تسبح ريشة الفنان التشكيلي محسن غريب في سديم من شموس الدهشة، لتبدع من ملكوت خياله كوناً من الألق الشفيف لعلاقات الحروف والألوان، بلوحات استثنائية تصافح الروح والقلب. في حواره مع «زهرة الخليج» يكشف غريب جانباً من تجربته الإبداعية، ونسأله:
• لماذا قررت أن تكون فناناً تشكيلياً؟
- اخترت الفن التشكيلي لأنني وجدت نفسي فيه، أيضاً هناك عوامل كثيرة مؤثرة، مثل الأسرة والمجتمع المحيط لطاما وفرت لي قوة جاذبة إلى مدار هذا الفن وجعلتني شغوفاً به.
• هل أعدت اكتشاف ذاتك في حوار الحرف والوجدان والريشة؟
- بالرغم من ولعنا بالفن، لكنه ضنين بكشف أسراره، وكلما اعتقدنا أننا كشفنا النقاب عن بعض الخوابي الخفية لفضاءات الفن، أدركنا أنه يلاعبنا في مراوغة محببة توحي لنا بأن هناك المزيد المثير الخطر من أسرار الجمال.
لغة بصرية
• هل استطاع الفن التشكيلي أن يحتوي الطاقة التعبيرية لديك؟
- الفن التشكيلي هو أصلاً طاقة تعبيرية تخترق الوجدان، لتؤسس موجات لذوية تكشف في جذرها عن جماليات الحضور الإنساني اجتماعياً ودينياً وثقافياً.
• هل يمكن أن نقول إنك قد تمكنت من إبداع لغة بصرية استوعبت بعض توقعات المتلقي؟
- آليت على نفسي أن أجدد دوماً من أسلوبي وطرائقي التشكيلية، مما جعلني أخترع لغة هي مبصرة بذاتها، لأنها تلح على المتلقي ليفهمها ويتواصل معها، الشيء الذي يحبب الكثير من المتلقين في المدرسة التي أتبعها في تشكيلياتي بكل تواضع، وبحمد الله لديّ عدد مقدر من المتلقين صارت أفئدتهم تهوى إلى أعمالي.
• ما أحب وأقرب الأعمال التشكيلية إلى قلبك؟
- يقربني من اللوحة موضوع مكوثها مدة من الزمن، لتتخلق أمشاجها في الرحم الوجداني الذي يعتق لمساتها وتفاصيلها الجمالية الدقيقة، وأكون حينها قد أنشأت نوعاً من التواصل معها، حتى بدت لي كأنها تقترح عليّ نمنماتها وتعرجاتها وجملة تعابيرها، وهذا ما تمثل في عملي (الجمل) الذي عرضته في مهرجان الرياض للتراث.
لون ومعنى
•من خلال أبجدية اللون والمعنى، هل يمكن أن نعثر على ما يشبه حقيقة هويتنا؟
- ما دام الفنان ينطلق من الأحاسيس النابعة من صميم وجدانه، الذي يمنحه مفردات تشكيلية متعددة ومتنوعة في تعبيراتها، فلا بد أن ذلك يشكل جانباً مهماً من هويته، فالتشكيلي العربي يختلف عن التشكيلي الهندي مثلاً، في استخدامه للألوان، فالهندي ينحو إلى الألوان الحارة، بينما العربي تجده يعبر بألوان ترابية تحكي واقعنا العربي، فهي بذلك محط انفعال الإنسان العربي لأنها تشكل هويته.
• ما البصمة التي حققت فرادتك الإنسانية؟
- أستطيع أن أقول إني راضٍ نسبياً، لأن الرضا الكامل في مجال الفن منعدم، لأنه كلما شعر الفنان بأن عمله ناقص زاد ذلك من حوافزه للجد أكثر، وخلال تجربتي اكتسبت من المهارة مما صيرني صاحب بصمة تشكيلية، يمكن للمتلقي من أي بلد عربي أن يميز أعمالي وينسبها فوراً إليّ.
• إلى أين تأخذك سحابات طموحك؟ وعلى أي أرض ستمطر؟
- مسألة الطموح تحتاج مني إلى تفكير عميق، لأنها مرتبطة بالقناعات التي تتغير كل حين، لكن بالمجمل أنا أطمح إلى أن أنشئ مركزاً يضم ورشاً فنية لتعليم ونشر مبادئ مدرستي، التي عملت عليها سنين طويلة، ألا وهي المدرسة الحروفية فأنا مستعدٌّ لبذل الغالي من أجل تأسيسها، كما أطمح إلى أن تستضاف أعمالي في المتاحف والمعارض العالمية.