لطالما جسدت «الخيمة» في الثقافة العربية القيم الأصيلة للكرم والشجاعة، ونقطة مرجعية بصرية للبدو الرحل الذين يجتازون مساحة الصحراء الشاسعة قديماً رمزا للنجدة والأمان.
وحتى اليوم لا يتوقف الإلهام الذي يحققه مفهوم الخيمة العربية التقليدية في موقع «إكسبو دبي 2020»، والذي ينطلق بعد ستة أشهر، كأول إكسبو دولي يُقام في المنطقة العربية، منذ تدشين النسخة الأولى منه في لندن قبل نحو 170 عاماً. ويأتي هذا الحدث الاستثنائي في مرحلة دقيقة من تاريخ البشر على هذا الكوكب، تستلزم اتحاد دول وشعوب العالم، أكثر من أي وقت مضى، في مواجهة تحديات العصر الملحة، حيث شكلت تصاميم «الخيمة» حضوراً بهياً يتألق بمعاني الوحدة والتضامن وجمع الشمل.
140 مبتكراً
في جناح (مبدعون في الخير) المصمم على شكل الخيمة العربية التقليدية، سيلتقي 140 مبتكراً دولياً من 76 بلداً، ونخبة من الخبراء المتخصصين في الكثير من المجالات، لمناقشة حلولهم المبتكرة في عدة قطاعات، ولبحث المزيد من الحلول لتحديات العصر الملحة، بهدف تحقيق التغيير الإيجابي. الجناح مستلهم من الخيمة العربية، التي التقى فيها الآباء المؤسسون لدولة الإمارات، وهو من أعمال المصمم الإماراتي أحمد عبد الرحمن بوخش مؤسس شركة (أركيدنتيتي). ويسلط الجناح المخصص لبرنامج (إكسبو لايف) الضوء على أهمية الفكر والابتكار في تحقيق تطلعات المجتمعات وتحسين حياة الناس، من خلال التفكير في حلول غير تقليدية للتحديات التي تواجهها المجتمعات. ويتجسد هذا المفهوم في تصميم الجناح المستوحى من الخيمة التي التقى فيها حاكما أبوظبي ودبي في 18 فبراير عام 1968 من أجل تحقيق رؤية مشتركة لتأسيس دولة الإمارات.
ربط دقيق
وترمز مظلات الخيام الموجودة عند واجهة الجناح، والمزودة بدعامات متقاطعة على شكل حرف V باللغة الإنجليزية، إلى تلاقي الأفكار وتبادلها بين الحكام، بينما تحاكي المناظر الطبيعية المحيطة بزوار الجناح الأجواء التي التقى فيه حاكما إمارتي أبوظبي ودبي قبل عشرات السنين. ويجسد هذا الربط الدقيق فكرة «إكسبو دبي 2020» بشكل عام، و(إكسبو لايف) بشكل خاص، والقائمة على الالتقاء من أجل تبادل الأفكار وتواصل العقول لصنع مستقبل أفضل.
كما استلهم (إكسبو لايف) برنامجيه من الوعد الذي قطعه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حين قدمت دولة الإمارات ملف استضافة معرض إكسبو الدولي، إذ تعهد بأن يكون «إكسبو دبي 2020» شاملا ومبهرا، ويستضيف إبتكارات من مختلف أصقاع الأرض، وليس من مراكز الإبتكار التقليدية فحسب، إذ خصص سموُّه صندوقاً لذلك، وكلَّف بإيجاد المبتكرين من جميع أنحاء العالم وتمويلهم وإحضارهم إلى إكسبو، ليجعله حدثاً للجميع وفرصة لإلهام الزوار.
أثر ممتد
لم تكتف «الخيمة» بحضورها الباذخ في الوجدان العربي، إنما امتد إلى جناح أحد الدول المشاركة، وهي فنلندا، حيث تمثل الواجهة الخارجية للجناح خيمة عربية مصنوعة من الجليد، لتحاكي المناظر الطبيعية الجليدية الاسكندنافية أو ما يُسمى (الكِساء الأبيض)، الذي يغطي الأراضي الفنلندية من أواخر الخريف حتى الربيع. وقد استُوحي مدخل جناح فنلندا من مدخل الخيمة العربية، لدمج عناصر الثقافة العربية في أول إكسبو دولي يُقام في العالم العربي. وسيضم الطابق الأول ملمحاً آخر من ملامح الثقافة الإماراتية والعربية وهو (المجلس)، الذي سيكون نقطة مركزية للالتقاء وحلقات النقاش وفعاليات التواصل واستقبال الشخصيات المهمة على مساحة 500 متر مربع. وفي هذا الطابق سينطلق الزوار في رحلة عبر القطاعات الرئيسية في فنلندا تحت مظلة الاقتصاد الدائري والاستدامة والابتكار. وسيركز محتوى العرض على موضوعات متعددة يناقشها «إكسبو دبي 2020»، مثل الموارد الطبيعية والطاقة النظيفة والمدن الذكية والتقنية والتعليم والصحة والتصميم والسياحة. وفنلندا من الدول التي تتناغم فيها الطبيعة مع التقنية بشكل رائع، لذا فإنها في مقدمة الدول الأسعد في العالم وفقا لتقرير السعادة العالمي.
اقرأ أيضاً: تعرفوا إلى شخصياتكم وفقاً لفصائل دمائكم
بصمة عربية
الكثير من الملامح العربية الأخرى سيجدها الزوار في موقع «إكسبو دبي 2020»، وستمتزج بأجنحة بعض الدول المشاركة. من بين هذه الملامح (المشربية)، التي ألهمت مصممي أكثر من جناح من أجنحة الدول المشاركة، وأيضا مصممي منشآت الحدث العالمي، وفي مقدمتها بوابات إكسبو العملاقة المصنوعة من ألياف الكربون، والتي أبدعها المصمم العالمي الشهير آصف خان، إضافة إلى المقاعد المستوحاة من الخط العربي. كل هذا وأكثر سيجعل من «إكسبو دبي 2020»، ولأول مرة إكسبو دولي بنكهة عربية.