تقدم المحامية مها بن هندي نموذجاً باهراً ومتألقاً، ليس على مستوى نجاح وتميز المرأة الإماراتية فحسب، وإنما أيضاً للفاعلية العدلية والتأثير الحقيقي الذي ترفد به الوسط الحقوقي، من خلال خبراتها وتجاربها التي تجاوزت النمط السائد، وفي حوارها مع «زهرة الخليج» نتعرف عن قرب إلى رحلتها المهنية الاستثنائية وإلهام أفكارها.

• ما الدافع لاختيار أن تكون مهنتك في المجالات العدلية؟

- لقناعتي بأهمية دور المرأة في بلد ينمو ويزدهر بسرعة تسابق الزمن، وليقيني بأنها أحد جناحي العدالة التي لا غنى عنها في تحقيق دولة العدل والقانون.

• كيف توفقين بين صرامة القانون ومرونة الأنوثة؟

- أرى أن مهنة المحاماة تقوم على الإقناع، وتقديم الحجج والبراهين والوقوف على صغائر الأمور وإظهار التفاصيل الباطنة والمهمشة. وهذا في مجمله لا يتعارض مع أنوثة المرأة، لا بل أراها أكثر إقناعاً وأكثر سلاسة في إدارة الجلسة وإحقاق العدل.

حضور النساء

• هل حضور النساء الإماراتيات في مجال القانون والمحاماة، مرضٍ بالنسبة لك؟ وكيف تجدينه؟

- أتمنى أن يستمرّ التقدم في إعداد المنضمّين للسلك الحقوقي من النساء إلى أن نصل لنسبة النصف على الأقل، فالمرأة الإماراتية على قدر المسؤولية وقادرة، في ظل دعم وتشجيع القيادة الرشيدة، على خوض كافة الميادين الحقوقية.

• صفي لنا وقائع نجاحك في مهنة طالما احتكرها الرجال؟

- أخطو بثقة في أروقة المحاكم، بفخر أرى زميلاتي المحاميات يملأن المكان. أقف تحت قوس المحكمة أرافع وأحاجج. أستمدّ قوتي من نجاحاتي المستمرة، وإخفاقاتي القليلة أجعلها دعماً ودافعاً للمزيد من العمل والاجتهاد.

• في فترة وجيزة استطعت أن تنافسي جهابذة القانون، فمن أين استلهمت صمودك في وجه هذا التحدي؟

- هناك جانبان يسهمان في استمرار صمودي في مجال عملي، أولهما الدعم والتشجيع اللذان يقدمهما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، من خلال إطلاق برامج طموحة وفتح آفاق واسعة أمام المرأة، لتكون شريكاً أساسياً مع الرجل. والجانب الآخر أستمده من نجاحي في تحقيق طلبات موكلي أمام المحكمة، ووصولي إلى العدالة وإحقاق الحق، وهذا ما يخلق في نفسي الرغبة في الاستمرار والعمل وتقديم المزيد.

مبادرة قانونية

• ماذا يعني لك فوزك بـ«مبادرة نافس أعلى 100 مكتب محاماة» الصادرة عن محاكم دبي؟

- «نافس» هو مؤشر الأداء الحقوقي الذي يقوم بقياس دقة ومهارة إجراءات التقاضي للمستشار القانوني والسرعة القياسية في إنجازها، بهدف تطبيق العدالة بالمدة القانونية اللازمة وتفادي الإطالة في الإجراءات. وفوزي بهذه المبادرة هو شهادة تميّز في الأداء، ودليل على التزام واعٍ بالمعايير الأخلاقية العالية لمهنة المحاماة.

• كونك امرأة إماراتية كيف ساعدك ذلك على بلوغ النجاح؟ وما الدعم الذي تقدمه الإمارات لنسائها؟

- منذ حصلت على رخصة مزاولة مهنة المحاماة، لم أجد فرقاً بيني وبين زميلي المحامي في ممارسة هذه المهنة، ولم أسمع تصريحاً من أحد يقول إن عمل المرأة في المحاماة لا يجد إقبالاً، وبالعكس من ذلك كنت ولا أزال أتلقى الإشادات ونظرات الإعجاب من زملائي ومن المجتمع، وكل ما أشعر به من خلال ممارستي هذه المهنة، أن الباب مفتوح أمام الرجل والمرأة على السواء، والنجاح الذي نحققه يومياً هو القادر على خلق الفرق، كما أن اجتهاد كل شخص ومحاولته تقديم عمله بإتقان وإخلاص ووفاء ونزاهة يحدد تميزه. ورغم ما يكتنف هذا المجال من صعوبات وتحديات، وما يتطلبه من مهارات خاصة، لا سيما أن مزاولة مهنة المحاماة تعني المرافعة ومراجعة أقسام الشرطة، والعمل داخل المكتب ودراسة القضايا والرد عليها بالمذكرات القانونية والقيام بالمرافعات، فإن القانون يبقى من المجالات الجاذبة للمرأة الإماراتية، إلا أنني أعتبر أن إقبال المرأة الإماراتية على هذا المجال لا يزال خجولاً، لأن تخصصاته واسعة ومتشعبة ومطلوبة في جميع الإدارات والدوائر الحكومية ولا تقتصر فقط على المحاماة أو القضاء. وأظن أن المحامية الإماراتية شخص يؤدي مهمته التي أوكلت إليه على أحسن وجه، وهذه المهنة ليست عائقاً أمام تألقها، خاصة أنها على وعي كافٍ باحترام وهيبة المكان الذي تترافع فيه والعبرة في النهاية بقوة الحجة.

اقرأ أيضاً: «برلمان الأطفال» استشراف المستقبل بجيل قائد