ليس صوت ملحم زين ما يميزه فقط، ولا أغنياته الجميلة فحسب هي التي جعلته نجماً في غضون سنوات قصيرة، بل إن تواضعه الجم، وأخلاقه العالية، ورقيه في التعامل، جعلت من «ريس الأغنية العربية»، ريساً على القلوب أيضاً، فلا يذكر اسمه في مجلس فني أو إعلامي أو اجتماعي إلا والجميع يشيدون به، فيمدحون صوته وأغنياته مرة ويمدحون شخصه مرات، ورغم إطلالاته الكثيرة في برامج مختلفة، إلا أن إطلالته مؤخراً كمدرب وعضو لجنة تحكيم جعلت جمهوره يتعرف عليه أكثر كإنسان. وشارك الفنان ملحم زين في أواخر 2020 في عدد من الحفلات الغنائية عندما حدثت انفراجة في ذلك الوقت، إلا أن عودة إيقاف الحفلات فتح أمامه المجال للتفرغ أكثر للإطلالات التلفزيونية، فاختار ملحم أن يطل عبر شاشة أبوظبي لمرتين متتاليتين، الأولى عبر مشاركته في برنامج «أمير الشعراء»، والثانية من خلال حلقة مميزة من برنامج «غني على العالي» التي بدأنا حوارنا معه منها:
• هل مشاركتك في البرامج التلفزيونية تعوضك قليلاً عن توقف الحفلات بسبب كورونا؟
- كان لي شرف أن أتعاون مع تلفزيون أبوظبي من خلال هذه البرامج، وبالنسبة لبرنامج «غني على العالي» لأول مرة يتم السماح لفريق عمل بالتصوير على سطح «متحف اللوفر» في أبوظبي، البرنامج كان رائعاً قدمت من خلاله أغاني جميلة وصورناها بطريقة مختلفة وكان فيه حوار لطيف ورشيق.
• أنت من ضيعة في لبنان ودائماً «سطح المنزل» مرتبط بذكريات الطفولة البعيدة عن الغناء، فما الذي ذكرك به الصعود إلى السطح؟
- (ضاحكاً) صحيح ذكرني بسطح جدي وسطح بيت عمتي، السطح كان بالنسبة لنا ونحن صغار مكاناً للهرب من العقوبة، ولكن سطح اللوفر أمر مختلف تماماً، ووجود هذه التحفة الفنية في أبوظبي «شيء يرفع الراس»، والتصوير على السطح لم يكن عادياً ومجرد السماح بالتصوير بهذا المكان كان صعباً جداً أن تتم الموافقة عليه وبالتالي أشكرهم على إنجاز التصوير، وأنا لم أزر اللوفر من الداخل حتى الآن، لكنني سأزوره بأقرب وقت.
• خلال تسجيل برنامجك في أبوظبي تجولت في المدينة، فما أكثر ما أعجبك بها؟
- أهم ما في أبوظبي هو الإنسان والأخلاق العالية التي يتمتع بها أهلها، من خلال تعاملك مع أي شخص إماراتي تجد الرقي والأخلاق العالية والتربية الجميلة والصدق في التعامل، وهذا أهم ما في أبوظبي والإمارات بشكل عام.. الجنسيات كثيرة في الإمارات، عرب وأفارقة وآسيويون وأوروبيون وغيرهم، والجميع يمارسون عاداتهم بكل حرية، أما عمرانياً فمن الواضح الفخامة في المباني والفنادق والأماكن السياحية مثل اللوفر وغيره. ونحن الآن في ظل كورونا وتجولت في عدة دول عربية لم أرَ مثل التقدم الذي حدث هنا، وخاصة الجهوزية الملموسة لمواجهة كورونا والتي لم أرها بأي بلد في هذا المستوى.
• نعود إلى «أمير الشعراء» الذي قدمت من خلاله لأول مرة أغنية من ألحان كاظم الساهر أخبرنا عن هذه التجربة؟
- هذه أول مرة أغني عملاً خاصاً بي من ألحان الساهر، هو أخ كبير وصديق عزيز وهناك كيمياء ومحبة ولدت هذا العمل «العدل يا حبيبتي»، وسبق أن غنيت معه ومن ألحانه «أشهد» وأكثر من أغنية مثل «الليلة إحساسي غريب» و»زيديني عشقاً» إلى أن أتت أغنية «العدل يا حبيبتي» بصوتي وإن شاء الله لن تكون الأخيرة. العلاقة مع أبو وسام يتخللها الاحترام وأنظر إليه كمدرسة أتعلم منها الكثير من الأمور وأنظر إليه كشخص عصامي وما فعله ليس سهلاً، وخاصة في غناء القصائد ليحفظ معه الجمهور الكسرة والفتحة والضمة، ويعيدوا من خلفه «أنا وليلى» وغيرها من القصائد، وأتذكر عندما كان عمري 14 عاماً كنت أحفظ أغانيه بالفصحى، وأنا أرى أنه رفع جودة الاستماع لدى المواطن العربي.
مع كاظم الساهر
• قلت إنها لن تكون الاغنية الأخيرة، فهل بينكما مشروع تعاون جديد؟
- نعم تحدثنا بمشروع جديد ولكن الآن في ظل كورونا، هو سافر إلى أميركا لرؤية أحفاده بنات وسام، وسيكون هناك تعاون آخر فور عودة الحياة إلى طبيعتها، كاظم فنان وهو يعطي من قلبه، والعمل معه ممتع جداً.
• أنت أيضاً قدمت أغاني لا تنسى مثل «ضلي اضحكي» وغيرها من الأغاني الناجحة.. ألا تشعر بنجاحك؟
- نحن على الطريق، كاظم يغني قبلي بـ 25 عاماً ورغم أن هناك من هم أقدم منه ولم يصنعوا النجاح الذي حققه هو، كاظم حالة لن تتكرر في العالم العربي، وهناك أسماء كالبصمة الدائمة مثل جورج وسوف وملحم بركات وميادة الحناوي، هذه أسماء الصف الأول وبعد ذلك يأتي غيرهم.
• اجتمعت مع جورج وسوف في دبي في حفل أواخر 2020، فهل يمكن أن يترجم هذا اللقاء إلى مشروع تعاون بينكما؟
- أتشرف بالطبع بالتعاون مع أبو وديع، هو اسم كبير جداً وأتمنى أن نعود ونعمل حفلات أخرى، تلك الحلقة كانت رائعة وأتمنى تكرارها سواء في الإمارات أو أي بلد آخر.
لست مدرباً
•شاركت كمدرب وعضو لجنة تحكيم في الموسم الأول من «ذا فويس سينيور» واستطعت أن تكون المدرب الفائز، كيف وجدت هذه التجربة؟
- (يضحك) لست أنا من فاز، فريقي هو الفائز، وفي الحقيقة الفائز هو الموهبة الكبيرة الأستاذ عبده ياغي، كانت جرأة كبيرة منه وثقة عالية بقدراته أن يأتي للبرنامج ويشارك به، لم أتوقع أن نفوز لأن المنافسة كانت شديدة، كانت هناك أصوات جميلة مثل سعاد حسن وصفوان عابد، نحن كمدربين كنا معهم، وأنا كنت أول من التفت للأستاذ عبده ياغي، وبكل محبة أنا ونجوى كرم وسميرة سعيد وهاني شاكر كانت الكيمياء بيننا جميلة أمام وخلف الكاميرا والتجربة كانت رائعة.
• هل تحب تكرارها؟
- مؤكد سأكررها، ولكن للتوضيح فقط أنا لست مدرباً بالمعنى الحرفي للكلمة ولا أتحدث بالطبقات والمقامات ونحن جميعنا لسنا هكذا، الفكرة أنني أجيد الاستماع للصوت الجميل والمميز، وبالتأكيد أنني ملم بالموسيقى، بالتالي وجودي بالكرسي لا يعني أنني مُنظّر أو مدرب، بل نحن نعطي آراءنا بأصواتهم واختيارها أو العكس.
• أثناء تصوير الحلقات المباشرة هل تذكرت لحظات من سوبر ستار عندما كنت موهبة وتنتظر حكم اللجنة؟
- هذه الفترة لا تذهب من بالي أبداً، كل فنان له بداية، من السيدة ماجدة الرومي وصولاً لأحدث نجم في عالم الغناء، جميعهم بدؤوا من برامج الهواة، نحن لا نتنكر للأساس والبدايات ولا ننسى من أين بدأنا، أنا أعتبره إنجازاً أنني استطعت خلال هذه السنوات أن أتحول من موهبة تقف أمام لجنة التحكيم لأصبح على كرسي لجنة تحكيم.
• ما نصيحتك لمن سيشارك في الموسم المقبل من «ذا فويس سينيور»؟
- لا توجد نصيحة، لأن الذي سيشارك مؤكد لديه تجربة فنية، هم دائماً يوجهون لنا نصائح بحكم خبرتهم وأعمارهم، الطموح يجب أن يكون موجوداً بغض النظر عن العمر، لا بد أن تستمر في العطاء وهو ما أثبته ذا فويس سينيور والفائز اليوم يتم تجهيز أغنية له، وأعتقد أنه سيتم تصويرها في الإمارات، بالتالي هم من يعلموننا، ولكن أهم نصيحة أوجهها لأي شخص يرى بنفسه هذه الموهبة أن يتجرأ ويشارك حتى وإن غاب عن الغناء فترة طويلة، ليعود إلى التدريبات الصوتية ويظهر على المسرح، وسيجد الحب من الجمهور ومنا.
حفلات متنقلة
• أخبرتني أنه لا مزاج لك للغناء ولكن هل هناك تحضيرات لشيء جديد؟
- ليست المسألة بأن ليس مزاج وحسب، بل أنا خارج الخدمة فنياً، لأن فيروس كورونا أمر جلل والفنان الحقيقي لا يستطيع الغناء في كل وقت، في إحدى المرات كنا نتكلم سوياً أنا ووائل كفوري أشكو له من زوال المزاج وقال لي وأنا أيضاً لا أستطيع الاستماع لأغنية، ترانا جميعاً خارج الاجواء وبحاجة لوقت لاستعادة هذا الأمر ونعاود الحفلات المتنقلة، هذه السنة التي مرت علينا جعلتني بحاجة إلى إعادة برمجة لأعود إلى نشاطي.
•كورونا خسرتك الجانب الفني ولكن مؤكد الجانب العائلي غير، فكيف قضيت هذا العام مع «أم علي» وأبنائك علي وفاطمة؟
- طبعاً «رب ضارة نافعة»، أم علي والأولاد والجميع نحن سوياً منذ عام، وهذه المرة الأولى التي أكون بجانبهم هذا الوقت الطويل، دائماً كنت مشغولاً ما بين السفر والعمل في الاستديوهات والحفلات والبرامج، والتواجد معهم كان رائعاً «وطلعت العيلة مهضومة ما كان معي خبر»!