طوع الأشقاء الخمسة (سالم، وليد، فؤاد، صديق وعبد العزيز عبد الله المرزوقي) علمهم لصالح نجاح وتميز عملهم، بعد أن استشعروا أن الترابط والتعاون مثل الحبل المتين لن يستطيع إنسان أن يقطعه لقوته وصلابته، متخذين من مقولة (الاتحاد قوة) شعاراً لمشروعهم في تجارة الأسماك. وكان اعتقادهم بضرورة أن يكون للفرد مساهمة في نهضة المجتمع، البداية التي انطلقوا منها لتأسيس مشروعهم الخاص بحسب وليد المرزوقي، الأخ الأكبر، الذي التقيناه وإخوته في سوق السمك بالمشرف مول بمدينة أبوظبي لنتحاور معهم عن كيفية تأثير الترابط الأسري الذي جمع بينهم وكان سبباً في نجاح وتميز مشروعهم «أسماك العاصمة».. وكان معهم هذا الحوار:
في مركب واحد
بداية يقول وليد المرزوقي الذي يعمل محامياً: قررنا أنا وإخوتي افتتاح متجر لبيع الأسماك في أبوظبي منذ 3 سنوات تقريباً ثم منّ الله علينا وافتتحنا المتجر الثاني بعده مباشرة، واستطعنا من خلالهما توفير فرص عمل للكثير من الشباب أصحاب الطاقات ودعمهم علمياً وعملياً حتى يصبحوا رواد أعمال في مجالهم في المستقبل، وقد اكتسبنا الكثير من الخبرات والمهارات من خلال افتتاح مشروع الأسماك الخاص بنا إذ إنه زاد من تقاربنا أنا وإخواني، ليس بيننا كبير وآخر صغير الكل في مركب واحد يجدف للوصول إلى بر الأمان، وضعنا الأسس واللوائح للمشروع واعتبرناها شركة لها مجلس إدارة ودرسنا السوق والمخاطر حتى لا نتأثر بأي أزمات قد تمر بنا، والسبب الأهم في نجاح شركتنا هو الترابط والتلاحم الذي يجمعنا وما تعلمناه من والدينا أن فرع الشجرة الواحد يسهل كسره، لكننا لو حاولنا كسر أكثر من فرع معاً لن نستطيع.
فرصة ذهبية
أدت جائحة كورونا إلى توقف بعض المشروعات التجارية ويقول وليد عن تلك الفترة: كانت فترة الحجر المنزلي فرصة عظيمة لنبتكر معاً أنا وإخوتي ونجلس معاً لفترات أطول في المنزل كي نناقش كل صغيرة وكبيرة في مشروع الأسماك الخاص بنا، لاسيما وقد قدمت لنا تلك الفترة فرصة ذهبية كي نطور من أنفسنا فوضعنا خطة لمراقبة جودة منتجاتنا من الأسماك والتغليف والتجميد والتصدير والاستيراد وفتحنا سوقاً جديداً للبيع عن بعد، لاسيما وكان الأجداد يقومون قديماً بصيد الأسماك، بينما الجدات هن من يقمن ببيعه، فمهنة صيد الأسماك وتجارتها ليست جديدة على الشعب الإماراتي، لكنها اختفت في فترة الثمانينات عندما فضل الكثير من شبان وفتيات الإمارات العمل المكتبي والوظائف الحكومية وهذا ما شجعنا لكي نسترجع مهنة الأجداد ونحافظ على تاريخنا في مجال صيد الأسماك وبيعها.
أمرهم شورى
ومن جهته، يقول عبد العزيز المرزوقي، رائد أعمال والأخ الأصغر، عن بداية مشروع محلات بيع السمك: بدأنا مشروعنا من الصفر بمساعدة جمعية الصيادين، فنحن أسرة مترابطة ورثنا مهنة صيد الأسماك من الآباء والأجداد، فلم نرث من الوالد قطعة ألماس أو مجوهرات لكننا ورثنا الأغلى وهو حب العمل والاعتماد على النفس تحقيقاً لقول المثل الصيني (لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد).
ويستكمل: كنا مع والدي في البحر منذ نعومة أظافرنا وتعلمنا منه أصول الصيد وركوب البحر والسعي وراء لقمة العيش كي نحصل ما يجود به علينا من خير، وقد كان ميراثنا من الوالد الذي ورثها أيضاً عن والده «سيف منشار» وهو قطعة أمامية من عظام الفك تشبه المنشار من سمكة (اليريور) أي القرش الصغيرالمنشار (نوع من أنواع السمك النادرة) المهدد بالانقراض حالياً وقد تم تحنيطها وكتب عليها الوالد «بسم الله الرحمن الرحيم».
«أمرهم شورى بينهم».. آية في القران الكريم، يقول عنها عبد العزيز: هي منهجنا كي ننجح ونتميز، نستمسك بالتقاليد الإماراتية الأصيلة ونحافظ على هويتنا ونحاول بذل ما نستطيع من جهد لخدمة المجتمع، نعلم جيداً أننا نتعامل مع مشروع به مخاطر كبيرة لاسيما أن الأسماك إذا مر عليها بعض الوقت من دون تسويقها تفسد، كما أن التعامل مع البحر غير مستقر، لذلك نحتاج إلى دراسة لحالة السوق وتوقع الطلب والربح والخسارة وهذا ما فعلناه وقد ساعدنا لنصمد حتى في وقت جائحة كورونا الصعب.
الذكاء الاصطناعي
من جانبه، يقول فؤاد المرزوقي مدقق مالي: يرى البعض أن جائحة كورونا أثرت بطريقة سلبية على الاقتصاد العالمي، لكننا بفضل الله ربحنا منذ بداية جائحة كورونا 400% بسبب ترابطنا العائلي، إذ نعمل على قلب رجل واحد، فنحن ندير المشروع على أسس علمية حيث تمتلك عائلتنا حوالي 35 قارب صيد تجاري، وكنا قديماً نصطاد الأسماك ونبيع ما يجود به البحر علينا بالجملة للبائعين إلى أن فكرنا منذ حوالي 3 سنوات في إنشاء مشروع يحمي مهنة الأجداد من الاندثار وبالفعل تم افتتاح متجر لبيع ما نصطاد من الأسماك، وقد اكتسب سمعة طيبة خلال تلك الفترة القصيرة.
ويضيف: أثناء أزمة كورونا شهدت الأسواق نقصاً في المعروض من الأسماك خاصة المستوردة، فاستثمرنا الفرصة لنعرف الزبائن بالأسماك المحلية التي تبلغ 182 نوعاً من دون زيادة في الأسعار، وأطلقنا مبادرة توصيل الأسماك إلى المنازل مجاناً واتبعنا التدابير الاحترازية والتباعد وبعنا الأسماك من خلال الإنترنت.
ويشير فؤاد إلى أنهم يخططون في المستقبل لإنشاء تطبيق على الهواتف الذكية واستخدام الذكاء الاصطناعي لبيع السمك وتنظيفه وشيه، ويكون ذلك بكاميرا مربوطة بنظام تحديد المواقع الجغرافية «جي بي اس» تجعل المشتري يرى خطوات شرائه للسمك بدءاً من الصيد وحتى عملية الطهو، ومتابعة عامل التوصيل في الطريق حتى تسليم الطلب، وتتم عملية الشراء بالكامل عبر التسوق الإلكتروني. ويقول: الآن نعمل على تجديد وتطوير شعار الشركة وملابس العمال، طامحين للوصول إلى العالمية عبر تصدير الأسماك الإماراتية إلى دول العالم لأننا لن نرضى عن رقم 1 بديلا للمنتج الإماراتي، والمحافظة أيضاً على مهنة الأجداد من الاندثار.
إقرأ أيضاً: لاندكروزر 2021 بصمة فنية إماراتية