نتشارك فرحة رمضان، ونسعد كثيراً بتناول المأكولات الرمضانية، والحلوى التي يشتهر بها الشهر الكريم. وفي بعض الأحيان، أقوم بإعداد مائدة الإفطار في منزلي، وأدعو أصدقائي، ونقضي معاً أمسيات رمضانية مميزة، لا تمحى من الذاكرة حتى يأتي رمضان المقبل.

وعما تقدمه خلال عملها في الشهر الكريم، توضح: أشارك في شهر رمضان بالكثير من الفعاليات الرمضانية، وأحضر في بعض الخيم الرمضانية طوال الشهر، لاسيما أنني كنت سفيرة لأحد الفنادق طوال الشهر الكريم لمدة ثلاث سنوات؛ لنقل أجواء رمضان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودائماً أهتم بأن تكون إطلالتي متناسبة مع روحانيات الشهر الكريم، من خلال ارتداء العباية والقفطان. 

وتضيف: نشأت في كنف أسرة علمتني كيفية احترام وتقبل الآخر، وعندما انتقلت للعيش في دولة الإمارات (وطني الثاني)؛ لمست مشاعر احترام وقبول الآخر واضحة جلية على أرضها، وبين جميع الجنسيات والديانات التي تعيش تحت سمائها، فالتسامح والمودة رابطان مدهشان يجمعان بين أكثر من 200 جنسية، وهذا ما أقوم بغرسه في أبنائي. من وجهة نظري، الجيل الذي تربى في الإمارات محظوظ؛ لأنه ولد في دولة تحترم الجميع، وتقدرهم دون تمييز. 

بلد التسامح

الإعلامي المصري ومقدم البرامج، أحمد نصر، يؤكد أن شهر رمضان هو شهر التسامح والإحسان، مشيراً إلى أن كل الأديان السماوية قد أمرت باحترام الآخر، موضحاً أنه نشأ وتربى على الإخاء والتسامح، واحترام جميع الديانات، لافتاً إلى أن الأخوة الإنسانية هي الرابط الأقوى بين الشعوب. 

ويضيف: نتبادل التهنئة مع إخواننا المسيحيين في أعيادهم، وهم أيضاً يقومون بمشاركتنا بهجة وفرحة رمضان، نلتقي في سهرات رمضانية خلال موائد الإفطار والسحور، لا فرق بين مسلم ومسيحي، فقط تجمعنا مشاعر الاحترام والمودة، وقد قمت بتربية أبنائي على النهج نفسه، ولهم الكثير من الأصدقاء غير المسلمين، خاصة هنا في بلد التسامح، الذي لم ولن نشعر فيه يوماً بفرق أو تمييز بين الناس، بسبب الجنسية أو العقيدة أو اللون.

ويلفت نصر إلى أن برنامجه لهذا العام «الناس الطيبين»، على إذاعة «ستار إف إم» هو برنامج اجتماعي، يتناول مشاكل العائلة في المقام الأول، وما يحدث فيها من اختلاف في وجهات النظر بحكم تغير الأجيال، وعرض المشكلة وطريقة حلها من خلال المستمعين. ويسعى البرنامج إلى تعزيز فكرة التسامح والتآلف بين أفراد الأسرة والمجتمع.

ويضيف: يعتبر شهر رمضان من الشهور المميزة، التي تحفز على فعل الخيرات بين الناس، وأتمنى أن تصبح تلك المشاعر الروحانية الرائعة طوال العام، وليس خلال الشهر الكريم فقط، نحن نعيش في سلام وأمان، وتجمعنا بالآخرين الإنسانية في المقام الأول، دون النظر إلى لون أو عرق أو جنسية.

تجربة رائعة

بدورها، تشير الإعلامية الهندية ياشنا إلى أنها انتقلت للعيش والعمل في دولة الإمارات منذ 10 سنوات، قائلة: رغم أن شهر رمضان من الشهور المميزة جداً في الهند، فإنه أصبح أكثر تميزاً وخصوصية بالنسبة لي في الإمارات.

وتضيف: لديَّ الكثير من الأصدقاء الذين يصومون رمضان، فتجربة الصيام مهمة جداً، إذ تمنح الصائم مشاعر القوة، وتعلم الناس أهمية الشعور بالآخرين، الذين لا يستطيعون الحصول على الطعام، وتمضي أيام الشهر سريعاً، ونتمنى أن يبقى بعض الشيء، لروعة أوقاته، وتميزها.

وتقول ياشنا عن أجواء الشهر الكريم: أجواء جميلة مميزة طوال الشهر، تجمعنا مع أصدقائنا على مائدة الإفطار وسهرات السحور المميزة، لا فرق بين الناس، بسبب الجنسية أو الديانة أو اللون أو العرق، فنتبادل الطعام والثقافات، ونسعد كثيراً بالأجواء الروحانية، التي تميز هذا الشهر.

وتضيف: أشعر بسعادة بالغة لوجودي في هذا البلد الكريم المعطاء، الذي يضم الجميع في تسامح، ويقبل الآخر، ويفتح أفاق المستقبل أمام الكل، الكثير من الفرص والنمو، والعديد من المبادرات والتقدم التقني، والفرصة متاحة أمام الجميع دون تمييز؛ لأن الفيصل في اغتنام الفرص والازدهار هو الاجتهاد، حقاً نحن نعيش في دولة «اللامستحيل».

مشاعر البهجة 

تشير الإعلامية السورية، لبنى منصور، إلى أن التنوع في الأديان والجنسيات على أرض الإمارات الحبيبة، يمنح الشهر الكريم مذاقاً خاصاً، بسبب تبادل الثقافات والعادات والتقاليد والخبرات الحياتية، كما يتميز الشهر الكريم بلمة العائلة والأصدقاء، لا فرق بين عربي وأجنبي، مسلم أو غير مسلم؛ فمشاعر البهجة والفرح تنثر السعادة في كل مكان.

وتضيف: منذ أن كنت في وطني الحبيب سوريا، لم نعرف يوماً ما الفرق بين مسلم ومسيحي، فالجميع يلتقون بحب وتآلف على الموائد الرمضانية، وعندما انتقلت للعيش في الإمارات، التي حباها الله بمزيج فريد من الجنسيات التي تعيش في تسامح ووئام لم يختلف الأمر، فما يجمع الناس في كل مكان دائماً هو الإنسانية، ومشاعر المحبة، والإخاء، والسلام.

وعن أجواء رمضان المميزة، تقول: أذكر في أحد أشهر رمضان، عندما دعانا شاب مسيحي صديق للعائلة إلى مائدة الإفطار صام عن تناول الطعام طوال اليوم تضامناً معنا، وكان بانتظار لحظة أذان المغرب، معلناً عن وقت الإفطار في شوق ولهفة وسعادة، وأيضاً نحن نتشارك مع أصدقائنا وجيراننا غير المسلمين، ونهنئهم بأعيادهم ومناسباتهم الدينية.