غالباً تضع الدول استراتيجياتها لـ10 إلى 15 عاماً مقبلة على الأكثر، إلا أن دولة الإمارات رفعت سقف رؤيتها وطموحاتها؛ بإطلاق رؤية «خمسينية»، تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرتها التنموية، وتعزز مكانتها دولةً عصريةً، قادرةً على المنافسة وتبوؤ المراكز الأولى في مختلف المجالات.. إقليمياً وعالمياً.
هذه الرؤية الطموح، التي تتكون من مبادئ ومشاريع الخمسين، تشكل نقطة تحوّل مهمة في تاريخ الدولة، ليس فقط بسبب حجمها وتنوعها، لكن أيضاً لأنها جاءت بناءً على ما حققته على مدار الخمسين عاماً الماضية من إنجازات غير مسبوقة خلال فترة قياسية، حصد ثمارها كلُّ من يعيش على أرض الإمارات.
«زهرة الخليج» التقت مسؤولين وخبراء، تحدثوا عن مشاريع ووثيقة الخمسين، مؤكدين أن الدولة ماضية - بكل ثبات - نحو تحقيق الريادة في المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، لتعزز مكانتها العالمية، خلال الخمسين عاماً المقبلة.
«الإقامة الخضراء»
بدايةً، أكد معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة - الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، أن إطلاق دولة الإمارات مبادئ ومشاريع الخمسين، ومنها: نظام الإقامة الخضراء، والإقامة الحرة، يسهم في استقطاب الطلاب المتفوقين من الدول العربية والأجنبية إلى الدولة، ومتابعة الدراسة والتخصص في جامعاتها بصحبة أسرهم.
وأوضح أن نظام تأشيرات (الإقامة الحرة، والخضراء، والذهبية)، سيُحدث نقلة نوعية في استقطاب رواد الأعمال، والعقول، والمبتكرين، والمتفوقين، وأصحاب المواهب، وأوائل «الثانوية العامة»، من مختلف الدول العربية والأجنبية.
وذكر معاليه أن نظام الإقامة الجديد يسهل مهمة هؤلاء الطلاب الراغبين في متابعة دراستهم الجامعية بدولة الإمارات، برفقة أولياء أمورهم أيضاً، ما سيشجعهم على المكوث في الإمارات، خاصة الفتيات اللواتي يفضلن البقاء مع ذويهن؛ للشعور بمزيد من الاستقرار.
ووصف معاليه قرار القيادة الرشيدة منح «الإقامة الذهبية» لعشر سنوات، لأوائل «الثانوية العامة»، وأسرهم من المقيمين في الدولة، بأنه يهدف إلى تقدير جهود الطلبة المتفوقين وأسرهم، وفي إطار توجهها إلى خلق بيئة جاذبة ومشجعة للموهوبين، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والأسري والتلاحم المجتمعي، واستقطاب أصحاب العقول والمواهب الاستثنائية؛ ليكونوا شركاء دائمين في مسيرة التنمية بدولة الإمارات.
وذكر أن هذه المبادرات المهمة تواكب توجهات الدولة للمرحلة المقبلة، وتعزز مكانتها عاصمةً عالمية للمهارات، وأصحاب الخبرات، وللمتفوقين من الطلبة والطالبات، وأفضل مكان للعيش والإقامة في العالم.
خطط استباقية
وأكد معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، أن إطلاق وثيقة مبادئ الخمسين، وحزم مشاريع الخمسين، يؤكد حرص القيادة الرشيدة على تطوير خطط عمل مستقبلية لازدهار وتطور دولة الإمارات، التي أصبحت واحةً للسعادة والإيجابية والعمل الجاد، تتصدر مؤشرات التنافسية العالمية في مختلف المجالات، وتضع الخطط الاستباقية البعيدة المدى، التي تمكنها من تحويل التحديات إلى فرص واعدة؛ بفضل الرؤية الثاقبة والتوجيهات السديدة لقيادتنا الرشيدة، التي لا تستشرف المستقبل فحسب.. إنما تصنعه.
وقال معاليه إن وثيقة الخمسين تعد منهجاً ونبراساً، تهتدي بهما جميع مؤسسات الدولة؛ لإعادة صياغة المفاهيم التقليدية لآليات العمل، لتتناسب مع التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، بما يسهم في تعزيز تنافسية حكومة دولة الإمارات، التي باتت مرجعاً للحكومات الساعية إلى الارتقاء بأدائها، وتحقيق سعادة شعوبها.
وفي ما يتعلق بهيئة كهرباء ومياه دبي، أوضح معاليه أن «الهيئة» تواصل العمل على تعزيز تنافسية الدولة؛ لتحافظ على مكانتها الريادية، خلال الخمسين عاماً المقبلة، وجهةً لكبرى الشركات والمؤسسات والعلامات التجارية العالمية، والمكان المفضل للعيش والعمل وريادة الأعمال، في ظل البيئة الجاذبة للاستثمارات، والقوانين التي تحمي حقوق المستثمرين، وصولاً إلى تحقيق أهداف «مئوية الإمارات 2071»، التي تهدف إلى أن تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول مئويتها.
بداية قوية
وأوضحت ناعمة الشرهان، النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، أن حزم مشاريع الخمسين المقبلة تمثل خارطة طريق لغدٍ مزدهر، يحمل كل الخير والنماء لأبناء وبنات الوطن، وللمقيمين على أرضه الطيبة أيضاً. وقالت: تدعم مشاريع الخمسين المواطنين، من خلال التدريب والتعليم، وتسهيل وفتح آفاق فرص العمل في القطاع الخاص أمامهم، وبالتالي ازدهار النمو الاقتصادي للدولة.
وأشارت إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أدرك - بحكمته - أن بناء الأوطان يبدأ من بناء الإنسان، وحرص على إرساء هذا النهج كمحور تنموي ثابت منذ قيام الاتحاد، فحملت القيادة الرشيدة على عاتقها مواصلة هذا النهج، وهذا ما نراه اليوم في البداية القوية لاستشراف المستقبل، والاستثمار في الإنسان، وتوفير فرص العلم والعمل؛ لضمان حصوله على أفضل مستويات الرعاية والحماية والتعليم والصحة. وشددت على أن هذه الرؤية الاستراتيجية تعزز نهضة الدولة وتقدمها، بل ومنافستها للعالمية في مختلف نواحي الحياة، فضلاً عن تشجيع الابتكار والإبداع، من خلال استقطاب المتفوقين والمبدعين من جميع أنحاء العالم.
ونوهت، أيضاً، بأن حزم مشاريع الخمسين تفتح آفاقاً رحبة للاستثمار، وتشجع وتدعم تنمية الذكاء الاصطناعي، وبناء الاقتصاد الرقمي، والاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، لتشكيل خارطة طريق استثمارية للخمسين عاماً المقبلة، واستشراف مستقبل من التنمية يمنح الفرص للجميع.
زيادة تدريجية
وأشاد حميد محمد بن سالم، الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة في الدولة، بمشاريع الخمسين، ومنها الحزمة الثانية، التي شملت تخصيص 24 مليار درهم، لاستيعاب 75 ألف مواطن في القطاع الخاص، خلال السنوات المقبلة، مؤكداً أن هذه الخطوة تحفز على مشاركة المواطنين في العمل بالقطاع الخاص، وفقاً لرؤية ومسارات استراتيجية من شأنها رفع جاذبية هذا القطاع، وتحفيزه، وتعزيز دوره في مجال توظيف المواطنين، باعتباره شريكاً رئيسياً وفاعلاً في مسيرة التطور والتحديث التي تشهدها الدولة.
وفي ما يتعلق بزيادة نسب توظيف المواطنين في شركات القطاع الخاص، بحيث تصل إلى 10%، خلال خمس سنوات، قال إن الزيادة التدريجية في نسب توظيف شباب الإمارات بالشركات الخاصة، ستعمل على خلق مجمع وطني من المهارات والكفاءات والخبرات، يشكل أحد الأصول الثمينة والرئيسية في القطاع الخاص، الذي يعتبر أساس مستقبل الاقتصاد في دولة الإمارات.
واختتم حديثه، قائلاً إن دولة الإمارات تنطلق في رحلة الخمسين عاماً المقبلة، واضعة تمكين الإنسان، وتمكين الاقتصاد، أولويتين لخلق البيئة الاقتصادية الأفضل والأكثر تنافسية.
لا مستحيل
من جانبه، ثمن الشيخ أحمد بن مسلم بن حم، المدير التنفيذي لـ«مجموعة بن حم»، إطلاق «مشاريع الخمسين»، التي تبشّر بدخول حقبة جديدة من التحول، حيث تحرص الدولة على تطوير اقتصادها، من اقتصاد قائم على النفط إلى الدولة الحديثة التي نراها اليوم، بفضل رؤية استشرافية للقيادة الرشيدة التي تلتزم الابتكار نهجاً وأسلوب عمل.
وقال: علمتنا القيادة الحكيمة أنه لا مستحيل مع الإرادة والعزيمة، وأن الإمارات لا تنتظر المستقبل، بل تصنعه وهذا هو منطلق الدولة في الإدارة. وتمثل مشاريع الخمسين، انعكاساً للرؤية الواثقة لدى القيادة الحكيمة، وإيمانها بقدرة الإمارات على دخول العقود المقبلة من باب الريادة والتميز، حيث تتميز الدولة بموقع جغرافي مثالي بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وفي قلب سوق كبير ومتنوع، يضم أضخم الاستثمارات في الاقتصاد، وخطوط التجارة الدولية، الأمر الذي يعزز قدرات دولة الإمارات؛ لحجز موقع متصدر عالمياً في مجالات الاقتصاد الجديد، القائم على المعرفة، والتكنولوجيا الذكية، والعلوم المتقدمة.
وأكد أن مثل هذه المبادرات تعزز جاذبية الإمارات وجهةً للاستثمارات ورؤوس الأموال، ما سيكون له أثر كبير في تعزيز مكانة الدولة بين أهم اقتصادات العالم.