تنظر الأمم إلى آثارها، وتراثها، بوصفهما من دعائم النهوض والتقدم، فهي ليست مجرد شواهد تنتمي إلى الماضي، بل إن لها دوراً مؤثراً في صياغة الحاضر ومدِّه بأسباب القوة، وتنمية قيم إيجابية ضرورية للمستقبل.
ونظراً لأهمية التراث والإبداع في إرساء الأسس اللازمة لنشوء مجتمعات معرفة مفعمة بالحياة تزخر بأوجه الابتكار والازدهار، تحتفل الكثير من الجهات على مستوى العالم في شهر أكتوبر من كل عام، باليوم العالمي للآثار، كما أن معظم البعثات المتخصصة بالآثار تبدأ عمليات التنقيب والحفريات في هذا الشهر. ويستعرض التقرير التالي قطاع الآثار في إمارة أم القيوين، التي تعمل على تشجيع عمليات البحث والتنقيب عن الآثار ودعمها وتنظيمها في مختلف المناطق الأثرية في الإمارة، بهدف كشف المزيد من المراحل التي مرت في تاريخ المواقع الأثرية.
لقى أثرية
كشفت التنقيبات الأثرية في إمارة أم القيوين عن العديد من القصص التاريخية المهمة، منها: ثاني أقدم لؤلؤة طبيعية في التاريخ والتي يعود تاريخها للعصر الحجري الحديث، ويبلغ عمرها حوالي 7500 سنة، بالإضافة إلى العثور على العديد من اللقى الأثرية التي يعود تاريخها لـ7000 سنة في موقع أم القيوين 2، والاكتشافات الأخرى في موقع تل أبرق والتي يعود تاريخها لـ5000 عام.
ومن المواقع الأثرية في أم القيوين، موقع الدور الذي يعد من أهم المواقع الأثرية في دولة الإمارات بشكل خاص ومنطقة الخليج العربي بشكل عام، لتعدد فترات الاستيطان البشري فيه، والتي يعود أقدمها للألف الثالث قبل الميلاد، واستمرت حتى منتصف القرن الثالث الميلادي، وتعمل دائرة السياحة والآثار على إدراج الموقع ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو). ويتعرف الزائر لموقع الدور على تاريخ الاستيطان الذي شهدته المنطقة، من خلال ما يضمه من عناصر معمارية شاهدة على حضارة المكان وقصص الاستيطان، من خلال معالمه المشيدة من الحجر البحري، ومن أهمها معبد الدور الأثري معبد إله الشمس.
إله الشمس
معبد "إله الشمس" أو معبد الدور الأثري يقع في حوض تحيط به كثبان رملية من الناحيتين الشرقية والجنوبية، فهو المعبد الوحيد الذي يعود تاريخه للقرن الأول الميلادي، ووصف بأنه معبد الإله السامي شمش، استناداً للحوض الحجري المكتشف فيه، وهو حوض مستطيل الشكل توجد عليه تسعة أسطر من اللغة الآرامية، من بين الكلمات يظهر اسم شمش باللغة الآرامية، ومن الاسم تم الافتراض أن المعبد كان مكرساً لعبادة إله الشمس.
يذكر أن موقع الدور الأثري تم اكتشافه عام 1973 من فريق آثار عراقي، عمل على إجراء مسوحات أثرية في الدولة، وأسفرت نتائج المسح عن اكتشاف عدد من اللقى الأثرية على سطح الموقع، إضافةً إلى بقايا بعض المباني والمدافن من أهمها: بقايا قلعة صغيرة مربعة الشكل ذات جدران مبنية من الحجر البحري يبلغ طولها نحو 20 متراً، ولها في كل زاوية من زواياها الأربع برج دائري. كما عثر الفريق على مجموعة من الكسر الفخارية والمسكوكات، منها ما يعود لمركز سك محلي.
وفي عام 1980، قام عالم الآثار جين فرانسوا سال بمسح أثرى مكثف، في موقع الدور وقد نشر دراسة خاصة عن الفخاريات التي عثر عليها خلال المسح.
موقع الدور
قامت بعثة آثار بلجيكية في عام 1986، بقيادة عالم الآثار أرني هنرك بالتنقيب في الموقع لعدة مواسم، وأسفرت التنقيبات التي قام بها عن اكتشاف العديد من المباني الحجرية، مثل: معبد مربع الشكل غُطيت جدرانه بمادة الملاط، ويعود تاريخه للقرن الأول الميلادي ويتجه نحو الشرق، وقد أقيم أمامه عدد من المذابح والمدافن الحجرية. ويقع موقع الدور الأثري على الجانب الأيمن لشارع الاتحاد المؤدي من أم القيوين إلى رأس الخيمة، ويرتفع نحو 7 أمتار عن مستوى سطح البحر، ويطل على خور البيضاء مباشرة، وتبلغ مساحته الكلية نحو 3 كم مربع، وتغطي الكثبان الرملية المتوسطة معظم أجزائه التي تنتشر فوقها أشجار الغاف والسنم.