ازدادت نسبة الخلافات الزوجية التي تهدد كيان الأسرة في السنوات الأخيرة بسبب تغير نمط الحياة والتطور التكنولوجي وما تبعه من ابتكارات في مجال الإنترنت والواقع الافتراضي، ومنها انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي قلصت مفهوم المسافات فتحول معها العالم ليس إلى قرية صغيرة فحسب وإنما إلى نادٍ يجمع أعضاءه في فضاء واحد لا مسافات فيه ولا حدود زمنية له، يضاف إليه سهولة توافر الشاشات بكل الأحجام والأنواع بين أيادي الأزواج الذين باتوا يمكثون لساعات طويلة أمامها بحجة العمل ربما، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث خيانة قد تصل إلى حد الطلاق وتشتت العائلة، بحسب الدكتورة ياسمين الخالدي، خبيرة تربوية ونفسية ومستشارة في شؤون الأسرة التي توضح لنا في السطور التالية أسباب الخيانة وطريقة التعامل مع الزوج الخائن.
الخيانة الزوجية وأنواعها:
تعرف الخالدي الخيانة الزوجية بأنها مصطلَح بمجرد ذكره تتألَّم الجوارح، فالحياة الزوجية مصونة في ديننا الإسلامي الحنيف، ومجتمعاتنا العربية بوجه عام، إنها أمانة في عنق كِلا الزوجين، وأيُّ تهاونٍ في تلك الأمانة ينتج عنه هدر كرامة الأزواج وتفكك الأسرة وتشتت الأبناء. وتشير الخالدي إلى أن الخيانة الزوجية لا تنحصر في الخيانة الجسدية كما يعتقد البعض، لكنها تشمل أيضاً إفشاء أسرار شريك الحياة، وهناك الخيانة المالية كالتصرُّف بمال شريك الحياة من دون علمه أو فيما لا يرضيه، كذلك هناك الخيانة العاطفية من خلال مكالمة هاتفية أو مراسَلة إلكترونية أو مقابلة غير مشروعة، بل قد تصل الخيانة إلى مجرد التفكير في غير شريك الحياة، بالإضافة إلى الخيانة الجسدية التي تعتبر أشد وأعظم أنواع الخيانات الزوجية، من دون التقليل من حجم الخيانات سالفة الذِّكر.
أسباب الخيانة
تشير الخالدي إلى أنه من أسباب الخيانة الإلكترونية سهولة وجود الإنترنت في كل مكان وزمان، إمكانية إخفاء هذه المحادثات عبر حذفها وبالتالي يسهل على البعض الخيانة بأسهل طريقة، الفراغ العاطفي، الانفتاح المبالغ فيه بين الجنسين. وتلفت الخالدي إلى أن الخيانة بوجه عام لها الكثير من الأسباب وتذكر منها، ضعف الوازع الديني، أو أن يكون الشخص الخائن شخصية مضطربة نفسياً، فضلاً عن التنشئة غير الصحيحة في الصغر، وقد يخون الشريك ليهرب من زواج فرض عليه من الأهل دون رضاه، وأحياناً قد تخون الزوجة زوجها كرد فعل وعقوبة لخيانة الأخير لها، أيضاً الفجوة العاطفية بين الزوجين أو ما يسمى (بالطلاق الصامت) وقد تنتج الخيانة عن غياب أحد الزوجين عن الآخر فترة طويلة مما يولد مشاعر الحاجة للغير، كذلك عدم اهتمام احد الزوجين بالآخر وعدم الاكتراث لمشاعره، وأحياناً قد تكون الخيانة بسبب استعمال العنف ضد الزوجة.
توضح الخالدي أن حرص الزوج على أن يكون تحت دائرة الضوء والشعور بالإعجاب من المحيطين قد يكون أحد الأسباب وراء خيانته، لأن ذلك يمكن أن يجعله يشعر بأنه مهم وله قيمته وأنه شخصية جذابة تجد القبول من النساء، وقد تعجب إحداهن بشكله ومظهره، صوته، وطريقة كلامه وعذب حديثه، أو حتى قد تعجب بأفكاره وكتاباته وعباراته الرنانة التي تترك صدى في قلوب من يستمع إليها فيرضي ذلك غروره ورجولته.
اما عن السبب الثاني فتشير الخالدي إلى أن أحد أهم أسباب خيانة الزوج لزوجته انبهاره بإحداهن، فقد يسحر بامرأة فقط لمجرد سماع بعض العبارات الرقيقة بصوتها الناعم الحاني حتى لو لم يرَ وجهها فيتخيل أنها أجمل نساء الأرض. وعن السبب الثالث تشير الخالدي إلى أن بعض الرجال قد يتصفون بالإحساس المرهف والمشاعر الجياشة، وقد يجذبه نحو أي امرأة صوتها الضعيف وشكواها لأنها تمنحه مشاعر رائعة بأنه رجلها ومنقذها فينجرف نحوها كالبرق يسعى لمساعدتها والاستماع إليها حينما ترغب في الفضفضة والتحدث ومن هنا تبدأ المشكلة.
نصائح للزوجين
تنصح الخالدي الزوجات لحل مشكلة خيانة الأزواج أن تلبي بكل ذكاء حاجة زوجها في أن يكون محل إعجابها وتقديرها، وأن تتقبله كما هو، ولا بأس من استخدام عبارات مثل (أنت رجل شهم، كريم، بطل وشجاع، رجل حقاً بمعنى الكلمة) فضلاً عن ضرورة أن تكون شخصية جذابة واثقة بنفسها مهتمة بأنوثتها وجمالها ومظهرها الخارجي أيضاً.
وعليها أن تهتم بزوجها وتمنحه الحب والمودة والرحمة وأن تكون له الزوجة والحبيبة والصديقة، أما عن الزوج فعليه أن يكون لزوجته نبع الأمان الذي لن يجف ماؤه على مر الزمان وعليه أن يحتويها ويقدرها، وعليهما معا أن يلجآ إلى التحاور والجلوس على مائدة الحوار في حال وجود تقصير من أحدهما بدلاً عن اللجوء للخيانة عوضاً عن ذلك.