رغم انقضاء فترة الامتحانات، وبدء استمتاع الأبناء بإجازاتهم، بقي عالقاً في ذهني خبر استوقفني عن إرسال بعض المدارس الخاصة إلى الأسر إخطاراً بأن محاولة مساعدة الأبناء في الاختبارات ستعرضهم للمساءلة القانونية، وطبعاً الخبر ليس مستغرباً في حد ذاته، لكن الحوار، الذي تضمنته التعليقات على المنصات المختلفة، هو الذي استوقفني. طبعاً معظم التعليقات كان متركّزاً على التندّر، وابتكار الطرف حول ما سيحدث للأمهات اللاتي، بالتأكيد، ساعدن أبناءهن بصورة أو بأخرى.
ووسط الحوار الدائر، حضرني سؤالان أكبر وأهم، ينبعان من شغفي المتعلّق بالرقمنة والمستقبل، هما: هل الأنظمة التعليمية بشكلها الحالي لازالت تُلبي مستوى التعليم الذي تحتاجه أجيال المستقبل؟ وهل الأدوات والمناهج وآليات التقييم لازالت كافية لما يحتاجه عالمنا الجديد؟ هذا العالم الذي أثبتت لنا الظروف - التي مرت بنا على مدار عامين - أن نواحي الحياة كافة لم تعُد كما كانت.
إقرأ أيضاً: شيماء الوطني تكتب: بين ممرات «السوبر ماركت»!
ورغم أنني عبرت مرحلة متابعة دراسة الأبناء، وبفضل الله ابنتي مريم تخرّجت في الجامعة؛ فإنني جزء من حوارات المجتمع، حيث لا يخلو حديث، سواءً كان بمجلس فيه أمّهات، أو عبر ما نراه في منصات «السوشيال ميديا»، من ثلاث ملاحظات مُهمة، هي: الأولى: فُقدان العديد من الأبناء، خاصة الأطفال في السنوات الأولى، شغف الدراسة بالطرق التقليدية. الثانية: نُدرة المنصات الرقمية المصممة لتقديم المنهاج بأسلوب يسد الفجوة بين التعليم الوجاهي والتعليم الرقمي. الثالثة: بينما يتحدّث الجميع عن البيانات والذكاء الاصطناعي، التي يجري توظيفها بمستويات مختلفة في العديد من مجالات الحياة، إلا أنّها غير ملحوظة في مجال التعليم والارتقاء به.
هي ملاحظات أردت أن أشارككم إياها في «رمسة عاشة»؛ لنقرأ معاً، بين سطور ملاحظات الناس الموسمية العابرة في «السوشيال ميديا»، والإجابات على النقاط الثلاث ليست مسؤولية طرف واحد فقط، لكن أطراف متعددة، فالحل لابُد أن ينطلق من الاستماع جيداً للجيل الجديد، وما يقوله، سلوكه واهتماماته، وكذلك تجارب أولياء الأمور، خاصة الأُمهات اللاتي حصلن على نظرة شديدة الدقة إلى تجربة أبنائهن، خلال «الجائحة»، والدور الأهم والأكبر هو لوزارات التربية والتعليم، أو من يقوم بدورها في كل دولة، لكن الحل يجب أن يكون جراحياً وفي العمق، وليس مجرّد إدخال أدوات جديدة، وإنما بإعادة تعريف التعليم الذي يحتاجه المستقبل وأدوار الأطراف المختلفة فيه، وطبيعة المناهج وشكلها، وغيرها الكثير الذي أفضّل أن أتركه لأصحاب الاختصاص.
كل شيء حولنا تطوّر، فهواتفنا ذكيّة، وبلا سلك يربطها بقاعدتها، وشاشاتنا مسطّحة تقترب من أن تُصبح برقة الورق، وهناك العديد من الأمثلة.. أليس من باب أولى أن نُعيد النظر في المنظومة التي ولد منها العلماء والمخترعون حول العالم في الماضي؛ لنكون قادرين على مواصلة الابتكار والتطوّر بالسرعة والأسلوب اللذين يحتاجهما العالم الرقمي؟ وهل تُشاركونني الأفكار التي همست بها «رمسة عاشة» هذه المرة؟.. فما شكل ومضمون التعليم الذي سينقلنا إلى مستقبل يليق بعالمنا الجديد؟