«الشهرة فتنة، والفن حرام».. صرخة مدوية أعلنتها الفنانة المصرية حلا شيحة، والتي أثارت الكثير من ردود الفعل، لاسيما أنها أطلقتها على مواقع «السوشيال ميديا»، لتصير حرباً معلنة ضد الفنان تامر حسني، مروراً بالفن الذي يشكل رمزاً حقيقياً من رموز الثقافة الإنسانية. لكن يبدو أن زواجها برهان حقيقي على تخبطها واستلابها، وتحديداً الذي يعري التقلبات والتناقضات في شخصية هذه الفنانة، التي تنتقل من ضفة المصالحة مع الفن إلى ضفة العداء، وهذا يطرح ألف سؤال، بل هو ما جعلها حديث الإعلام و«السوشيال ميديا»، نتيجة الجدل الذي أثارته، ما جعل الغبار يعلو ويعلو، ويجعلنا نسأل: في أي زمن نعيش نحن؟ لاسيما أن حلا تنتمي إلى أسرة تحترم الفن، فوالدها الفنان التشكيلي أحمد شيحة، الذي صدم من تقلبات ابنته التي تعشق الفن، لكن زواجها من الداعية معز مسعود، هو السبب الأساسي وراء أزمتها مع الفنان تامر حسني، بعد اعتراضها على مشاهد كليب فيلم «مش أنا».
ليست المرة الأولى التي تعتزل فيها حلا شيحة الفن.. تتزوج.. تتحجب.. تنفصل عن الزوج.. تخلع الحجاب.. ثم تعود تتوسل من أجل الفن، ما يجعلنا نتساءل: أيَّ تخبط وصراع تعيشه؟ أيَّ تناقض دفعها إلى إشعال المعارك مع الفنان تامر حسني؟ وإلى أي درجة هي شخصية مغتربة عن نفسها، متقلبة، متناقضة؟! ويبدو أن الصراع بين الفن والحياة مرده إلى زواجها من الداعية معز مسعود، فهل هي دمية بيد من يتزوجها.. ولا بدَّ أن نروي الحكاية؛ لأن الحكايات حينما تُروى تأخذ بُعْداً جديداً؟
ابنتي مُختطفة
تبقى كلمة الفنان التشكيلي أحمد شيحة، والد حلا، موقفاً من هؤلاء المتطرفين الذين يعادون الفن، وربما يعادون الحياة بجمالها، لهذا يقول: «ابنتي اختطفت!»، كأنه يقول ابنتي لا شأن لها، دون أن ينتبه إلى أن هناك صراعاً تعيشه ابنته حلا، لاسيما أن موضوع الحجاب واعتزال الفن ومعادتها له، ليس جديداً، وليس يحدث للمرة الأولى. وهنا نؤكد على هذا لأن الاعتزال شيء، والتفرغ للزواج والأسرة شيء، واحترام تجربة تركت بصمتها في الدراما والسينما والفن عموماً، ومعاداتها للفن التي تشكل خطراً حقيقياً شيء آخر؛ لأن الفن حياة، وهوية، وصورة من صور المجتمع، ورسالة جمالية وإنسانية قبل كلّ شيء.. فكيف ببلد مثل مصر يمتلك أهم مقومات الفن والموسيقى والغناء والدراما والسينما أيضاً؟
ربما هذا ما دفع والد الفنانة حلا شيحة إلى الهجوم العنيف على زوج ابنته، لاسيما أزمتها مع الفنان تامر حسني، بسبب الاعتراض على مشاهد كليب فيلم «مش أنا».
هذا الوالد الذي ينتصر للفن، لأنه يعرف أن الفن حرية وحياة وتوق إلى الجمال. وقد أكد، في تصريحات تلفزيونية، أن هناك تغيرات كثيرة ظهرت على حلا منذ فترة، بعد زواجها من معز مسعود، معتبراً أن ابنته طيبة وبسيطة جداً، لكن طرأت عليها تغيرات جعلته يشعر بالقلق الشديد، مشككاً في أن تصريحها الأخير لم يأتِ منها.
فكر ظلامي
طبيعي جداً، في هذه الحال، أن تتدخل نقابة المهن التمثيلية في مصر، التي يترأسها الفنان أشرف زكي، بعد اشتعال المشاكل بين حلا وبين وتامر حسني، لاسيما بعد تصريحها بأن «فتنة الشهرة أعْمَتْهم». وطبيعي أن يأتي بعدها بيان شديد اللهجة من مجلس إدارة النقابة، عبر فيه عن رفضه ما حدث بين حلا وتامر، معتبراً أن هذا يصب في الفكر الظلامي، الذي لا بدَّ من التخلص منه.
وجاء في البيان: «يُعلن مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية رفضه التام لكل محاولات العودة بنا للوراء بنشر الفكر الظلامي، الذي عانى منه المجتمع المصري طوال عقود، سواء عبر الصفحات العامة بالوسائط الإلكترونية، أو الصفحات الخاصة لمن يعتزلون الفن تحت غطاء التوبة، وكأنَّ الموهبة التي منحها الله للمبدعين خطيئة».
وبعد أن هاجمت حلا الفنان تامر حسني، بسبب طرح فيديو كليب أغنية «بحبك» من فيلمهما السينمائي «مش أنا»، الذي يُعرض في دور السينما حالياً.. هل تمحو الفنانة ما أنتجته من جمال؟! وهل تتنكر للفن بهذه الصورة الاحتجاجية المرفوضة أصلاً، والتي تصب - حسب النقابة - في رؤية رجعية، وربما تسوق العنف والفوضى؟!
موقف الفنانين
لم يقف الفنانون موقف المتفرج أبداً، بل وجه كثيرون إلى حلا - من خلال «السوشيال ميديا» - انتقادات شديدة، وهجوماً، وسخرية، بعد تبرؤها من فيلم «مش أنا»، وانتقادها الشديد لنجم الفيلم تامر حسني، بعد نشره كليب أغنية «بحبك» على «يوتيوب»، لاحتوائه على مشاهد لها وصفتها بـ«الجريئة»، فربما لا يروق للزوج رؤية زوجته في هذه المشاهد، خاصة أنها اليوم زوجة داعية. لهذا ليس غريباً بعدما تبرأت من الفن أن يطالبها بعض الزملاء بأن تعيد المبلغ الضخم الذي حصلت عليه مقابل تصوير مشاهدها في الفيلم! فالسيناريست محمد العدل طالبها بإعادة الأموال التي تقاضتها، قائلاً: «اللي عملتيه شايفاه حرام، هتصرفي فلوس حرام؟.. رجعي الفلوس». وأضاف: «يا ريت بس لما تطلقي مترجعيش تقولي عايزة أمثل تاني يا أستاذة حلا؟».
«مش أنا»
بالعودة إلى الحكاية التي لاتزال تثير غباراً، كأن حلا تعلن «مش أنا حلا شيحة.. أنا إنسانة ثانية اليوم»، أو كأنها تحمل عنوان الفيلم، وتتنكر لما قدمته إلى الفن، بل توجه انتقادات إلى زميلها الفنان تامر حسني، فالموضوع لا ينحصر في هذا أبداً، بل في معاداتها للفن.
على طرف آخر، قالت مخرجة الفيلم سارة وفيق: «يجب على حلا شيحة، وزوجها معز مسعود، أن يشكرا طاقم عمل الفيلم، لأنه لم يقاضِ شيحة لإخلالها بالعقد!».
إقرأ أيضاً: حنان رضا تغازل زوجها بكلمات رومانسية: «تاج الرأس وكلي حلالك»
إن النتاج الفني ثمرة جهود جماعية أسهمت في نجاح فيلم «مش أنا»، ويبقى القيل والقال دعوةً حقيقيةً لمتابعة الفيلم والفيديو كليب أكثر. فهذا الجدل شكّل عيناً أخرى تدفع الجمهور إلى مشاهدة الفيلم، الذي حقق إيرادات حقيقية في شباك التذاكر.
ننتصر للحياة.. ننتصر للفن.. ننتصر لمصر والعالم العربي، الذي سيهزم الظلاميين بالثقافة والفن والموسيقى والغناء والاعتدال، بعيداً عن أي تطرف!