من المفارقات الغريبة أن تصبح وسائل التواصل الاجتماعي أداة تهديد للعلاقات الزوجية، فبدلاً من أن توثق العلاقات بين الزوجين، أصبحت تهدد بنيان كثير من الأسر، وأظهرت الدراسات العلمية بحسب الدكتور نجيب محفوظ، المستشار الأسري والتربوي، أن الاستخدام المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي له تأثير سلبي في العلاقات الزوجية، فهو يقود إلى المشكلات والخيانات وتصادم بين الأزواج، وبالتبعية تؤدي للطلاق، وأن جودة العلاقة الزوجية تنخفض بزيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.  

الغيرة والشك

يوضح محفوظ تأثير استخدام مواقع التواصل السلبية في الأزواج، قائلاً: «الاستخدام المسرف لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى سهولة تسلل الغيرة والشك بين الزوجين، وحين يدخل الشك بين الزوجين، لا يمكن لأحدهما أن يهنأ بحياته، وحينها تنتقل العلاقة بينهما، إلى مستوى غير محتمل، تبدأ عملية البحث والتحري والتجسس والمساءلة، ويبدأ جدار من العزلة بين الزوجين بالفصل بينهما اجتماعياً حتى لو كانوا بغرفة واحدة». 

ويلفت محفوظ النظر إلى أن الدراسات العلمية تؤكد أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار ولساعات طويلة، يؤدي إلى سوء العلاقات الزوجية، مضيفاً: «من الحكمة أن يقلل الزوجان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي حفاظاً على علاقاتهما، ومن هو أعز عند الإنسان من زوجته، بعد والديه؟ فيجب ترك ما يعكر صفو العلاقة الزوجية، واستثمار وقت العلاقات الاجتماعية الخارجية - الهادمة - وتحويلها إلى علاقة داخلية بناءة».

 

عدم الأمان 

كما يشير محفوظ إلى أن الشعور بعدم الأمان بين الزوجين هو شعور داخلي، قد يكون ناتجاً من فعل الزوج ولكن ينشأ أيضاً من الداخل، نتيجة موقف في بداية الحياة الزوجية، قد يكون بسبب تعرض الزوجة للصد أو الرفض من زوجها أو العكس، فيتنامى هذا الشعور ويتراكم مع مرور الوقت والأحداث، ويضيف: «هذا الشعور ينتج أيضاً من مقارنة الشخص نفسه باستمرار مع الآخرين، والنقد الذاتي الشديد، جلد الذات، لا سيما أن معظم مشاعر عدم الارتياح في العلاقات، سببها غالباً شعور أحد الطرفين داخله أنه ليس بالشخص المناسب، وأن الطرف الآخر لا يحبه ولا يريده شريكاً لحياته».

 

 

نصائح للزوجات

ينصح محفوظ الزوجات، اللاتي قد يعتريهن الشعور بعدم الطمأنينة تجاه علاقة أزواجهن بهن، بمعرفة أن هذه المشاعر هي حالة تطرأ لكل إنسان نحو شريكه من حين لآخر، ولكن لا بد ألا يسيطر هذا الشعور طويلاً، لأنه سيكون كالمرض المزمن، مما يؤدي إلى تحطيم الحياة الزوجية وتقطيع أوصالها والتأثير في حياة الزوجة سواء في مجال العمل أو في يومياتها بشكل عام. ويضيف: «على  الزوجة البحث بداخلها عن ذاتها، وتصدير الصورة الجميلة الموجودة بداخلها، وإبرازها بشكل واضح بعقلها وذهنها، وأن ترى بعينها وعقلها وقلبها جوانب القوة والجمال التي لديها والتي يتمناها زوجها فيها، وتتذكر نعم الله عليها بهذه الجوانب، وتحمده عليها».

ويلفت محفوظ النظر إلى أن الزوجة الناجحة، هي التي تستطيع بناء تقدير ذاتها لأنه يخفف شعور ألم عدم الطمأنينة، شارحاً: «الزوجة التي تبحث دائماً عن إرضاء الآخرين في مظهرها وكلامها وسلوكها، وكأن لديها شيكاً لا يتم صرفه إلا من خلال إرضاء الآخرين، ستظل دائماً في حالة عدم ارتياح، وكما قالوا رضا الناس غاية لا تدرك. أتفق بأن كلمات الزوج مهمة، ولكن تقدير الزوجة لذاتها أولاً هو الأهم. وتقدير الذات لا يتطلب الكثير، فلتتبع الزوجة الخطوتين التاليتين: (التوقف عن النقد الجارح للذات)، و(التوقف عن الشفقة على النفس)، لأن الثقة بالنفس من الأمور المهمة جداً».

ويرى محفوظ كيفية نجاح العلاقة الزوجية، بالقول: «الزواج هو شراكة بين طرفين الهدف منها العيش حياة مطمئنة، يقدر كل طرف فيها الآخر ويستشعر مشاعره وحاجاته، وفي الأساس يكمل كل منهما الآخر، ومن أجل تحقيق السعادة الزوجية، لا بد من تبادل الثقة بين الزوجين، وأن يبتعد كل من الزوجين عن كل ما يمكن أن يهز الثقة، من خلال تبادل مشاعر الحب باستمرار والمشاركة الوجدانية والشفافية، بحيث يكون الزوجان كتاباً مفتوحاً في جميع شؤون الحياة أمام بعضهما».