جيهان شهيّب: أحافظ على «الجذور»
تعبّر المهندسة المعمارية اللبنانية جيهان شهيّب من خلال تصاميمها المتناهية في الدقة، عن رؤيتها لتاريخ المنطقة وإرثها، التي رسمت معالم الهوية العربية التعددية والغنية، مع تركيزها على أهمية التقاليد والجذور، والحفاظ على الحبكة الثقافية والتاريخية من خلال سرد الحكاية باللغتين العربية والأجنبية مع كل عمل فني مهما صغر حجمه. وفي حوارها مع «زهرة الخليج» توضح جيهان طريقتها في التصميم والمصادر التي تستوحي منها إبداعها.
• كيف مزجت بين الهندسة وفن التصميم؟
- المبدأ الأساسي لعملي هو مزج كل ما أحب القراءة عنه وهندسة العمارة والتراث مع التصميم، وهكذا بدأت الفكرة، وبدأتها نوعاً من تشجيع الناس للحفاظ على العادات والتقاليد والعودة للجذور، وكوني مهندسة معمارية رغبت في نقل التفاصيل التي لا يكتفي الناس بمشاهدتها في الأبنية، بل يحبون أن يحملوها بأيديهم ويضعوها في كتبهم.
مقتنيات شخصية
• لكن قطعك ليست فقط حاملة الكتب وفاصل الصفحات؟
- تم تطوير المجموعة بناء على طلب الكثيرين، ولأن هناك مواقع لا يمكن اختصارها بحاملة كتاب، بل تحتاج إلى لوحة ثلاثية الأبعاد، مثلاً جامع الشيخ زايد في أبوظبي هو تحفة معمارية جميلة، وهناك أماكن كثيرة لا يكتفي المرء بزيارتها، بل يحب أن يحتفظ بذكرى منها ضمن مقتنياته الشخصية، ولهذا اخترت بضعة مواقع ونقلتها عبر تصاميمي بمقاسات مختلفة وبأشكال متعددة.
• القطع الفنية التي تقدمينها دقيقة وفي حاجة للحفر مثل الشبابيك، هل هي صناعة يدوية؟
- هي مزيج ما بين العملين اليدوي والصناعي، البداية من الهندسة المعمارية حيث أرسم الشكل قبل أن أنقله إلى برامج خاصة لحفره على النحاس ومن ثم تجميعه يدوياً وطلاء الذهب، الأمر دقيق للغاية، ولهذا أقول دائماً إن وجدتم خطأً في مكان ما، فهو لدقة وصغر الحجم وكثرة التفاصيل في آن واحد، وبعد انتهاء القطعة نذهب للمرحلة الأخيرة وهي التغليف مع كتابة القصة ووضع الاكسسوارات المناسبة.
محتوى واحد
• شعارك الخاص الذي يحمل اسمك، يجمع عدة لغات وأنواعاً مختلفة من الخطوط، هل تشرحين كيف تم تصميمه؟
- الشعار هو محتوى واحد يدور حول الحضارات والجذور وأساسنا، من أجل ذلك وضعت الـ(لوغو) بالعربي بالخط الكوفي وكتبت اسمي (جيهان)، ومزجت الاسم مع اسمي بالأحرف اللاتينية، الفكرة أننا مزيج حضارات نشكل حضارة واحدة، والعودة للجذور، أنا أسميها من خلال جمع العالم كاملاً بوعي وحب.
• تضم المجموعة قطعة من متحف سرسق، لماذا اخترت هذا المتحف؟ وما أهمية القطع التي نقلتها عنه؟
- أفتخر بأني عملت قطعة حصرية للمتحف، لأن انطلاقتي كانت من متجره ووراء كل عمل واعد قصة، فهذا المتحف قصته جميلة، حيث إن صاحبه نيكولا سرسق قام ببنائه في عام 1912، ثم أهداه كبناء والأعمال الفنية التي بداخله للشعب اللبناني في عام 1952، فكم كان يتحلى بالرقي ليقوم بهذا العمل الرائع، وتكريماً له ولحكايته اخترت تنفيذ هذه القطعة وهي عبارة عن نافذة من نوافذ المتحف، أعمالي تهدف لإلقاء الضوء على العمارة والأشخاص والمراحل التاريخية وبمقطع كتابي صغير مرفق لتثقيف الناس ليشعروا بالانتماء للقطعة، وليتعرفوا إلى حكاية هذا المكان إن كانوا يجهلونها.
فلسفة عميقة
• تأخذ العمارة الإسلامية حيزاً كبيراً من عملك لتميزها، رأينا قطعاً ترمز لعدة أماكن دينية، أخبرينا عن هذه القطع؟
- تعتبر العمارة الإسلامية من عجائب الدنيا بروعتها والأعمال المشغولة فيها، أردت الإنارة عليها لأنها ما زالت تُدرس من قبل الأجانب أكثر من العرب، الهندسة تملك فلسفة عميقة نقلاً عن القرآن وتملك مفهوماً ذا أبعاد كبيرة، لذلك ترى فيها الجماليات، والذي عملت عليه وأطلقته في المعرض كانت قطعاً مستوحاة من مسجد الشيخ زايد، المسجد له قصة جميلة لأنه مزج بالعمارات الإسلامية كاملة، وتم وضعها في هذا المسجد لذلك يشبه فكرة توصيل السلام وهو مزيج جميل، كل مئذنة فيه تنتمي لحقبة مختلفة وعندما يأخذ الناس هذه القطعة الصغيرة مع قصتها يصبح التقدير أفضل، ويستطيعون الاطلاع على تفاصيل حكاية المسجد وسر اللون الأبيض وأشياء كثيرة أخرى، أما مسجد الرفاعي فهو مميز ببوابته وعملت بمرحلة معينة وقصته جميلة وعمله ليس موثقاً وبطريقة الرسم التي عملتها أصبح أجمل، أما مكة المكرمة فهناك نبذة صغيرة على القطعة للناس ليتعرفوا إلى أهمية هذا الموقع الديني وأهميته للناس، ووراءه قصة جميلة وإذا نظرت بتفاصيلها تروي تفاصيل أخرى.
• لاحظنا أيضاً وجود مجوهرات مثل الأقراط والأساور، هل تنوين دخول هذا المجال؟
- عالم المجوهرات دقيق للغاية، ونحن في عالم الهندسة متشعبون على كل الفنون الأخرى، ونصل إلى كل شيء، وفي المحصلة يمكن أن ندخل بهذا المدخل لأن جمال القطعة بشكلها ولكن التركيز الآن على القطع السابقة ولكن بمكن أن نتوجه للمجوهرات وهو طريق مختلف.
• كم تتراوح أسعار هذه القطع؟
- أردت الحفاظ عليها لتبقى في متناول يد الجميع، هي مصنوعة من النحاس ومطلية بالذهب، ليست منخفضة القيمة ولكن سعرها معقول ومقبول، لذلك يحبها الناس، هناك قطع تبدأ من 215 درهماً وصولاً إلى 2100 درهم للقطع الكبيرة، هذه هي حدود أسعار المجموعة حسب حجمها واستعمالها، وهناك أمر لم أقل عنه بالقطع، حتى (الشرّاب) الخاص بها تملك الحبة البيضاء والسوداء وهي رمز الطاقة وهي هدية خاصة للرجال، ولكن الحبة البيضاء اللؤلؤ تخص النساء، ويتم إهداء كلا الجنسين الأنسب لهما وهو من أحد المفاهيم التي نعمل عليها.
مدينة عالمية
شاركت المصممة والمهندسة جيهان شهيب مؤخراً بمجموعتها الفنية في أحد المعارض في دبي وهي تقول عن هذه المشاركة: «تم تأجيل المعرض من شهر أبريل إلى أكتوبر الماضي، وأنا استثمرت هذه الفرصة لتقديم المزيد من القطع الفنية، الإقبال كان رائعاً، وهذا ليس مستغرباً على مدينة مثل دبي لأنها مدينة عالمية، والناس فيها تعجبهم القطع الفريدة من نوعها، وأنا مجموعتي هي مزيج من الهندسة المعمارية والتصميم مع الحفاظ على الإرث والحكاية الحقيقية لكل قطعة».
اقرأ أيضاً: صيحات عصرية لديكور شتوي في منزلك