تشير الدكتورة نعيمة قاسم، المستشارة الأسرية والتربوية، إلى أن الزواج سنة الحياة، ويعني اكتمال نصف الدين والستر، لكن الكثير من الأمثال التي سمعناها من أمهاتنا مثل (ظل راجل ولا ظل حيطة)، صارت تربط مستقبل النساء بالزواج لا غير، وأن انتظار فارس الأحلام صار غاية، خوفاً من إطلاق لقب (عانس) فيفوتها قطار الزواج، وإن لم تتزوج الفتاة، صرت تجدها في شرود وتوتر وخوف دائم وهروب من المجتمع ونظرته إليها.
خشية الطلاق
تضيف قاسم: «بتنا الآن نجد الفتاة تدخل الثلاثين من عمرها غير مكترثة، بل مبتسمة ومنفتحة ومقبلة على الحياة بسعادة، حاملة طموحات وآمالاً نحو التجديد والتطوير، واستكمال الدرجات التعليمية العالية والسفر وما شابه ذلك، وحين تسألها ألم تفكري في الزواج؟ ترد وتقول هذا موضة قديمة؟ هذا رباط مقيد للطموحات! ثم تراها تبرر بأن رجال اليوم لا يحملون المسؤولية المفروضة عليهم، ليكونوا آباءً صالحين قادرين على تنشئة الأسرة وتربية الأبناء، بل هم بحاجة لإعادة تربية من جديد، لقد غدا الزواج من أصعب القرارات الحياتية في عصرنا الحاضر، وأكبر مثال يؤكد خطورته، إن لم يكن هناك وعي كافٍ، هو ارتفاع عدد حالات الطلاق بعد فترة قصيرة جداً من الزواج، وهذا ما أوجد شريحة كبيرة من الأسر المفككة وضياع الأبناء نتيجة الخلاف بين الزوجين».
عزوف الفتيات
وعن أسباب عزوف الفتيات عن الزواج تقول قاسم: «عزوف الزواج عند الفتيات يشكل نسبة أكبر من الشباب، لاسيما وقد أصبح لدى الفتيات قناعة تامة بأن العنوسة أفضل بكثير من الطلاق الذي تصحبه مشاكل الأبناء، وقد التقيت بكثير من الفتيات العازفات عن الزواج، وحين سألتهن عن سبب عدم الزواج حتى الآن؟ كانت الردود متشابهة، حتى اعتقدت أنها أصبحت شعارات مطلقة وعامة وليست تخص واحدة بل تؤكدها وترددها الكثيرات مثل قولهن: (شباب اليوم للمقاهي وليس للزواج، شباب اليوم لا يعرفون قيمة الأسرة، لا يتحملون المسؤولية، يحتاجون من يصرف عليهم ويخدمهم فقط. يبحثون عن الترفيه ويعيشون على الإنترنت) وما إلى ذلك من تفسيرات».
عن ماذا تبحث الفتيات؟
توضح قاسم أن الفتاة تبحث عن الحنان والدفء العائلي، وعمن يربي ويتحمل المسؤولية معها ويعينها على مشوار الحياة، ويسمح لها بتطوير ذاتها وعلمها وتواصلها الاجتماعي، أي أن يكون صاحب خلق ودين ومقتدراً على بناء الأسرة، وألا يكون عبئاً على كاهلها، فإن لم تجد هذه المواصفات، سترفض الارتباط مباشرة.
ظاهرة خطيرة
وتلفت قاسم إلى خطورة هذه الظاهرة، موضحة أنها تؤثر في التركيبة السكانية وتبتر الحياة الأسرية، مشيرة إلى أننا في حاجة إلى تأهيل الشباب والفتيات للحياة الزوجية وبناء الأسرة على الأسس الصحيحة، لامتلاك مفاتيح الحياة الزوجية السعيدة، عبر ورش ومحاضرات على يد مختصين ومستشارين أسريين وتربويين من ذوي الخبرة، وتضيف: «على الآباء والأمهات مسؤوليات جمة في تربية الأبناء التربية الصحيحة في شتى مناحي الحياة، ومنها أهمية الزواج المبني على أسس متينة تفضي بهم للوصول إلى الأبوة والأمومة مستقبلاً، وسبل تقديس الحياة الزوجية التي بتحقيقها، تكبح جماح الشهوات وتحد من الوقوع في المحرمات أو السلوك السلبي، مثل السهر ومصاحبة رفقاء السوء، واللجوء للطرق الشاذة لتعويض النقص الذي يحدثه العزوف عن الزواج لكلا الطرفين، فخطورته لا تقل أهمية لدى الشباب، ولنتذكر أنه بوجود شريحة ممن يعزفن عن الزواج تقابلها شريحة ممن يعزفون عنه، مما يحدث خللاً في الحياة الاجتماعية وشرخاً في التركيبة السكانية علينا الانتباه له سريعاً، قبل فوات الأوان».