ما الذي يحدث بين نجوم الدراما السورية؟ وما الأسباب التي جعلت قامات مبدعة تسير في عالم القيل والقال؟ هل تحرف الفن عن مساره بعد أن كان صوت الناس، بل لون الأحلام؟!
اليوم بات المشهد مزدحماً بأصوات التشهير والسخرية ونشر الغسيل، وربما خلق دراما الاستهزاء، وأحياناً التنمر والتهاون والازدراء بزملاء المهنة، في مشهد أكثر من مؤلم، فهل يحرض القائمون على البرامج التلفزيونية والإذاعية على خلق بيئة عدائية بين الفنانين؟ والغاية صحافة صفراء، صحافة الفضائح، التي تشتري الخلاف ولا تهمها سمعة الفن؟
التريند السبب
منذ ظهور مصطلح (التريند) على مواقع التواصل الاجتماعي، يعمل بعض المشاهير على أن يكون جزء من هذا السيل الهائج بغية الإكثار من الانتشار، نظراً إلى أنه دعاية مجانية لكسب الجمهور، لهذا بدأ البعض يطلق تصريحات وجملاً الغاية منها الشهرة أولاً.
وهو ما دفع أيضاً بعض الأقنية الفضائية لإطلاق برامج هدفها إثارة الجدل والبلبلة ومنها (أكلناها)، و(راحت علينا) اللذان أطلقتهما قناة سورية، ومنذ البداية نلتفت إلى العنوانين المستفزين واللذين يشيران إلى الوقوع في ورطة، بما يحملانه من إشارة للخسارة، فما الذي أكله البعض؟ وما الخسائر التي حصدوها، لنقول الكلمة الشعبية راحت علينا؟
تصريحات مثيرة
من يتابع حلقة الممثل السوري يزن السيد في برنامج (راحت علينا) يلاحظ كيف أن المقدم هشام حداد قد استغل طيبة الفنان، وجعله يحكي كل ما سمعه عن أيمن زيدان وإبعاده للفنان فارس الحلو، وكان كلما ذكر شيئاً يقول: «هكذا سمعت ولا أدري صحة أي شيء»، ومن يتابع سيرورة البرنامج ربما يضحك مما يسمعه من حكايات تدور وراء الكواليس، بل يشعر بأن المذيع وبدهاء عالٍ يأخذ بعض ضيوفه ليبوحوا بكل شيء، ليس هذا فحسب، بل يترك فناناً شاباً يقيّم فنانين من الصف الأول، ويبدأ سلّم العلامات من صفر لعشرة، وعلى طرف آخر يبدأ طريق خسارة الأصدقاء الذي لا يمحوه ألف اعتذار.
هكذا قيّم يزن السيد زميله قيس الشيخ نجيب بأنه بلا موهبة، وبأن نجاحه ما هو إلا ضربة حظ، ولكنه أشار في تناقض صريح إلى إجادته في دوره بـ(أولاد آدم)، وقال ترفع له القبعة. ناهيك عن الدخول في الخصوصيات، الزواج والطلاق والحمل والخيانات، وبعد نشر غسيل الجميع، قال المذيع للضيف: «لن يبقى لك أحد يحكي معك سوى أنا هشام».
صايع ضايع!
على جانب آخر، نجد أساتذة في الدراما السورية، تأخذهم هذه البرامج من خفة الدم والمزاح والذي سرعان ما يتحول إلى تقييم ومن ثم يدخل في حرب، كما حدث بين الفنان أيمن رضا والفنان عبد المنعم عمايري، إذ اعتبر أيمن رضا أن زميله عبد المنعم عمايري فنان مبدع ولكن صايع وضايع، لأنه لا ينتبه على صحته، وهو ما استفز عمايري للرد من خلال منشور عبر فيسبوك بعد ساعات قليلة من البرنامج، فعبارة رضا صايع وضايع جعلت عمايري يرد بشكل قاسٍ جداً، وهو ما أشعل السوشيال ميديا، بعد أن كتب منشوراً، قال فيه: «شكراً لأنك طلبت مني أحافظ على صحتي وأنا بدوري كأستاذ جامعي مخرّج أهم الممثلين بطلب منك تحافظ على مركزك لأنو كلامك بالحلقة غير موزون مثل رقصك، وكم فيك من عيب وعم تعيب الناس، جمّع الأقزام حولك لتبدو أطول، نحن قامتنا ممشوقة بأعمالنا وبتاريخنا». وهذا أحد المؤشرات التي يستطيع فيها مقدم برنامج ذكي أن يجعل ضيوفه يثقون به فيطلقون ألسنتهم، ويا دار ما دخلك شر.
الغريب أن هذه الخلافات بين الفنانين السوريين لم تكن شائعة ولا منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن ربما الفراغ أو شتات الفنانين في أكثر من دولة، أسهم بشكل أو بآخر في خلق شروخ حقيقية بينهم، بل كان هذا منتشراً بين الفنانين اللبنانيين والمصريين، كنوع من لفت الانتباه، ولكن يبدو (ما حدا أحسن من حدا).
تجريد وتعيير
يحدث أحياناً أن يدخل الفنانون بتعيير زملائهم رغم نجاحهم ووصولهم إلى الجمهور العربي، فبدلاً من السعادة والمباركة بجهودهم، يفتحون عليهم أبواق التعيير ناسفين كل النجاحات، كما حدث حين أعلن الفنان كفاح الخوص أن زميله معتصم النهار قد فُصل من المعهد العالي للفنون المسرحية، لعدم وجود الموهبة لديه، وبأنه هو أستاذه.
وقبلها سمعنا الكلام ذاته من زهير رمضان نقيب الفنانين في سوريا، وهو يعير النجمة كاريس بشار، التي قدمت للدراما السورية أهم الأعمال التي وصلت إلى الجمهور العربي، وقد وصفها بالأربعينة، وبأنها لم تحصل على شهادة الثانوية العامة إلا بعد فوات الأوان.
هذا الوضع الذي وصل إليه البعض، هل نُحمّله لغياب الإعلام الجاد، أم لإعلام الصحافة الصفراء، التي تجعل من الخلافات انتصاراً لها، لأن جمهوراً كبيراً بات شغفهم القيل والقال، والذي سرعان ما يسهمون بنشره ووضع الملح والبهار ليزداد الجو قتامة.