نشأ المجتمع الإماراتي، منذ بدء تكوينه البدوي والحضري، على حب العطاء، والتسامح، الذي يشكل قيمة إماراتية إنسانية. وشجرة الغاف من الأشجار التي ترمز إلى التسامح، والغاف ليست شجرة تنمو في جبال الحجر بطبيعتها، ولكن يمكن رؤيتها في بعض الأودية، التي يكون الإنسان قد زرعها بنفسه. وقد تسبب قوافل الجمال زراعتها أيضاً في الوديان، أثناء انتقالهم بين الجبال والكثبان الرملية، وهي تعتبر من الأشجار المهمة في دولة الإمارات، حيث تقدم الكثير من الدعم للإنسان والحياة البرية.
موطن الشجرة
يعد الموطن الرئيسي لشجرة الغاف، بحسب جمعية الإمارات للطبيعة، عند الكثبان الرملية والسهول الحصوية. وتعتبر الشجرة ملجأ للعديد من الطيور والحشرات والثدييات والزواحف، إما للتكاثر وبناء الأعشاش عليها أو للاستظلال بظلها وحفر الجحور تحتها، كما تعتمد عليها بعض الأنواع في الغذاء أو الراحة. أما بالنسبة للإنسان، فيستخدم وفروعها وأوراقها لإطعام الجمال والماعز، وصناعة الأدوية.
التاريخ والتراث
نظراً للدور الكبير الذي لعبته شجرة الغاف في حياة وتاريخ العرب منذ القدم، فإنها تحتل دائماً في قلوبهم حباً فطرياً وفي عقولهم منزلة رفيعة وتقديراً كبيراً. وقد حافظ الأجداد على تلك الشجرة وتوارثوا مسؤولية الحفاظ عليها، حتى قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مقولته الشهيرة: «اقطع طريقاً ولا تقطع شجرة»، وذلك عندما لاحظ إحدى أقدم أشجار الغاف في مدينة العين راسخة في مسار الطريق، الذي كان من المقرر إنشاؤه وتطويره، أثناء جولته للاطلاع على المشاريع التنموية هناك، وعندما علم أنه من المقرر قطع تلك الشجرة، أمر بأن تبقى الشجرة مكانها وأن يلتف الطريق حولها، ثم جاءت توجيهاته بمنع قطع شجر الغاف والتي تم تعميمها على إمارات الدولة.
غذاء حلو المذاق
لشجرة الغاف استخدامات غذائية أخرى، تصفها الشيخة صبحة الخيلي أرملة الشيخ سعيد بن شخبوط آل نهيان رحمه الله بقولها: «بسبب خصائصها وفوائدها كملجأ ومصدر غذاء ودواء للإنسان والحيوانات الذين يعيشون في الصحراء، فإن البدو يعتبرون شجرة الغاف عضواً مهماً في العائلة».
وتضيف: «تعتبر سلطة (المجيجية)، من أهم أطباق السلطة المحلية، التي كانت تتصدر موائد الطعام، حيث تستخدم أوراقها الغضة الطرية، ويضاف إليها الروب، والسمك المجفف (جاشة)، وتؤكل مع الأرز وثمار الغاف عندما تزهر تسمى (خرط) وثمارها تسمى (حتيل)، وهي على شكل قرون كما البازلاء وطعمها حلو، حيث كان الناس يصنعون منها عصيدة الحتيل، حيث تجمع القرون وتنظف وتسحن ويستخرج من مسحوقها طحين يستخدم في صناعة العصيدة، بعد إضافة اليانسون والدهن».
تهديدات تواجه الشجرة
حاجة شجرة الغاف للماء ليست كبيرة، وهي لا تستهلك الكثير منه، ولكن في حال فقدان الماء ونضوبه، فهذا إشعار بفقدانها وموتها. وفي هذا السياق، أطلقت جمعية الإمارات للطبيعة بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة حول الغاف عام 2007 حملة (أنقذوا شجرة الغاف) بالتعاون مع مجموعة الفهيم حيث اتخذوا على عاتقهم مهمة حماية وصون شجرة الغاف. وهدفت الحملة لرفع مستوى الوعي لدى الجمهور عن الشجرة، وضرورة حمايتها ونتج عن الحملة إعلانها الشجرة الوطنية للدولة، بالإضافة إلى زراعة الآلاف منها.
إقرأ أيضاً: القرفة.. بهار الحب والثروة