بطلة رياضية تتألق بمجوهرات «بوميلاتو».. لطيفة آل مكتوم: لا شيء يمكنه إيقافي
تعتبر الشيخة لطيفة آل مكتوم وجهاً نسائياً مضيئاً في دولة الإمارات العربية المتحدة بالعديد من الإنجازات الرياضية الملهمة، حيث استطاعت تحقيق العديد من الألقاب العالمية في عالم الفروسية وقفز الحواجز، ومسيرتها حافلة بالإنجازات المتلاحقة، التي تسطر بها تاريخاً مشرفاً كإماراتية محرزةً الميداليات الذهبية. وشقّت الشيخة لطيفة طريقها نحو عالم النجومية في الفروسية على يد خالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (رعاه الله)، مدفوعةً بالإرادة الصلبة والعزم والإصرار والقدرة على تحدي الحواجز وتجاوز العقبات والصعوبات، والسعي الدائم لإحراز الميداليات الذهبية، وتشريف وطنها في المحافل الدولية والعالمية كافة، بتشجيع ودعم دائمين من والدتها التي تكن لها الشيخة لطيفة الكثير من الامتنان لما حققته من نجاحات مبهرة. ونظراً لكل ما تتحلى به هذه الرياضية الشجاعة الطموحة والنموذجية من حضور وصفات رائعة.. وبالتزامن مع انطلاق احملة بوميلاتو للنساءب، التي تُقام في مارس احتفالاً بيوم المرأة العالمي، وتثبت عاماً بعد عام فاعليتها لدعم وتمكين النساء حول العالم، أجرت ازهرة الخليجب مقابلة خاصة مع الشيخة لطيفة آل مكتوم، حدثتنا فيها عن خيولها وتحدياتها ونصائحها لبنات جيلها والنساء اللواتي تقتدي بهن.
• كثيرون وصفوا الخيل بكلمات وأشعار.. كيف تصفين خيولك؟ وهل هناك ما يميزها؟
- الخيل مثل الإنسان لكل منه شخصيته المتفردة، وعندما أريد انتقاء الخيل أختاره بشخصية وصفات تتوافق وتتماشى معي، إذ تحتاجين لإقامة علاقة مع الخيل. فهناك فرس متكبر؛ وآخر طيب و«قلبه أبيض»؛ و«الهيبي» الذي لا يزعجه شيء وحياته حلوة ومريحة؛ وفرس مشاكسة تريد أن تتعارك معي وعمرها 6 سنوات؛ وفرس أخرى موهوبة كثيراً، لكنها تتطلب وقتاً لتكون جاهزة للبطولات.
قفز الحواجز
• هل من فرس مفضلة لديك؟
- نعم هناك فرس مفضلة، لكن لا نقول لها ذلك، أو أمام الخيول الأخرى.
• إلى أي مدى كان لخالك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تأثير في احترافك الفروسية؟
- تأثيره دائم فينا منذ نشأتنا، وكان حبنا للخيل بسببه فهو من حثّنا على حب الخيل، وكل من في العائلة يجب أن يمتطي الخيل. أما أنا، فاتخذت طريقاً آخر هو قفز الحواجز، ولكن ضمن إطار الخيل والفروسية.
• متى بدأت علاقتك الأولى مع الخيل؟ ولماذا اخترت قفز الحواجز؟
- لا أتذكر متى، لكنني كنت صغيرة جداً. ولأنني أردت أن أكون مختلفة كنت أمارس الفروسية في نادي دبي للفروسية، وهناك شاهدت فريق دبي للقفز ولطالما كنت أنظر إليه، وأقول لنفسي أريد أن أكون هناك في يوم من الأيام.
• هل القفز بالخيل يحرضك على القفز عن معتقدات خاطئة، تتناول قدرات المرأة وتحدّ منها؟
- لا أظن ذلك، لأن القفز هو الرياضة الوحيدة العادلة، سواء كان يقوم بها رجل أو امرأة، فهي نتاج عمل فريق بين الفارس والخيل. ولم أفكر فيها بهذه الطريقة؛ لأنه بالنسبة لنا الخيل يجب أن يكون دائماً بجانبك.
• كيف تصفين الشعور الذي تعطيك إياه رياضة القفز؟
- تشبه اندفاع «الأدرينالين» في الجسم، إذ ليس لديك وقت للتفكير، فأنتِ في الميدان لدقيقة أو 90 ثانية، فليس لديك وقت طويل للتفكير.
• هل يُشعرك القفز بالخوف؟
- إذا خفت فأنت حتماً سترتكبين الأخطاء، فيجب أن تتبعي مشاعرك، وإذا قلقت أو فكرت بشكل زائد، فستقعين في الخطأ أكثر؛ لأنه ليس لديك وقت للخوف أو للتفكير، ويجب عليك التركيز فقط على الحاجز؛ لأنك تقفزين 12 أو 13 حاجزاً خلال 90 ثانية فليس لديك وقت لأي شيء آخر.
كل شيء ممكن
• كيف تنظرين إلى ما حققته المرأة الإماراتية من إنجازات خلال الخمسين عاماً الماضية؟ وماذا تتوقعين منها للخمسين القادمة؟
- ما حققته المرأة في الخمسين سنة الماضية كان رائعاً، وأقتدي بالشيخة ميثاء والشيخة موزة والشيخة عليا بنت مروان، لأن ما استطعن إنجازه يجعل المرأة تستنتج أن كل شيء ممكن، وليس هناك حدٌّ، خاصة هنا فنحن مدعومات. وأدعو المرأة أن تستمر بما تقوم به من إنجازات مشرّفة في الخمسين سنة المقبلة.
• من وجهة نظرك، ما التحديات التي تواجه المرأة الإماراتية في طريقها نحو التمكين والريادة؟
- بصراحة لا أعتقد أن أمام المرأة الإماراتية حالياً تحديات أو عقبات كثيرة لأنه يتوفر أمامنا كل الدعم، وأن المرأة تساند شقيقتها المرأة الآن. ولا أشعر في بلادي باختلاف بين ما يمكنني فعله وما يمكن للرجل فعله، بل على العكس أشعر بأنه كوننا نساء يجعلنا ذلك نحظى بامتيازات وفرص أكبر على صعيد العمل.
• ما طريقتك لتخطي الصعاب والتحديات؟
- طريقتي تعتمد على التحدي ذاته. على سبيل المثال، تعرضتُ لإصابة أواخر عام 2020، ومنذ سنتين لم نشارك في بطولات كبيرة، وعندما بدأنا موسم الدوليات كان الأمر صعباً عليَّ، لكن مدربي ساعدني وتفهّم مشكلتي وعملنا على حلها. والأمر كان بالنسبة لي بمثابة تحدٍّ فكري، وهذا أكثر صعوبة. لقد تعرضت لإصابتين العام الماضي في الرقبة والكتف، وكنت كلما بدأت التدريب أعود وأتوقف، وعندما تتوقفين في كل مرة يخلق ذلك صعوبة في التقدم. تقدمت ولكنني لم أستطع تجاوز الأمر واكتشفت ذلك عندما بدأت الدوليات حيث لم أحقق النتائج التي تعودت على تحقيقها، فشككت في نفسي وخيلي وقدراتي، والحمد لله في الموسم الأخير استطعنا تخطي كل ذلك.
• هل تشعرين بأن النساء يساندن بعضهن في هذه الرياضات؟
- للأسف لا يوجد في الإمارات عدد كافٍ من النساء في هذه الرياضة، وأريدهن أن ينخرطن أكثر في رياضة القفز، فهناك رياضية واحدة هي نادية تريم، لم تستطع المشاركة هذه السنة في الدوليات لأن خيولها أصيبت. فالخيل له الدور الأكبر في هذه الرياضة، ودون خيل جيد لا تصلين لأي مكان. وكذلك أصيب خيلي الأساسي، وعندما عدت به للرياضة بدأت أفكر هل لايزال مصاباً وترددت. وفي الميدان ليس لديك وقت للتردد، فإذا دخلت الميدان فيجب أن تصممي لتصلي إلى خط النهاية مهما كان. لأنك لا تساعدين خيلك إذا ترددت ولا يستطيع حينها المنافسة، فأنت من يقرر متى يقفز أو يلف، وإذا أخذت القرار الخاطئ فستربكينه ويخاف وهذا غير عادل.
• لماذا هناك قلة من النساء في رياضة قفز الحواجز؟
- بدأنا نرى بعض الرياضيات، ولكن هذه الرياضة تتطلب أعواماً طويلة من التدريبات والالتزام، فهي ليست رياضة سهلة. وتتطلب دعماً كبيراً وأعتقد أن هذا الأمر ليس سهلاً على كل امرأة.
• كلمة تريدين قولها للمرأة بمناسبة يوم المرأة العالمي؟
- انطلاقاً من تجربتي الشخصية الأخيرة، أقول لها لا تخافي من الفشل، لم أكن أريد الفشل وهذا ما ساعدني على العودة. في بعض الأحيان عليك أن تفشلي لتتعلمي، وأن تفشلي لتتقدمي وهذا ليس بانعكاس لميزاتك أو موهبتك، ولكن لا يمكننا التعلم دون فشل، فلا يجب الخوف أبداً من الفشل.
النعومة والقوة
• بمناسبة يوم المرأة العالمي تطلق «بوميلاتو» حملتها العالمية من أجل النساء وتختار بموجبها مشاهير من كل دولة، هل برأيك حضور المشاهير وتبنيهم للمبادرات يؤثر في دعم تمكين المرأة؟
- نعم بالطبع، بالإضافة إلى أن الأمر يعتمد على الشخصية نفسها وما تكتسبه منها وما مرّ به هذا الشخص ليصبح قدوة ومثلاً أعلى. وفي الواقع من تختارهن «بوميلاتو» يعتبرن قدوةً للمرأة أينما كانت، ناهيك عن المشاهير الرجال الذين يدعمون قضايا المرأة أيضاً.
• في رأيك، من المرأة المثالية؟
- المرأة المثالية هي من تجمع بين النعومة والقوة، لطيفة وصريحة، مندفعة ومصممة، فلا يمكنك تحقيق أهدافك ونسيان المحيطين بك وفريق عملك. والقوة تكمن في اختيار الأشخاص المناسبين والارتقاء بهم ومعهم.
• في يوم المرأة العالمي من تذكرين من النساء الرائدات في العالم؟
- أذكر قريباتي، الشيخة ميثاء والشيخة لطيفة بنت محمد، والشيخة لطيفة بنت مكتوم، أقتدي بهؤلاء السيدات نظراً لقوتهن ومثابرتهن على العمل وشغفهن وقيامهن بكل الأمور على الشكل الكامل، وكل ما يقمن به ينبع من القلب.
قوية وصريحة جداً
• لمن تقولين شكراً لما وصلتِ إليه؟
- بالطبع، أقول شكراً لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم؛ لإتاحة كل هذه الفرص أمامنا. ولوالدتي لأنه من دونها لم أكن على ما أنا عليه الآن، كانت صعبة جداً، ولكنها تتيح لي دائماً إمكانيات وفرص النجاح، وتجعلني أفهم أنه لا يمكنني الحصول على أي شيء بلا مقابل، وأنه عليَّ أن أعمل من أجل تحقيق ما أريده، وأنا أقدّر ذلك كثيراً.
• ما الجوانب التي تشبهين فيها والدتك؟
- تقريباً لدينا الشخصية ذاتها، فأنا قوية وصريحة جداً مثلها إذ نقول كل ما يجول في رأسنا، وقد يكون هذا الأمر إيجابياً وأحياناً أخرى سلبياً. وما تعلمته من تجربتي، أنه ليس كل الناس يرغبون بمعرفة رأيك أو بما تفكرين فيه، ثمة أناس يستحقون ذلك ومنهم من لا يستحقونه، فعندما تكونين مهتمة بشخص معين صارحيه برأيك.
• إذا احتجت لنصيحةٍ ما لمن تلجئين؟
- الأمر يعتمد على الوضع الذي أنت فيه، قد تحتاجين أحياناً لمن هم خارج دائرة العائلة أو الأصدقاء، لأنه عندما يكون الشخص معنياً أو جزءاً من مشكلة ما يصعب عليه التفكير بطريقة موضوعية ومتجردة.
• كيف تصفين نفسك؟
ـ حازمة، ومصممة، ولا شيء يمكنه إيقافي.