لماذا تشعرنا كلمات الحب تجاه الآخرين بالخجل، فنختار الصمت بدلاً من البوح؟!، ولكنا حين نكره لا نجد غضاضة أن نرفع أصواتنا بالصراخ والشتائم.
في رواية (شمس الضحى) للكاتب إبراهيم نصر الله يدور هذا الحوار بين بطل الرواية وزوجة خاله:
- شفتي العالم مجنون..!! أنتِ كم مرة قلتِ لأبو وليد بأنكِ تحبينه قدام الناس؟
- قدام الناس، أنا لم أجرؤ على قولها بيني وبينه.. بدك يقولوا مجنونة؟!
- شايفة هذا الذي كنت أريد أن أقوله لكِ، نحن نستحي من الأشياء الجميلة أكثر مما نستحي من الأشياء السيئة.
وفي صورة رائعة نجد تلك الزوجة تنصاع لكلمات البطل فتصرخ بكلمات الحب لزوجها وهو يهم بمغادرة المنزل مع أصحابه، وحينها يقع الزوج في إحراج شديد فلا يتوانى عن وصف زوجته بالجنون عله ينقذ نفسه من الإحراج الذي سببته له بضع كلمات من الحب خرجت بعفوية من فم زوجته!!
وفي ذات الرواية يستنكر البطل ذات الوضع فيقول:
- إن الواحد مستعد أن يحمل ربطة ملوخية أو بصل من جنين لرفح من دون أن يستغرب أحد ذلك؛ أما حين يحمل باقة ورد فإن الناس تبدأ باستراق النظر إليه كما لو أنه من دون ملابس كما خلقه ربه)!!
اقرأ أيضاً: الحب الأول
أما الشاعر مريد البرغوثي فإنه يرصد هذه الظاهرة أيضاً في كتابه (ولدت هناك .. ولدت هنا) فيذكر تلك المفارقة العجيبة التي تجعل المرء يدخل بسهولة في مشاجرة مع خصم، وقد ينزلق بلا تفكير إلى التلفظ بأبذأ الكلمات التي قد يندم عليها بعد حين، ولكنه يجد صعوبة عند اختيار كلمة طيبة للثناء على صديق!
هي حالة غريبة بالفعل، ننسى حين نمارسها أن الكلمة الطيبة تفتح أبواب القلوب الموصدة.. وتحيل جدب أيامكم مع من تحبون إلى حدائق وارفة الظل، إننا حين نبخل بكلمات الحب لمن نحب نخسر خسارة فادحة.. ولعلي أتذكر دوماً عبارةً قرأتها منذ أعوام، وبقيت محفورة في ذاكرتي حتى اليوم (إن أكثر ما يحزننا عند فقد أحدهم، أننا لم نحبه كما يجب).. ولكني أضيف عليها: إن أكثر ما يحزننا أننا لم نخبره بصدق أننا نحبه!