بعد العودة إلى المدارس، ندرك جميعاً أهمية شعور أبنائنا بالثقة العاطفية، خاصة بعد غياب دام سنتين، بسبب جائحة "كوفيد-19"، ومتحوراتها المتنوعة التي غزت العالم، وما نشهده الآن من عودة تدريجية للحياة الطبيعية يستدعي منا مراعاة أبنائنا، والحرص على تعليمهم المهارات التي تمكنهم من الاندماج في المجتمع المدرسي.
تقول موزة توفيق الظاهري، مستشارة شؤون الأسرة والمجتمع: "بعد انعزال شبه تام عن العلاقات الاجتماعية في المحيط الأسري والمجتمعي، وعلى صعيد الأصدقاء، علينا الاهتمام بالأثر الكبير الذي أحدث تصدعات في الثقة العاطفية لدى الأبناء، والتي تعتبر من أصعب أنواع التطوير الشخصي لشخصية أبنائنا". وتعرف الظاهري "الثقة العاطفية" بأنها امتلاك السيطرة العاطفية الكافية لمواجهة المواقف، وقتما يشاء الفرد وفور حدوثها.
معددة المتطلبات الاجتماعية، التي يحتاجها أبناؤنا لاكتساب الثقة العاطفية في المجتمع المدرسي الآمن، منها: الاحترام، العطف، إشاعة الحب، وتعزيز مبدأ التعاون والانتماء للمجتمع المدرسي.
مشاعر الأبناء
توضح الظاهري أن الأبناء سيرغبون في لفت الانتباه، واختيار أساليب متنوعة في مدرستهم، قد تتمثل أحياناً في اللجوء لاتخاذ أساليب سلوكية غير مرغوبة، كإحداث الفوضى وعدم الانتباه وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية والقوانين المدرسية، وذلك بهدف إثبات قدرتهم على جذب انتباه من حولهم. أيضاً سيرغبون في أن يضعوا حدوداً لكل من يحاول التنمر لهم في البيئة المدرسية، أو لمن لا يحترم خصوصيتهم، وسيلجؤون كذلك لاستخدام عواطفهم لاستعطاف من حولهم، فضلاً عن أنهم سيرغبون كذلك في التحكم بمشاعر الارتباك والقلق والخوف، وكذلك الخجل والغضب. وسيشعرون بأنهم لا يمتلكون الحب أو الصداقات التي تخولهم ألا يكونوا وحيدين في بيئتهم المدرسية، بالإضافة إلى أنه ستظهر أمامهم عوائق مختلفة، نظراً لاستخدام مهاراتهم الشخصية بطريقة خاطئة.
نصائح للآباء والمربين للمساهمة في جعلهم أكثر كفاءة وحكمة وصبراً واتزاناً:
تطوير المهارات
تقول الظاهري: "أبناؤنا يواجهون مشكلات في تطوير مهاراتهم الاجتماعية والشخصية، وما يتوقعونه لأنفسهم في المستقبل على الصعيدين الأكاديمي والمهني. ومن الملاحظ أن العديد من الأبناء يصابون بخيبات أمل، أو يترددون في اتخاذ القرارات، في ظل عدم وضوح الأهداف المرجوة، وعدم إدراكهم نقاط قوتهم وضعفهم. وهنا على أولياء الأمور الاهتمام بتعزيز الثقة العاطفية لديهم، لما لها من أهمية عظيمة في نفوس أبنائنا، حيث إنها توجد حافزاً قوياً، يستعينون به عندما يشعرون بصعوبة الوجود في البيئة المحيطة بهم، سواء البيئة المدرسية أو الأسرية أو المجتمع المحلي، نظراً للتحديات الاجتماعية والشخصية والأكاديمية التي تعيق تقدمهم".
احترام الذات
تشير الظاهري إلى أهمية تعويد الأبناء على احترام الذات، ما يجعلهم يتصرفون باتزان مع القيم، مثل (التعاون – احترام العلم - احترام القوانين – الصدق – والأمانة.. وهكذا)، والهوية الشخصية من الأمور المهمة، فالأبناء الذين يمتلكون هوية شخصية واضحة يكونون أكثر ثباتاً في تصرفاتهم وردود أفعالهم، وبالتالي القدرة على التركيز وزيادة قدرة الذاكرة على الاستيعاب والحفظ.
وضع الأهداف
تتابع المستشارة أنه على أولياء الأمور والمربين الاهتمام، أيضاً، بتعليم الأبناء وضع أهداف ودوافع واضحة. فالحفاظ على الدافع يعطي أهدافهم قيمة، ويحفز المشاعر الإيجابية لديهم، فيصبحوا قادرين على اتخاذ قرارات أفضل وتحديد مساراتهم المهنية في المستقبل بشكل صحيح، كما أنهم يصبحون أعضاء فاعلين في مجتمعاتهم، قادرين على النجاح وتجاوز جميع العقبات التي تعترض طريقهم، والتواصل مع الآخرين بشكل أفضل، وتكوين علاقات اجتماعية واحتواء مشاعر الغيرة والتنافس والأنانية.
الصحة البدنية
وتوضح الظاهري أهمية المحافظة على الصحة البدنية للأبناء، من خلال حماية الأعصاب والجهاز المناعي، التي ترتبط معاً، وأي مشاعر سلبية قد تحدث توتراً وقلقاً، ينتج عن العواطف المكبوتة التي لم تتم معالجتها سابقاً، فتعمل الثقة العاطفية على إدراك أهمية الحفاظ على مشاعر متزنة، وبالتالي الحفاظ على مشاعر إيجابية عالية، تساعد القلب والعضلات وأعضاء الجسد على أن تكون في صحة بدنية عالية، وبالتالي ستجعلهم قادرين على الاستمتاع بأوقات العلم والتعلم، وقادرين على الإبداع والتميز، وسينتج عن كل ذلك حصولهم على الاحترام والحب والتقدير من المحيطين بهم. وعندما نوفر لهم الثقة العاطفية سيكونون مستمعين رائعين للتوجيهات والإرشادات.