الحب هو تلك الكلمة، التي تثير بداخلنا أعمق المشاعر الإنسانية، وأكثرها حيرة، وأكثر العواطف التي نسيء فهمها أحياناً، وعلينا أن ندرك أن وجود مشاعر وأحاسيس الحب من حولنا يمنحنا الحياة والشغف والطاقة، بالإضافة إلى الإحساس بالأمان والقدرة على العطاء، والرغبة في الحياة بشكل مختلف، إذ إن الحب يحرر القيود، ويمنح الإنسان قوة خاصة، تجعله يرى ويعيش حالة من السعادة.. لكن ماذا لو تضاءل الحب من حولنا، ودخل في جُبّ من الظلمات؟ هل نستطيع العيش من دونه؟ وكيف سنرى الأشياء من حولنا؟ وماذا سيكون مصير العلاقات الإنسانية؟.. هنا يقول الدكتور علاء رجب، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن «الحب يغير رؤيتنا للأشياء، من خلال الاستمتاع بالجمال الذي يحيط بنا، ويكمن في داخلنا، ويحفزنا على التخلص من الجدية التي تقودنا إلى حياة مليئة بالتوتر، فالحب باقٍ إلى الأبد». ويضيف: «الحب يعطينا حياة أخرى، ويقينا الكثير من الأمراض النفسية والصحية، ويمنحنا قدرة نفسية ضد الكثير من أمراض الحياة».

أنواع.. وأشكال

للحب أنواع وأشكال متعددة، يشير إليها استشاري الصحة النفسية بأنها تبدأ بالحب الإلهي، وهو حب غريزي، يتعلق بعلاقة الإنسان مع ربه. ويأتي بعده حب غريزي آخر، هو حب الأم لأبنائها، ويظهر من خلال المشاعر الذهبية، التي تمنحها الأم من حب وعطاء طيلة حياتها؛ فهي مصدر الحب والأمان والاحتواء، في جميع مراحل عمر الأبناء دون مقابل. ثم يأتي، بعد ذلك، الحب العاطفي بين الرجل والمرأة، وتلك المشاعر التي تربط بين قلبين، ويتسم بالقبول من قِبَل شخصين، وتقبل اختلاف الآخر، ورغبة كل طرف في منح الآخر الأمان العاطفي، والاحترام، والقدرة على العطاء، والتسامح في بعض الأحيان. كما توجد، أيضاً، أنواع أخرى من الحب، مثل: حب العائلة، والأصدقاء، والجيران، وزملاء العمل.. وكلها أنواع راقية، ومشاعر جميلة.

سر الحب العاطفي

وعن الحب العاطفي وأسباب انجذاب الرجل إلى المرأة والعكس، يوضح أنه - حتى الآن، ورغم كتابات الأدباء، والفلاسفة، والشعراء عن الحب - لا يوجد تفسير لما يحدث من انجذاب بين الرجل والمرأة. فتلك قصة أخرى، ترتبط تارة بلغة العيون، وتارة بالقلوب، وهناك من يرى أنها ترتبط بالعقل، ولايزال البحث جارياً عن سر الحب العاطفي، ويُرجع مستشار الصحة النفسية هذا الانجذاب إلى الإحساس بالأمان، وتلاقي كيمياء الروح والجسد بين الطرفين.

الحب الإلكتروني

يرفض الاستشاري، علاء رجب، الحب الإلكتروني بشدة، الذي انتشر في السنوات الأخيرة، وبتنا نسمع عن قصص وحكايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيقول عنه: إنه نوع رديء من العلاقات، ظهر بسبب الفراغ العاطفي، والبحث عن صورة وهمية خلف جهاز صامت، وهي علاقة واهية سرعان ما تنتهي، وتترك أثراً سلبياً في نفسية الإنسان، محذراً مستخدمي تلك المواقع من الوقوع في تلك العلاقة الزائفة.

سيبقى خالداً 

وعن جودة العلاقات وتقدير قيمة الحب في حياتنا، يوضح رجب أن مشاعر وأحاسيس الحب موجودة في يومياتنا، ولن تختفي مادام العقل يستوعب، والقلب ينبض. وحتى لو زاد الهجوم على الحب سيبقى خالداً، ولن يختفي مادامت الحياة مستمرة، وعلينا أن ندرك أن بداخل كل منا روحاً تفيض بالمشاعر، تزيح عنا عناء وألم الحياة، فالحب تلك الكلمة التي بمجرد أن تنطقها يبتسم وجهك، وتنفرج أساريرك.

لغات  الحب

للحب لغات تجعلنا مستمتعين بجمال الحياة من حولنا، يقول عنها استشاري الصحة النفسية، علاء رجب، إنها تجعلنا أسعد، ومن خلالها نعيش الحب بشكل عملي، بعيداً عن الغضب، ومشاعر الكراهية، والحسد. ونحن، جميعاً، بأمسّ الحاجة إلى تعلم تلك اللغات السهلة الرائعة، ومن هذه اللغات: 

العطاء 

هي تلك اللغة التي تحرر مشاعرك السلبية، وتعزز قدرتك على إحساسك بنفسك، من خلال قدرتك على منح السعادة لقلبك.. وللآخرين.

الاهتمام

تتمثل لغة الاهتمام في ضرورة أن نقدر ونتواصل مع من نحب. وهنا، يجب أن نعلم أن اهتمامنا بالأشياء يبقيها على كامل هيئتها من الإحساس والصدق والاحتواء، فما بالك حينما تهتم بإنسان تحبه؟! بالتأكيد سيمنح ذلك الحب حياتنا بريقاً وتوهجاً وشغفاً دائماً.

الاحترام

الاحترام لغة تعكس مدى الرقي في علاقة الحب، وتطيل عمر العلاقة، وتزيدها قوة. فما أجمل أن تكون لغة الحب هي احترام عقل وإحساس ومشاعر من نتعامل معهم.

الشغف

تعد لغة الشغف خاصة بالعاشقين. وهنا يجب أن نتعلم ألا نفقد الشغف بمن يرافقنا الحياة، وتفاصيل حياته، وطريقة تفكيره. أي أن نعيش في عالمه بإثارة أفكاره ومشاعره تارة، وأخرى نثير بداخله مشاعر وأحاسيس متجددة، تسهم في استمرار الحب بكل قوته.

الأمان

تعتبر لغة الأمان - بالنسبة لأي علاقة - من الأمور الضرورية؛ لأن علاقة الحب السوية لابد أن تنبذ شبح القلق والتوتر والخوف؛ فالحب مصدر رئيسي للأمان.

المشاركة 

تقوم هذه اللغة على مشاركة الطرف الآخر كل تفاصيل الحياة بشكل إبداعي، سواء بين الرجل والمرأة، أو بين الأصدقاء، أو في العمل. وتلك اللغة الرائعة تزيد قوة العلاقة، وترسم ملامح السعادة داخل القلب.

الدعم 

من أروع اللغات، التي تظهر في وقت الأزمات لغة الدعم، وهي التي تمنحنا القوة في جميع مراحل العمر، فتسود مشاعر الحب والأمان والرضا علاقتنا بالآخرين.

الرومانسية

تكمن هذه اللغة في العلاقة الرومانسية بين الرجل والمرأة، ويمكن التعبير عنها من خلال تلك المشاعر الرائعة، التي تتجسد في العناق، ونظرات الحديث الرومانسية، التي تمنحك الخيال مع من تحب، وأن تستمتع بتبادل الآراء مع الطرف الآخر، وتجاذب أطراف الحديث.